دولة من ورق ... ومن أكاذيب !!

 رجا طلب

ملفت للغاية سلوك دولة الاحتلال في تعاملها مع المنظومة القانونية الدولية ومع دول العالم بعد السابع من أكتوبر والتي انهالت عليها العديد من  القرارات  التي أدخلتها لأول مرة ومنذ قيامها قبل 75 سنة دائرة الوضوح والكشف عن طبيعتها العنصرية و"الحيوانية" وتميز هذا السلوك بعدد من ردود الفعل التي تعكس غطرسة وتبلد وشعور فارغ بالفوقية  لدى النخب السياسية فيها، وآخر محطة من محطات ردود الفعل لهذه الدولة كان تصويت الكنيست الإسرائيلي بأغلبية 99 من 120 عضواً هم كامل أعضاء هذا الكنيست لصالح مشروع قرار تقدم به نتنياهو شخصياً يمنع الاعتراف بدولة فلسطينية، وهذا القرار يعنى أن دولة الاحتلال وبكل مكوناتها السياسية وألوانها الحزبية هي في الحقيقة تشكل لوناً واحداً ألا وهو معاداة الحرية للشعب الفلسطيني والإيمان العقائدي بأنه وبدولته  يشكل نقيضاً وجودياً لها، كما أن هذا القرار يؤشر بشكل واضح على أن هذا المجتمع الإسرائيلي هو مجتمع مرعوب لا يملك أدوات مواجهة نقيضه الفلسطيني في معادلة صراع طبيعية  حضارية قائمة على  تحديد الهوية الحقيقية للأرض وللناس والعناصر الأساسية  للديمغرافيا والجغرافيا .

الرعب من المستقبل يدفع شخص مثل نتنياهو وهو "يعد مخزناً عميقاً من الكراهية للعرب"  ليتحصن  بقرار لدولة  مثقلة بسوء الأخلاق والوحشية لحسم الصراع  بشكل "بهلواني مضحك" من خلال قرار كهذا، وهو ما يدلل على أن نتنياهو ومجموع الأحزاب الإسرائيلية التي صوتت على قرار عدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية إما جهلة وليس لديهم أدنى فهم لطبيعة الصراع وقوانينه والتي أساسها وجود شعب متجذر في أرضه من المستحيل وبعد 75 سنة  من صموده  فوق أرضه  التي ورثها من أجداده فيما قبل التاريخ، من المستحيل إرغامه على الاعتراف بشرعية الاحتلال، وأما مجاميع من شذاذ الافاق الذين يؤمنون بأن منهج القتل والتدمير الوارد في "التوراة" قادر على تطويع الشعب الفلسطيني وسلبه حريته وهو أمر مازال يشكل مساحة كبيرة من عقل دولة الاحتلال التي ثبت لها بعد السابع من أكتوبر أن الفلسطيني ليس "هندياً أحمر" هذا الشعب الذي  أباده  "الانجلو سكسون" القادم للأرض الأمريكية   من بريطانيا وألمانيا وهولندا وغيرها من تلك الدول الأوروبية، ودولة الاحتلال  في الواقع ما هي إلا نسخة جديدة من "الأبيض الأمريكي" وهذا أحد العوامل المهمة التي تجمع بين واشنطن وتل أبيب وأقصد هنا "الوحشية الحيوانية"

بعد وصول مجمل ملف القضية الفلسطينية إلى محكمة العدل الدولية والبدء بالتحقيق بموضوع الإبادة الجماعية في غزة والوضع القانوني العام للوجود الإسرائيلي في القدس والضفة وغزة دخل الاحتلال في حالة غير مسبوقة من الاختلال الذهني في فهم ما جرى ويجري وفي تقبله، والأهم في كيفية الرد عليه حيث جاءت النتائج على النحو التالي:

•     باتت دولة الاحتلال في نظر العالم دولة مارقة لا تردعها القوانين والمواثيق القانونية والأخلاقية التي تلتزم بها دول العالم وبخاصة دول ما يسمى بالعالم الحر.

•     أصبحت وكما قال الكاتب اليساري الإسرائيلي جدعون ليفي كلمة مجزرة تعنى في القاموس العالمي وفي الوعي العالمي "إبادة" الشعب الفلسطيني في غزة وهو أمر نتج عن عدوان مستمر بضراوة وقتل وحشي وبكل الأدوات العسكرية في كل دقيقة على مدى أكثر من تسعة شهور راح ضحيته أكثر من 40 ألف إنسان منهم ما يزيد عن 10 آلاف طفل.

•     خسرت دولة الاحتلال صورتها كدولة تنتمي للعالم الحر بعد أن تجردت من إنسانيتها وتوقف زمنها عند تاريخ العاشر من أكتوبر وتحررت من كل أشكال الضبط الأخلاقي والقيمي في رد فعلها الانتقامي، وأدرجت على قائمة العار الخاصة بقتل الأطفال التي يقرها الأمين العام للأمم المتحدة وتساوت في ذلك مع طالبان وبوكو حرام وداعش والقاعدة أي باتت رسمياً دولةً إرهابية.

•     لم تخسر دولة الاحتلال صورتها في العالم كدولة متحضرة وكضحية في ذات الوقت بل خسرت صورتها أمام جمهورها كدولة قادرة على ردع أعدائها والمسيرة اليمنية "يافا" أجهزت تماماً على صورة "الجيش الذي لا يقهر" وكسرت كل القواعد التي بنى عليها جيش الاحتلال منظومته الأمنية والعسكرية.

السابع من أكتوبر كشف حقيقة الاحتلال الإسرائيلي، وغرس ثلاث صور في "العقل العالمي" وهي:

جيش بلا أخلاق، جيش يقهر وليس عصياً على الهزيمة، دولة ضعيفة ونمر من ورق .