"وثائقي العهد".. شهادات سياسيين أردنيين وعرب ودوليين لربع قرن من حُكم الملك
بدأ تلفزيون الخدمة العامة "قناة المملكة" أمس الأول السبت بث أولى حلقات "وثائقي العهد" الذي يعد سلسلة تلفزية توثق لعهد جلالة الملك عبدالله الثاني منذ تسلمه الحكم عام 1999.
وشارك في "وثائقي العهد" الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيسا الوزراء العراقيان الأسبقان إياد علاوي ومصطفى الكاظمي، ورئيس تيار الحكمة العراقي عمار الحكيم، وأمين عام جامعة الدول العربية الأسبق عمرو موسى، ورؤساء الوزراء السابقون في عهد جلالته عبد الرؤوف الروابدة، علي أبو الراغب، فيصل الفايز ، سمير الرفاعي وهاني الملقي.
ويبرز "الوثائقي" على لسان مسؤولين محليين وعرب ودوليين دور جلالة الملك المحوري محليا وخارجيا منذ ربع قرن، ويسلط الضوء على العمل الدؤوب الذي حافظ جلالته من خلاله على مكانة الأردن البارزة على المستويين الإقليمي والدولي.
ويوثق البرنامج شهادات تعرض لأول مرة حول محطات بارزة في حكم جلالة الملك منذ إعلان وفاة جلالة الملك الحسين بن طلال -طيب الله ثراه- حتى اليوم، حيث تحدث لـ "المملكة"، مدير مكتب جلالة الملك جعفر حسَّان، ووزير الداخلية الأسبق، وقائد مجموعة الأمن الخاصة عام 1999 حسين هزاع المجالي، ووزير الدَّولة لشؤون الإعلام الأسبق أمجد العضايلة، ووزير الخارجية الأسبق مروان المعشر، وزير المالية الأسبق أمية طوقان، ووزيرة التَّخطيط السَّابقة سهير العلي ووزير التربية والتَّعليم الأسبق خالد طوقان.
كما تحدث في البرنامج محافظ البنك المركزي الأسبق زياد فريز، والسفير الأردني لدى الولايات المتحدة عام 2002 كريم قعوار، وقائد مجموعة الأمن الخاص لجلالة الملك عبدالله الثاني عام 2008 أمين قطارنة، وكذلك عضو تجمع أصدقاء الأردن في الكونغرس الأميركي تشارلز بستاني، ومساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق ديفيد شينكير، ورئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط غسان شربل، ونائب قائد القوات الأميركية عام 2003 مارك كيميت والمدير التنفيذي لمعهد واشنطن روبرت ساتلوف.
ويشرح المسؤولون المحليون الذين كانوا في مواقع المسؤولية المختلفة رؤية الملك عبدالله الثاني في بناء الدَّولة، وكيفية انتقال الحكم بكل سلاسة وبشكل مؤسسي يحترم ويصون الدستور، فيما قدم السياسيون العرب والدوليون شهاداتهم حول دور الملك القيادي في ملفات خارجية.
وفي الحلقة الأولى، قال رؤساء وزراء ووزراء ورؤساء مجالس أعيان ونواب وقادة أمنيون ومسؤولون ماليون واقتصاديون، إن الهدف الأول لجلالة الملك عند تسلمه سلطاته الدستورية كان التعامل مع الوضع الاقتصادي ومواجهة الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة ككل، وبناء الاقتصاد واستدامته كأولوية قصوى.
وبينوا أن وفاة الملك الحسين ألقت بظلالها على الملك عبدالله الثاني بحزن كبير، لكنه في تلك اللحظة كان يدرك أنه أصبح المسؤول الأول في قيادة الأردن، وآثر العمل من فوره بعد تأديته القسم في مجلس الأمة، إذ سعى جلالته كي يصبح الجميع شركاء في بناء الدولة والتحديث والتطوير والتخطيط في كل القطاعات وبما يضمن المرور إلى المئوية الثانية بكل ثقة وقوة.
المسؤولون أشاروا إلى أن الملك عبدالله الثاني لم يجلس في المكاتب ليتابع إدارة الدولة، بل إنه تخفّى ذات مرة بصفة مواطن طاعن بالسن لمراجعة دائرة تعنى بخدمة الأردنيين، وبعد أن تسرب الخبر للأردنيين أدرك المسؤولون والناس أن العمل سيكون تحت مراقبة الملك شخصيا وستتم المحاسبة على هذا النحو، مؤكدين أن رؤية جلالته الاقتصادية تركزت على ضرورة بناء دولة منتجة تعمل على استبدال المساعدات الخارجية قدر الإمكان باستثمارات خارجية، ويساند ذلك بناء قدرات بشرية لاستدامة الاقتصاد ومواكبة التطورات.
ويؤكد رجالات الدولة أن الملك وفي أول زيارة خارجية للولايات المتحدة الأميركية طلب الانضمام إلى اتفاقية التجارة الحرة والدخول الى منظمة التجارة العالمية للانتقال من النظام الاقتصادي الريعي التقليدي الى الانفتاح على النظام الاقتصادي العالمي، الأمر الذي تحقق وأصبح الأردن من أوائل الدول التي انضمت إلى هذه المنظمة، وكان ذلك من المؤشرات التي أبرزت أن الملك يعمل على وضع الأردن على سكة النمو الاقتصادي وبطريقة الاعتماد على الذات وتسويق المنتج الأردني وجذب الاستثمارات ورفع حجم التبادل التجاري.
ولفت المسؤولون الذين كانوا شهودا على بداية عهد الملك، إلى أن جلالته حافظ على الإرث الكبير لمكانة الأردن التي تركها جلالة الملك الحسين، وبدأ ايضا بفتح قنوات جديدة والبناء على السابقة سواء في المحيط العربي أو الإقليمي أو الدولي، وهذا يشير إلى أن الملك كان يحمل رؤية ثاقبة لقيادة الأردن وأن نهجه في الحكم سيكون تطويريا وتحديثيا ويواكب تطورات العصر ومواجهة الأزمات التي تظهر بين حين وآخر.
وقال مسؤولون في التخطيط والإدارة العامة إن الملك في بداية عهده التفت إلى قطاع تكنولوجيا المعلومات والاستثمار به وجذبه إلى الأردن وعمل على الانفتاح على كل التجارب العالمية، وركز على المنعة الاقتصادية، واتجه إلى التفكير بتحويل العقبة إلى منطقة اقتصادية لتشجيع الناس على العيش والاستثمار في هذه المدينة البحرية لتكون معبرا جديدا لدول المشرق العربي وليس لتلبية حاجة الأردن فقط، فكان لها ما أراد جلالته.
وكانت تنمية الموارد البشرية على رأس التفكير الملكي- يضيف مسؤولون لتلفزيون المملكة- حيث إن هذه التنمية ستكون الأساس في التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبدأ جلالته بوضع الخطط لقطاع التعليم حيث كان يتابع أدق التفاصيل في تطوير هذا القطاع، والبحث عن حوسبة التعليم وربط المدارس بشبكة الانترنت، فانعكس ذلك على الطلبة ومستوياتهم المحلية والعربية والدولية.
الحلقة الأولى التي امتدت لأكثر من 45 دقيقة وثقت لطريقة تفكير الملك في بداية عهده وآليات إدارة الأردن ولعمله المستمر في تعزير متانة أساسات الدولة، والانطلاق إلى خطط قابلة للتطبيق بعيدا على التنظير والبيروقراطية والروتين القاتل.
وأدلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشهادته في عهد جلالة الملك الميمون، حيث قال، إن جلالته كان دائما يقدم المشورة ويتباحث معه قبل كل زيارة لدول القرار الدولي، إذ كان يتحدث بالقضية الفلسطينية ويشير إلى موقفه الثابت والدائم والداعم للحق الفلسطيني.
وتطرق الأمين العام لجامعة الدول العربية الأسبق عمرو موسى خلال شهادته إلى جهود جلالته منذ البداية لإقامة الدولة الفلسطينية وحق تقرير المصير الواقعي وتوفير الأمن للفلسطينيين.
وروى وزراء خارجية أردنيون شهاداتهم على رؤية ونهج الملك عبدالله الثاني فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، مشيرين الى أن جلالته كان واضحا منذ البداية بأن القضية الفلسطينية ليست قضية تخص الفلسطينيين وحدهم، بل هي أيضا أردنية والبحث عن الحل هاجس ومطلب لن يتغير.
ويعرض "الوثائقي" لشهادة مساعد وزير الخارجية الأميركية الأسبق ديفيد شينكر حول جهود الملك في تحقيق السلام العادل والشامل وبما يضمن العدالة ويحقق تطلعات الشعب الفلسطيني، وهذا ما يؤكده أيضا المدير التنفيذي لمعهد واشنطن روبرت ساتلوف حول السعي الدؤوب لجلالة الملك في التوصل لحل دبلوماسي للقضية الفلسطينية.
وقدم رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي شهادته في حنكة وحكمة جلالة الملك حين كانت طبول الحرب تقرع ضد العراق حيث بذل جلالته كل جهد لمنع وقوعها، مشيرا الى "تحذير جلالة الملك من مغبة الحرب على العراق واستثمر علاقاته مع الدول المؤثرة لتجنيب العراق هذه الحرب" ولم يدخر جلالته جهدا ولا وسيلة لدعم العراق بكل ما أوتي من قوة.
وفي حلقته الأولى يثبت "الوثائقي" أن عهد جلالة الملك وبشهادة مسؤولين محليين وعرب ودوليين كان مبنيا على ثوابت هدفها الأول حماية الأردن وتنميته والصعود به وتجاوز الأزمات، والوقوف إلى جانب الحق العربي في فلسطين وعدم تغييره مهما بلغت الكلف الكبيرة والقاسية في كثير من الأحيان.
وستعرض "المملكة" الحلقة الثانية من سلسلة "وثائقي العهد" قريبا يتحدث خلالها عدد من المسؤولين عن أحداث مرت على الأردن والمنطقة.