العشاء الأخير

{title}
أخبار الأردن -

  مهندس ضيغم القسوس

في ليلة فائتةٍ كانوا يتدافعون إلى الملاجيء مع أوّل صافرة إنذار ، بعضهم يحمل مخدّته وآخرٌ يمسك بنطال بجامته وآخر يشدّ عشيقته من حزامها وآخر يتابع الأخبار من هاتفه الخلوي وآخر يرقب حركة الطّائرات المكلّفة بحراسة الأجواء . 
تسلّلوا بسرعة إلى الملاجيء وهم واثقون كالعادة انهم سوف يمضون الليلة بين لعب البوكر أو متابعة ما تبثّه القنوات العبريّة أو إحتساء الخمور أو احتضان العشيقات أو تناول ما يحلو لهم من كاسات الشّاي والسّاندويشات أو متابعة ألعاب التسلية على هواتفهم النّقالة أو إغفاءةٍ هانئة بانتظار يوم شاقٍ من العمل بين دخان الحرائق في ميناء حيفا أو من خلال غبار القصف والعصف الذي تدّعيه اسرائيل بأنّه استهدف مناطقاً مفتوحةً . 
في نهاية السّهر كان جنديٌ ينام في سرير صديقه المفضل وآخر يغفو على كرسيه وآخر أثقلت الخمرة خطاه فنام أسفل طاولة السفرة بانتظار أن يصحو على توقف صافرات الإنذار . 
وجاء الصباح وكان الصباح الأخير تناول الجميع إفطارهم وكان الإفطار الأخير بعد أن ارتدوا بساطيرهم وطواقيهم وسترات المقاومةللرصاص وجاءت المدرعات والسيارات لتقلهم الى خطوطهم الامامية ليلتحقوا في مدرعاتهم ودباباتهم على الخط الأزرق وفي مطاراتهم وقواعدهم  . 
كان يوماً شاقاً بين دخان القنابل ونيرانها وبين غبار عجلات الآليات المتسارعة وبين ضجيج الطائرات العموديّة وأزيز الصواريخ المنطلقة وبين وعود النتن ياهو بعودة أهل الشّمال الى بيوتهم ومدارسهم ومزارعهم وقراهم وقد كانت وعوداً جوفاء . 
وانقضى الصباح الأخير وجاءة الظهيرة الأخيرة حيث تمازجت حرارة الشمس الملتهبة بحرارة النيران المتوقدة من صواريخ المقاومة وطيرانها المسيّر ومدفعيتها المتمركزة . 
كانوا جميعهم يرقبون السّاعات بانتظار العودة الى ثكناتهم للاستحمام وتناول الطعام ولعب الشّدة كالعادة ومتابعة الأخبار وهل بدأ الإندحار والاتصال مع الاصدقاء والحبيبات . 
كانوا سبعين مقاتلاً وهم يهرولون الى قاعة الطعام بعد أن أوجعهم خبر مقتل وإصابة خمسة وثلاثين من زملائهم في الصباح ، 
لقد أتعبهم الجوع كما أتعبهم القتال ومنظر الدّماء وأصوات سيارات الإسعاف والنّجدة والطائرات العموديّة وصافرات الإنذار . 
إصطفوا خلف طاولات الطّعام بعضهم تناول كاساً من الشّاي وآخر كاساً من النّبيذ وصحناً وضع فيه الجبنة واللبنة ورغيف الخبز وقطع اللحم المشوي وبعضهم تناول الكثير من اسياخ الكباب والبندورة المشوية والحمص وبعضهم تناول الأرز والبطاطا والسبانخ . 
وقبل أن يطلب منهم المسؤول المباشرة في تناول الطعام ، وفي لحظةٍ من الهدؤ لم تخالطه صافرات الإنذار كان ضجيجٌ وكان انفجار ، كان ضجيجٌ أحدثه صاروخٌ اخترق الجدار وتبعته مسيّرة انقضاضيّة قررت الانتحار علة مائدة الطّعام فانهت حياة  وخدمة سبعين جنديّاً  صهيونياً وفي أيديهم ملاعق لم يمسها حساء الصعام بعد إضافة الى الجنود الثلاثين الذين قُتلوا وأصيبوا على الإفطار . 
مئة جندي في هذا الانفجار --- والحبل على الجرار --- وكنا قال سيد الثوار ( نصر الله ) سنضرب حيفا وما بعد بعد حيفا والى اللقاء مع مسيرة انقضاضية اخرى فهنالك عشاء اخير بعد طل إفطار

 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير