‏القادم أخطر .. وهذا ما يجب أن نفعله لحماية بلدنا

 

حسين الرواشدة

‏تبدو المرحلة القادمة ( الانفجار : أدق ) أخطر مما نتصور،  ما يجب أن نفعله هو أن نفكر بهدوء وبلا إنفعال للتعامل مع استحقاقات الحرب وتطوراتها،  أقصد مراجعة كل ما يلزم من خيارات واستعدادات، و معادلات وافتراضات ، لضمان حماية بلدنا واستقراره ،  والدفاع عن مصالحه العليا ، وتجنيبه ارتدادات ما يمكن أن يحدث من زلازل، عسكرية او سياسية.

‏جردة حسابات عام مضى، منذ بداية الحرب على غزة ، تكشف ما تم التوافق عليه في تل أبيب وبعض العواصم الكبرى من (بنك أهداف ) يجري تنفيذ كل ما ورد فيه،  دون أن نسمع كلمة (لا ) من واشنطن ولا غيرها،  هذا يعني أن يد إسرائيل أصبحت طليقة تفعل ما تريد ، وأن الفرصة التاريخية لفرض هيمنتها على المنطقة ، وتصفية القضية الفلسطينية قد جاءتها فعلا ، ولأجل ذلك تتصرف بهذا المنطق العدواني غير المحدود،  لا معنى،  أبدا ، ولا جدوى من تجاوز واقع ما حدث في غزة ، ثم في الضاحية الجنوبية ، تدمير كل البُنى التحتية ، وإعدام إمكانية الحياة على الأرض ، ثم اغتيال الرؤوس الكبيرة واختراق الأجهزة الاستخبارية والمعلوماتية بهذه السهولة، يؤكد ان تل ابيب استشعرت " نشوة الانتصار" ، وأن حرب  التصعيد لن تتوقف ،كما أن ميادينها القادمة ستشمل عواصم ودولا أخرى ، وأن استحقاقات ما بعدها ستكون كارثية على الجميع في هذه المنطقة .

‏يمكن أن أدخل في بازار التحليلات السياسية حول زلزال الضاحية الجنوبية ، واغتيال أمين عام حزب الله ، حسن نصر الله  ، او حول احتمالات ردود طهران المتوقعة و نهاية الصبر الاستراتيجي الإيراني ، أو حول امتدادات الحرب في الأيام القادمة ، خاصة إذا فازت ترامب ،  أو حول مصير غزة ومقاومتها،  هذا يحتاج إلى نقاش طويل اتركه لغيري من المنشغلين بهذه الملفات ، ما يعنيني ،الآن فقط ، هو الأردن،  وأعتقد أن من واجب الأردنيين الذين يتصدرون مشهدنا العام أن يديروا نقاشاتهم حول موضوع واحد ، وهو موقعنا في ظل هذه الحرب وتداعياتها وأخطارها ،  وما يمكن أن نفعله لمواجهة كل ذلك، في إطار الجهوزية الكاملة والاستعداد، على كافة المستويات.

‏في هذا السياق أشير إلى مسألة مهمة، وهي ضرورة إعادة النظر ببعض الافتراضات التي استندنا إليها ، منذ بداية الحرب وحتى الآن ، أهمها افتراضية الردع الدولي (التدخل الأمريكي تحديدا) لإسرائيل من أجل وقف الحرب أو الإكتفاء بما فعلت في غزة ، هذا لم يتم ولن يتم ؛ إسرائيل محصنة تماما من أي ضغط دولي حقيقي ، ومستمره أيضا في تنفيذ مشروعها   حتى النهاية ، ثم افتراضية أننا يجب أن نكون -لوحدنا - طرفا في هذه الحرب لمواجهة إسرائيل ، وأن نتحمل -وحدنا أيضا- كلفة المواجهة السياسية ،  واقع النظام العربي ، ناهيك عن تنازله عن مسؤولياته اتجاه القضية الفلسطينية ، وغياب أي عمق عربي او ظهير وحليف استراتيجي يمكن ان يساعدنا ، هذا وغيره يستدعي أن ندافع عن بلدنا ومصالحنا أولا ، وأن ندعم بكل ما نستطيع صمود أشقائنا الفلسطينيين،  كما يستدعي أن نفكر بهدوء ونتصرف بحكمة وعقلانيه ، فما يحدث محرقة كبرى مفتوحة على من يضع خياراته بالخطأ فيها ، وعليه وجب الانتباه والحذر.

‏أهم ما يجب أن نفعله ،كأردنيين ،  هو أن نثق بالدولة وخياراتها وإمكانياتها واضطراراتها ، ونصب جهودنا نحو عنوان واحد هو تمتين  جبهتنا الداخلية ، ودعم قواتنا المسلحة ومؤسساتنا الوطنية،  واجب الجماعة الأردنية التي لابد من حضورها في إطار واضح أن تشكل سندا وظهيرا للدولة ، وأن تضبط الإيقاع والمزاج العام ، وأن تطرح ما يلزم من أفكار ونصائح لتصحيح أي  اجتهادات او انفعالات قد لا تصب في المصلحة العليا للدولة ، لا وقت لمزيد من الانتظار أو الجلوس على مقاعد المتفرجين ، ولا عذر لمن يفكر بالاختباء  أو الانسحاب أو الحرد  والمناكفة،  الأردن في عين العاصفة ، ومن الجميع أن يتحرك لحمايته والحفاظ عليه ، والدفاع عن وجوده وحدوده.