توسيع نطاق الحرمان من الحماية الاجتماعية للأردنيين

 

كتب خبير التأمينات والحماية الاجتماعية موسى الصبيحي:

الأصل أن تعمل الدولة بكل أركانها ومؤسساتها على توسيع قاعدة المشمولين بنظم الحماية الاجتماعية لمواطنيها، أَمَّا أن تصدر أنظمة توسّع من نطاق الحرمان من الحماية وتقلّص من فُرَصها للمواطن، فهذا لا يمكن فهمه ولا يمكن تسويغه ولا يمكن قبوله.

دفعني إلى هذا القول صدور نظام تخفيض اشتراكات تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة للعاملين في منشآت القطاع الخاص رقم (45) لسنة 2024 والذي أصبح نافذاً من مطلع شهر آب/أغسطس الجاري.

سأفرد للحديث عن مثالب هذا النظام عدداً من المنشورات، لكنني أردت أن أؤكد في هذا المنشور بأن أكثر ما أغاضني وأثار غضبي فيه هو التوسع في المنشآت المشمولة به، فلم تعد تلك المنشآت الصغرى أو متناهية الصغر التي لا يزيد عدد العاملين فيها على (25) عاملاً فقط، والتي ربما تحتاج إلى نوع من التحفيز والتمكين حتى يصلب عودها، لكن النظام امتد مع الأسف إلى المنشآت متوسطة الحجم التي يعمل فيها ما لا يقل عن (26) عاملاً ولا يزيد على (50) عاملاً.

باختصار هذا النظام يشمل حوالي (96%) من المنشآت الخاضعة لأحكام قانون الضمان حالياً، أي حوالي (70) ألف منشأة فعّالة، فالنسبة العظمى من المنشآت هي ما بين صغرى ومتوسطة ومن فئة المنشآت التي لا يزيد عدد العاملين فيها على (50) عاملاً وفقاً لبيانات مؤسسة الضمان الاجتماعي.

وهذا للأسف أشدّ وقعاً وأكثر ضرراً بالعاملين الذين تنطبق عليهم أحكام هذا النظام، والذين ستتأثر فترات اشتراكهم بالضمان تأثراً سلبياً مباشراً جرّاء تخفيض ما تدفعه المنشآت عنهم لقاء شمولهم بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة بنسبة تخفيض (40%) بالنسبة للمنشآت الصغيرة، وبنسبة تخفيض (30%) بالنسبة للمنشآت المتوسطة.

هذا التوسع سيؤدّي إلى تشوّهات بالغة في منظومة الحماية الاجتماعية في الدولة فبدلاً من أن نسعى إلى ترسيخ أرضية الحماية الاجتماعية وتوسيع نطاقها، نعمل على خلخلتها وتشويهها مع الأسف، وهذا النظام الذي توسّع بشكل كبير في شمول منشآت القطاع الخاص التي لا يزيد عدد العاملين فيها على (50) عاملاً، سوف يلحق الأذى بالعاملين الشباب الأردنيين الذين لم يكملوا سن الثلاثين ولم يسبق لهم الشمول بالضمان. فلن تُحتَسَب كامل خدماتهم في هذه المنشآت كاشتراكات ضمان وإنما جزء منها اعتماداً على نسبة التخفيض الممنوحة لها.

هذا التوسع الذي جاء به النظام المذكور من شأنه أن يوسّع من نطاق الحرمان من الحماية الاجتماعية أو الانتقاص منه على الأقل.!!!

ولنا عودة