مجلس وزراء الإعلام العرب يقر استراتيجية أعدها الأردن للتعامل مع "منصات التواصل الاجتماعي"

أقر مجلس وزراء الإعلام العرب في دورته العادية الثالثة والخمسين المنعقدة في العاصمة المغربية الرباط، الأربعاء، الاستراتيجية العربية الموحدة للتعامل مع شركات الإعلام الدولية "منصات التواصل الاجتماعي" والتي أعدتها المملكة الأردنية الهاشمية بتكليف من مجلس وزراء الإعلام العرب. كما أقر المجلس، بناءً على توصية وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل الشبول، تشكيل فريق فني عربي للتفاوض مع شركات الإعلام الدولية، برئاسة الأردن وعضوية كل من: السعودية، والإمارات، ومصر، والمغرب، وتونس، والعراق، والأمانة الفنية لمجلس وزراء الإعلام العرب واتحاد إذاعات

الدول العربية، على أن يعقد الفريق اجتماعه الأول في شهر تموز المقبل في عمان؛ لوضع خطة عمل وآلية تفاوضية مع هذه الشركات. وتتضمن الاستراتيجية، التي حظيت بتأييد عربي في جميع اللجان التي ناقشتها وعرضت عليها، ورقة استراتيجية وتصور متكامل، ومشروع قانون استرشادي عربي موحّد لتنظيم عمل وسائل التواصل الاجتماعي وحماية وسائل الإعلام العربية وجمهور المستخدمين، بالإضافة إلى

مشروع قانون استرشادي عربي لمنع خطاب الكراهية. وكانت اللجنة الخاصة لوضع خطة عمل تنفيذية للاستراتيجية الإعلامية العربية الموحّدة للتعامل مع شركات الإعلام الدولية قد اجتمعت في مستهل انطلاق أعمال الدورة الـ53 لمجلس وزراء الإعلام العرب، الاثنين، وأقرت الآلية التنفيذية الواردة في الاستراتيجية المقدمة من الأردن بهذا الخصوص، كما وافقت على تشكيل فريق عمل عربي، برئاسة الأردن، لتنفيذ

بنودها. وتأخذ الاستراتيجية عند تطبيقها، وفقا لقرار مجلس وزراء الإعلام العرب، أولويات تطويرها وفقا للمستجدات ومتطلبات التحديث التي يشهدها قطاع الإعلام والاتصال وأدواته الحديثة، إلى جانب مراعاة اللوائح والقوانين الناظمة في الدول العربية، وبما يحقق قاعدة عربية متقاربة، تشريعية وضريبية، تساعد في حماية المحتوى العربي والمستخدمين العرب وتحقيق الربح الفائت لوسائل الإعلام العربية نتيجة

استخدام المحتوى الخاص بها من قبل شركات الإعلام الدولية. وتستند الاستراتيجية، التي قدّمها الأردن بعد الاطلاع على التجارب الدولية، وخصوصاً الأوروبية، في هذا المجال، إلى مجموعة من المبادئ التي تؤكد أهمية وسائل التواصل الاجتماعي ودورها الإيجابي في التواصل والنقاش العام، وأهمية حماية هذه الوسائل والمستخدمين لها من خطاب الكراهية، والفضاء العام من المحتوى الضار، وتجريم الفعل في

الفضاء الرقمي كما هو مُجرّم في الواقع الفعلي. كما تضع الاستراتيجية في محاورها وأهدافها بنوداً تقوم على مبدأ إنصاف المحتوى الفلسطيني، ومحاربة جميع أشكال الكراهية الرقميّة ضد العرب والمسلمين، وأن ما يُنشر بالفضاء الرقمي لأي دولة عربية يخضع لتشريعات هذه الدولة التي تحدد المحتوى غير القانوني في وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، إضافة إلى أنه وأسوة بقوانين الصحافة والإعلام،

فمسؤولية المحتوى غير القانوني تقع على منشئ المحتوى والمنصة التي نشرته. وتُطبّق الاستراتيجية العربية الموحدة على مزودي الخدمات والمحتوى الإعلامي متعدد الوسائط التي تهدف إلى الربح، ويشمل منصات وتطبيقات الإنترنت المصممة لتمكين المستخدمين من مشاركة محتواهم مع مستخدمين آخرين، أو تُمكّنهم من صناعة أو نشر محتوى متاح للعموم، وتسري بنود الاستراتيجية الموحدة على منصات

التواصل الاجتماعي التي يكون عدد مستخدميها 500 ألف فأكثر داخل الدولة المشرعة لهذا القانون. كما تتناول الاستراتيجية تنظيم منصات البث الرقمي التي تعمل بتقنية وأسلوب Streaming مثل تطبيقات OTT وخدمات IPTV التي توفّر محتواها رقمياً عبر الإنترنت، بحيث تتم عملية المشاهدة on-demand، ولا تبث محتواها وفق جدول زمني ثابت، وتوفر المحتوى بمقابل مالي يؤديه المشاهد على شكل

اشتراك دوري أو عند الاستخدام، كمنصات: نيت فليكس Netflix، وآبل تي في Apple TV، وأمازون برايم فيديو Amazon Prime Video، وهولوHulu، وديزني بلاس Disney+. ولا يسري على المنصات والوسائل الاجتماعية وتقنيات الإنترنت التي توفّر محتوى صحفيا أو تعكس وجهة نظر صحفية أو إعلامية أو تحريرية. وجاءت الاستراتيجية بمبادرة من المملكة الأردنية الهاشمية التي قدّمت اقتراحات

بخصوص ضرورة تنظيم عمل شركات التواصل الاجتماعي، وفي الدورة (52) لمجلس وزراء الإعلام العرب التي انعقدت في القاهرة أيلول الماضي، تم تشكيل لجنة عربية لإعداد استراتيجية عربية شاملة والاستفادة من التجارب الدولية، حيث عمل الأردن، رئيس اللجنة، على إعداد استراتيجية مفصّلة تمت بعد زيارات ومشاهدات وإطلاع على تجارب دولية في ألمانيا وأستراليا خصوصاً، والتشريع الأوروبي عموماً.

وبعد مداولات ونقاش عربي موسّع، رحّب المكتب التنفيذي للمجلس في اجتماعه بالكويت في آذار هذا العام بالاستراتيجية التي عرضها وزير الاتصال الحكومي، أمام الاجتماع التشاوري للمكتب التنفيذي، ليتم عرضها في اجتماع مجلس وزراء الإعلام العرب بالرباط في دورته الحالية الـ(53)، حيث أقرها المجلس ضمن القرارات الصادرة عن دورته. ووفقاً للاستراتيجية، تلتزم شركات الإعلام الدولية- التواصل

الاجتماعي، بتأمين قنوات واضحة الاستخدام للتبليغ عن المحتوى غير القانوني، وتوفير تمثيل قانوني لشركات التواصل الاجتماعي والمنصات في البلاد العربية؛ يتولى التبلّغ بالإجراءات القانونية المتخذة وفقاً لهذه الاستراتيجية ، كما على هذه الشركات تمكين كوادر بشرية وإيجاد إمكانيات تقنية للتعامل مع الشكاوى، وحذف المحتوى الواضح عدم قانونيته خلال (24) ساعة من الشكوى، والمحتوى غير الواضح عدم

قانونيته خلال 7 أيام من الشكوى. كما تنص الاستراتيجية على حماية المستخدمين القصّر، وعدم استخدام التقنيات (الخوارزميات) التي تحجب أو تحد من انتشار المحتوى المساند لعدالة القضية الفلسطينية والقدس الشريف والذي لا يشكّل أي انتهاكات أخرى وفقا للقانون الدولي، والتعاون السريع من قبل هذه الشركات مع السلطات الرسمية في حالات الكوارث الصحية أو الأمنية. وتنص على تمكين المستخدمين

الأفراد أو مجموعات المجتمع المدني المدافعة عن حقوق ومصالح المستخدمين، والتحقّق من كيفية إدارة وتنظيم المحتوى على المنصات الرقمية، ومنع المستخدمين المكرّرين للمخالفات الجسيمة من الحضور على تلك الوسائل واستغلالها والنشر عبرها. ويشمل المحتوى غير القانوني الذي تتعامل معه الاستراتيجية على سبيل المثال لا الحصر : الأخبار الكاذبة والمزيفة وحملات التضليل، خاصة ما يتسبّب منها بفعل جرمي، وحملات التأثير في العمليات الانتخابية الديموقراطية بشكل ممنهج ومموّل، ونشر الدعاية الإعلامية والترويجية لمؤسسات محظورة بمقتضى التشريعات، والتشجيع على أعمال ومخالفات تهدد أمن الدولة،

ونشر الوثائق المزورة أو تزوير البيانات لاستخدامها كأدلة، وإقلاق السلم المجتمعي. وأيضاً من الأمثلة التي تعالجها الاستراتيجية، الترويج للمنظمات الإجرامية والإرهابية والمتطرفة، وانتهاك الخصوصية بما في ذلك التصوير والنشر وخطاب الكراهية؛ كالإساءة إلى الحضارة العربية والإسلامية والعقائد والأديان جميعها، وإثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الطائفية أو التحريض على كراهية الأقليات وربط الإرهاب بالعرب والمسلمين والترويج للإسلاموفوبيا، والحض على العنف والتطرف والتحريض العلني على ارتكاب الجرائم والتهديد بها، والمحتوى الإباحي أو الاستغلال الجنسي أو استغلال الأطفال جنسيا. أما منصات

البث الرقمي التي توفّر محتوى رقمياً عبر الإنترنت، فالاستراتيجية تعالج استخدام الأطفال القصّر لمحتوى هذه المنصات وما تعرضه للمشاهدين من محتوى غير مناسب أخلاقياً وقيمياً للجمهور العربي أو محتوى ضد العرب والمسلمين، وينظم القانون عدم توفّر المحتوى العربي الأصيل الموجه للجمهور العربي عبر هذه المنصات بما فيه المحتوى الفلسطيني أو المؤيد للقضية الفلسطينية، بشكل يتناسب مع حجم المحتوى

الآخر باللغات الأخرى، وأيضاً كيفية عرض الإعلانات ضمن محتوى هذه المنصات. أما في حال مخالفة شركات التواصل الاجتماعي والمنصات لأحكام هذه الاستراتيجية، فالعقوبة هي غرامة لا تقل قيمتها عن 100 ألف دولار ولا تتجاوز 2 مليون دولار، أو غرامة مالية تصل نسبتها إلى 6 % من إجمالي عائدات عمليات وسائل التواصل الاجتماعي دوليا أيهما أعلى، أو الحجب المؤقت لوسيلة التواصل الاجتماعي إلى

حين تصويب أوضاعها. ووفقاً للاستراتيجية، تتعهد الدول العربية الملتزمة بها بتوجيه أي عائدات تعويضية تحصلها من منصات التواصل الاجتماعي ومنصات البث الرقمي ومحركات البحث إلى جهود نشر الدراية والتربية الإعلامية والمعلوماتية ومحاربة الأخبار الكاذبة والمضللة ودعم مبادرات التحول الرقمي في وسائل الإعلام الورقية والإذاعية والتلفزيونية ودعم استدامة وسائل الإعلام غير العمومية (غير المستفيدة من التمويل الحكومي).