المعلم هو الوطن ...
إبراهيم أبو حويله ...
المطلق في كل ما تسعى إليه ، وكل ما لا تستطيع الوصول إليه هو في الحقيقة حق ضائع أو هو حلم ضائع عندها لن تحترم وطنا ولا معلما .
المعلم هو الذي يحمل الأخر ليحقق الأخر حلمك أنت لا حلمه هو ، أنت تكسر الحجارة لتبني وطنا ، سواء كنت معلما أو موظفا أو عامل نظافة ، وفرق بين من يسعى لتنظيف الوطن وبناء الإنسان .
عندما تُعلم أبنك بأن يحترم المعلم ، ويحترم العامل ، ويحترم المواطن في كل المواقع ، وأن الوطن يقوم بهم جميعا ويحتاج إليهم جميعا ، وأن سعادة الإنسان قائمة في أن يكون إنسانا بصرف النظر عن شهادته ووظيفته ومكانته ، وان المجتمع يحتاج إليه كما يحتاج إليك ، وكم قدم أباؤنا لنا ، وهم بدون مسميات ولا شهادت ، ولكنهم رجال يستحقون بالغ الإحترام والتقدير والمحبة ، فهل تعني الشهادات والمسميات شيئا مع ما قدموه .
وبين من ينظف ما ألقاه الأخرون في الطريق لانهم كسلة قذرون لا يعرفون معنى أن انحني لانظف قاذوراتهم ، إذا كانت هذه النفسية موجودة في اي انسان عندها هذا الإنسان لايصلح لشيء .
وهنا يحضرني قول الفيلسوف الكبير علي عزت بيغوفيتش " إن الذي يملك القدرة على أن يرى النصر من تحت ركام الشدائد والمحن، و يستنقذ الخير المدفون في أعماق النفس البشرية ويستخرجه منها ليصوغ منها مادة للحياة الخيّرة الطيبة المباركة. من غير أن يهدم القديم وإن كان فيه صلاحاً فقط بحجة قدمه، أو يستهزأ بالآخرين لمجرد خلاف بالرأي أو اجتهاد بطريقة العمل، هو من الهداة والعلماء الصالحين الذين يسيرون على قدم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في منهج الإصلاح و التغيير، و هم أنفسهم القادرين على أن يأخذوا بيد الأجيال إلى برّ الأمان " انتهى
الطبيعي في كل مجتمعات الدنيا ، ان فئة قليلة هي التي تحقق الاهداف الكبيرة ، وهذا توزيع طبيعي ولكننا نحن نرفضه طبعا ، لأننا نريد توزيعا غير طبيعي ولا عادل ، وهذا ليس عيبا في احد في الحقيقة ولا هو مثلبة ، ولكنه الأمر الطبيعي في البشر ، ولكنه لن يتحقق لا في المجتمع ، ولا في اي مجتمع ، ولم يتحقق في التاريخ ، وهل يجب ان تقف حياة الإنسان في الوطن عند تحقيق هذه الأهداف التي لن تتحقق .
عندما تصبح المسميات والأموال والحروف التي نضعها قبل أسمائنا أهم منّا وممن حولنا ، ونسعى إليها بشكل مجرد لأننا نريدها ، بصرف النظر عما تحققه لنا ، عندها دعني أبشرك بأن الحياة التي تسعى إليها هي التعاسة والكآبة والإحباط وكراهية الأخر ومنافسته والحقد عليه .
ستبقى الكلمات كلمات ، وكل الأفعال التي نقوم بها إذا لم تنعكس بشكل عملي على الواقع فلن يحدث التغيير ، المعلم والطالب والأهل والمجتمع ، أين هي المعادلة القادرة على حل المعضلة القائمة هنا ، هل هي كمعضلة الإنتخابات ، تحتاج إلى حلول سحرية ، ويركض بعض من أدرك أهميتها خلفها لغاية في نفس يعقوب، وبعض من له منفعة رفعها علّ وعسى أن تصيبه بركة من بركاتها ، ومن خسر فيها حط منها وجعلها السبب في كل ما نعيشه .
لبنة سليمة هي الأساس وهذا البناء يتعامل مع من حوله على أساس الحقوق والواجبات ، طبعا هنا يجب أن نتكلم عن أسرة واعية تدرك ما تضع في رأس هذا الطفل الذي هو مشروع مواطن المستقبل .
وأن التعبئة السلبية أو الإيجابية ستنعكس على هذا الجيل ، وأنه لن يصلح بحال أن تغرس في رأس هذا الطفل كل السلبيات الموجودة في العالم ، والأخفاقات الموجودة في هذا الإنسان نفسه ، وكل تلك الأمور التي لم تستطع ان تحققها لأسباب مختلفة .
ومنها طبعا ما يتعلق بالإنسان نفسه وامكانياته وقدراته ، ومنها ما يتعلق بالمجتمع وهذا التنافس الطبيعي فيه ، ومنها ما يتعلق بالأخر الذي هو في صورة ما نحن ، ومنها ما يتعلق بالحكومة سلبا أو إيجابا ، وكيف أن البعض يضع كل سلبياته واخفاقاته وأحلامه التي لم تتحقق على كاهل الحكومة وأنها السبب فيما آلت اليه الأمور .
ثم طبعا تلك المحاولات الجادة والمستميتة ، من قبل الكثير من الاهالي والذين يسعون لتحقيق الطبيب أو المهندس ، أو المسؤول البارز أو التاجر الحاذق في هذا الطفل ، بصرف النظر عن امكانياته وقدراته ، وبصرف النظر عن الوضع المادي .
الوطن يجب ان يبقى هو الوطن بصرف النظر عن أنني تمكنت من تحقيق أهدافي أم لا ، وهنا مربط الفرس ، نحن مجتمع في الاغلب يعاني احباطا ويحمل على عاتقه حملا ثقيلا ، فالطفل يسعى لأن يحقق حلم الأب والأم والجد والجدة وباقي العائلة ، ولكن الظروف شاءت أن تكون معلما ، فهنا تدخل الغرف الصيفية محبطا ، ولن نتكلم عن المواقع الأخرى في المجتمع طبعا فالنتيجة واحدة .
والطالب محبط ويحمل حملا ثقيلا ، ورب الأسرة محبط والعائلة محبطة ، وهنا نتعامل جميعا مع بعضنا على أنك أنت السبب فيما وصلت إليه أنا ، فالبعض يرى كل من حوله مسؤول عمّا وصل إليه هو ، فلا مساحات ولا أعذار ولا تسامح ولا أخلاق ، وهنا عند أقل مشكلة صغيرة تخرج كل هذه الأحمال إلى المجتمع ، وأصبحنا نراها في صورة تزداد عنفا كل مرة .
ومن الممكن ان تكون حياة الإنسان البسيط المحاط بمن يحبه ومن يسعده ومن يهتم لأمره ، هي الحياة التي يجب أن نسعى إليها جميعا ، بصرف النظر عن طبيعة وشكل الأشياء المادية والمسميات المترفة التي نراها براقة ونسعى لها ، والتي لا نعرف تماما ما يرافقها .
المجتمعات تقوم بالمحبة والعطاء وتقبل الأخر سواء كان أخا أو إبن عشيرة أو منطقة أو وطن ، وعندما يتوفر لك عمل أي عمل ، فأنت تستطيع من خلال الحب أن تجعل هذا العمل منتجا متقبلا متطورا .
عندما نحمل هذه الروح لن تجد طالبا يلقى القمامة في الطريق أو لا يحترم معلما ، فضلا عن أن تجد أباء يشتركون مع أبنائهم في الإساءة للمعلم .