الواقع العسكري في جنوب لبنان

{title}
أخبار الأردن -

  د. راكز الزعارير

بات حزب الله في لبنان بمأزق وأزمة عسكرية صعبة للغاية في الوقائع الميدانية وطبيعة وحجم وزخم ودقة العمليات العسكرية لجيش الاحتلال في جنوب لبنان، بعد ثلاثة أسابيع على التحول الكبير بالعمليات العسكرية الاسرائيلية من غزه إلى جنوب لبنان.

العملية العسكرية الاسرائيلية تسعى لتحقيق هدفين استراتيجيين هما:

الاول: إنهاء اي هجمات عسكرية او تهديد لشمال إسرائيل لا بل لكل المناطق فيها، لانها اصبحت جميعها بما فيها تل ابيب وجنوب إسرائيل في مرمى صواريخ حزب الله، وخلق منطقة عازلة في الجنوب اللبناني بعمق ٦٠ كيلومترا باتجاه بيروت لحماية شمال إسرائيل.

الهدف الثاني: القضاء على قيادات حزب الله في الصف الاول والثاني والقيادات العسكرية الميدانية في كل المواقع كمرحلة استراتيجية ذات اولوية مهمة لخلق حالة فراغ في قيادة الحزب وخلق الصراعات الداخلية فيه وتفكيك الحزب وفك ارتباطه بايران والوصول إلى تجريده من السلاح وإنهاء الوجود العسكري المعادى لإسرائيل من جبهة لبنان.

العمليات العسكرية الحالية حققت تقدما واضحا في اغتيال قيادات الحزب وعلى رأسهم الامين العام حسن نصرالله ونائبه هاشم صفي الدين وقيادات النخبة من قوات الرضوان وقيادات استخبارات الحزب والقيادات العسكرية الصاروخية والتكنولوجية وعدد كبير من القيادات الوسطى والميدانية اضافة إلى شطب شبكات الاتصال الخاصة للحزب.

في المرحلة الحالية أصبحت الأوضاع العسكرية الميدانية في الجنوب حسب تقييمات الجيش الاسرائيلي مناسبة لعملة اجتياح بعد عدة عمليات اختراق استطلاعية قام بها الجيش والاستخبارات الاسرائيلية في مناطق متعدده من جنوب لبنان خلال الأسبوعين الماضيين.

اليوم نشهد حشد اربع فرق عسكرية اسرائيلية على الجبهة البرية وحشداً بحرياً مقابل الشواطئ اللبنانية لاجتياح الجنوب وتمشيط جيوب حزب الله حتى شمال نهر الليطاني كمرحلة اولى، وربما تمتد شهية جيش الاحتلال بعدها إلى ٨٠ كيلو مترا بتجاه الشمال لخلق حالة امان مقنعة لسكان شمال إسرائيل وإقناعهم بالعودة إلى مناطقهم بأمان.

يوازي ذلك ايضا استهداف كل الأماكن والمواقع التي يتواجد فيها كوادر من حزب الله في كل مناطق الدولة اللبنانية من أقصى الشمال إلى الجنوب ومستودعات تخزين الأسلحة، ويشمل ذلك بالإضافة إلى لبنان مناطق تواجد الحزب في سوريا التي تتعرض بشكل يومي لعمليات هجوم واغتيالات متتالية.

التقديرات الاستخبارية المختلفة تشير إلى ان حزب الله بات يعاني جدا من فراغ عسكري في القيادات وادارة العمليات العسكرية الدقيقة واتخاذ القرار باستثناء التوجيهات العامة من ايران وضباط الحرس الثوري الإيراني المنتشرين في لبنان وسوريا، وكذلك فقدان السيطرة على مناطق نفوذ الحزب في الجنوب والضاحية الجنوبية من بيروت والمعاناة من انعدام الامداد والدعم العسكري واللوجستي من ايران او عن طريق سوريا، ثم المعاناة من عدم قدرة الحزب على انتخاب امين عام، حتى ان الحزب يفتقد إلى قيادة تستطيع ان تعقد اجتماعا آمنا واحدا لبعض قيادا?ه لانتخاب امين عام.

وقد جاء خطاب نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم امس الأول ليشير بشكل ومضمون واضح إلى تراجع مواقف الحزب السياسية، وبانه على استعداد لفك الربط مع غزة، ويتخلى عن شرط وقف القتال على جبهة غزة لوقف النار على لبنان، ثم توجه الشيخ قاسم بالاستنجاد برئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وهو رئيس حركة أمل الشيعية اللبنانية ايضا وتأييد جهوده باتجاه حل سياسي ووقف إطلاق النار.

لكن في الواقع الميداني والعسكري فان التقديرات الاستخباراتية تعتقد بان شهية الانتقام الاسرائيلية لن تنتهى بتراجع حزب الله إلى ٦٠ كيلو متراً او ٨٠ كيلو متراً شمالا، بل ربما تمتد إلى مناطق نفوذ اخرى لايران في سوريا واليمن والعراق بالاضافة إلى رد عسكري مؤجل على ايران، والى ابعد من ذلك بناء على تقييم وتحليل طروحات رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو ورؤيته لمستقبل شرق اوسط مختلف.

 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير