القرار 1701… المرفوض من الحزب!
كتب خير الله خير الله:
لنفترض أنّ ما يسمّى كبار المسؤولين اللبنانيين يريدون بالفعل تنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الرقم 1701 الصادر في 11 آب 2006. عندئذ، يصير لزاماً على هؤلاء قراءة نصّ القرار. مثل هذه القراءة ضرورية كي يتأكّد هؤلاء أنّه يستحيل عليهم اتّخاذ أيّ خطوة في هذا المجال، ما دام لبنان لا يمتلك قراره… وما دام الحزب يرفضه رفضاً كاملاً.
مَن بين كبار المسؤولين يستطيع التعاطي مع هذا الواقع بدل الهرب منه معتقداً أنّ الألاعيب التي يمارسها لبنان يمكن تمريرها على دول المنطقة العربيّة وغير العربيّة وعلى العالم؟ الجواب أنّه لا يوجد، بين المسؤولين، من هو مستعدّ للتعاطي مع الواقع. هذا ما جعل الهرب من هذا الواقع بمنزلة هواية لدى هؤلاء المسؤولين اللبنانيين من أكبرهم إلى أصغرهم.
بين ما ورد في نصّ القرار 1701، “تأكيد أهمّية بسط سيطرة حكومة لبنان على جميع الأراضي اللبنانيّة وفق أحكام القرار 1559 (2004) والقرار 1680 (2006) والأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف، وأن تمارس (الحكومة) كامل سيادتها حتى لا تكون هناك أيّ أسلحة دون موافقة حكومة لبنان ولا سلطة غير سلطة حكومة لبنان”.
استحالة تنفيذ الـ1701
لماذا إضاعة الوقت في الأخذ والردّ. لا يستطيع لبنان بأيّ شكل تنفيذ ما ورد في القرار 1701. المقطع أعلاه نموذج عن مقاطع أخرى، وردت في القرار الذي وافق عليه مجلس الأمن بإجماع أعضائه. يعني القرار، بين ما يعنيه، أن تكون في لبنان حكومة قادرة على تحمّل مسؤوليّاتها والتزام القانون الدولي. هذا ما يعترض عليه الحزب الذي يرى في سلاحه غير الشرعي علّة وجوده وفي الدولة اللبنانية ذات القرار المستقلّ رفضاً للرضوخ لما تطلبه “الجمهوريّة الإسلاميّة” في إيران.
لا يعاني لبنان فقط من العقم السياسي الذي يعاني منه معظم زعمائه، خصوصاً أولئك الذين في السلطة، أو شبه السلطة. يعاني لبنان أيضاً من الطريقة التي يتطرّق بها المسؤولون فيه إلى الكارثة الحقيقية التي تسبّبت بها إيران عندما فتحت جبهة جنوب لبنان. على من يتحدّث عن تنفيذ القرار 1701 أن يبدأ بقراءة نصّ القرار والتمعّن جيّداً بكلّ بند من بنوده، بل بكلّ كلمة وردت فيه بدل توجيه الاتّهامات لإسرائيل بسبب خرقها المستمرّ للقرار.
نعم، خرقت إسرائيل القرار وما زالت تخرقه يوميّاً. لكنّ ثمّة حقيقتين لا يمكن تجاهلهما. الحقيقة الأولى أنّ الحزب رفض منذ اللحظة الأولى القرار لأنّه يخرج سلاحه ومسلّحيه من منطقة عمليات القوة الدولية والجيش اللبناني في جنوب لبنان. الحقيقة الثانية أنّ الحزب بادر، في اليوم التالي لشنّ “حماس” هجوم “طوفان الأقصى” انطلاقاً من غزّة، إلى فتح حرب مع إسرائيل. هذه حرب يدفع ثمنها اللبنانيون، خصوصاً أهل الجنوب الذين تركتهم الدولة اللبنانية لمصيرهم عندما وقّعت اتفاق القاهرة في خريف عام 1969. من يستفيد من تلك الحرب؟ من يستفيد من خرق لبنان للقرار 1701؟ المؤسف وجود حسابات إيرانيّة على الصعيد الإقليمي، فيما لا وجود لأيّ حسابات لبنانيّة تراعي مصلحة البلد ومواطنيه.
في غياب القدرة لدى الحكومة اللبنانيّة على لجم الحزب وإقناعه بأنّ تنفيذ القرار 1701 سيكون مطلوباً في يوم من الأيام، بطريقة أو بأخرى، ليس ما يمنع أن يباشر كلّ مسؤول لبناني قراءة نصّ القرار 1701. سيساعده ذلك في فهم لماذا تقف “الجمهوريّة الإسلاميّة” و الحزب في وجه القرار وفي وجه كلّ ما يمكن أن يحول دون أن يكون لبنان مجرّد “ساحة” لا أكثر!