نصير يكتب :ألامة العربية بين الخطابات الرنانة والواقع المرير

 

بقلم الدكتور خلدون نصير

لقد اشتهر العرب عبر التاريخ بخطاباتهم الرنانة، واستعراضاتهم الثقافية التي تتجسد في الشعر والأغاني الوطنية. هذه الأدوات تشكل جزءًا أساسيًا من هويتهم الثقافية وتعكس فخرهم بتاريخهم وإنجازاتهم. ولكن عندما يتعلق الأمر بحرب الميدان والمواجهة الحقيقية، يختلف الأمر تمامًا.

في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل فرض قوتها وسطوتها على المنطقة، يبقى العرب مكشوفين أمامها، وكأنهم كتاب مفتوح لا يملك أي مقاومة حقيقية. إسرائيل مستمرة في بطشها دون رادع، غير مكترثة بالمعايير الدولية أو بردود أفعال المجتمع الدولي. في هذه المواجهة غير المتكافئة، لا يبدو أن أحدًا قد أعد العدة لمواجهة التحديات الفعلية. وكما قال الشاعر نزار قباني:

“إياك أن تقرأ حرفًا من كتابات العرب .. فحربهم إشاعة وسيفهم خشب.. وعشقهم خيانة ووعدهم كذب.”

لقد بات واضحًا أن المعارك الحقيقية ليست جزءًا من قواميس العرب في هذا العصر. فما يحدث في غزة وفلسطين من قمع وتدمير مستمر، وما يعانيه لبنان من أزمات، يعكس مدى الهشاشة أمام قوة إسرائيل التي تصطاد القادة والرموز أينما كانوا، وكأنها تتعامل مع العالم كعصفور صغير يقع في مرمى نيرانها دون تردد أو خوف.

في المقابل، تبقى الخطابات العربية والشعارات الطنانة والأغاني الوطنية مجرد أدوات للتنفيس العاطفي، غير قادرة على تغيير الواقع. حتى الأغاني الحماسية مثل أغاني جوليا بطرس، التي تعبر عن التحدي والمقاومة، لم تعد تلامس واقعًا يمكن أن يغير شيئًا.

أما المحللون وناقلو الأخبار، فهم يعيشون في وادٍ مختلف تمامًا عن الواقع. يواصلون ضخ الأكاذيب وتعزيز الأوهام في عقول الجماهير، مما يزيد من الإحباط واليأس. فالفجوة الكبيرة بين ما يُقال على المنابر وما يحدث على الأرض أصبحت واضحة للجميع.

والسؤال المطروح في النهايه

بينما تواصل إسرائيل تحدي العالم بأسره وتحقيق مصالحها بالقوة، يبقى السؤال مفتوحًا: هل سيظل العرب عالقين في فخ الخطابات الرنانة والشعارات الفارغة؟ أم سيأتي اليوم الذي يتحول فيه هذا الحماس اللفظي إلى قوة فعلية تواجه التحديات بجدية وواقعية؟