عَمّان والكويت وبوصلة الاتجاه والتعاون

كتب: محمد علي الزعبي 

 

     لم تكن دولة الكويت يوماً بمنأى عن الساحة العربية، والقضايا الشائكة التي زعزعت بعض دولها، ولم تكون الا سنداً وداعمة حقيقية للمواقف العربية  المتزنة  بمواقفها العروبية  ، متخذة من التشابك والتفاعل نهج  طريق في العلاقات مع الدول العربية، متجاهلة للنظرة التقليدية أو الكلاسيكية في أوجه التعاون العربي ، التي تخرج أحياناً عن إطار الساحات العربية والاهداف الخاصة التى تبني عليها دول اخرى، في توجيه سياستها لخدمة الاشقاء العرب.

   دولة الكويت لم ولن تكون مكبلة بالقيود التي تتراكم في زوايا سياسات بعض الدول كنتاج للتأثير والنفوذ من جهات خارجية  ، فقراراتها سيادية عروبية، لا ترتكز على النمط الصراعي مع الاشقاء ، بل تعتمد على النمط التعاوني الذى  يخلق بيئة عربية ذات مغزى واهداف سياسية واقتصادية وعسكرية وثقافية واجتماعية تسهم في صقل حياة مثلى للمجتمعات العربية  التي تخطتها بمساهماتها الى الدول الاسلامية في تعزير اطر التعاون بما يخدم الصالح العام بعيداً عن التوتر والفتور والتأزمات الدولية التي تشوب المنطقة.

     ان العلاقات التي تربط المملكة الاردنية  الهاشمية مع شقيقتها دولة الكويت هي علاقات نموذجية وتاريخية وذات اصول متجذرة ، اذ تحتفظ الذاكرة بتلك العلاقة الاخوية بين المغفور لهما جلالة الملك الحسين بن طلال، واخيه سمو الشيخ جابر الاحمد الصباح  التي اتسمت بالشفافية والوطنية وصدق القول والعمل ، لبناء شراكات ومواقف موحدة تجاه الشأن العربي ، وتعزيز علاقة الشراكة والتعاون بين الاردن والكويت في جميع المجالات والقطاعات التي تخدم البلدين ، إضافة الى تمكينهما من تحليل الظواهر الدولية والتنبؤ بها ووضع الحلول المناسبة لتلك المعضلات او الظواهر قبل حدوثها.

    حظيت الأردن والكويت  بعلاقات ذات اهتمام مشترك بين جلالة الملك عبدالله الثاني، واخيه الشيخ صباح الأحمد الصباح رحمه  الله وغفر له الذي كان يعد الأردن هي الكويت والكويت هي الأردن ، وهو ما صرح به رحمه الله أكثر من مرة في لقاءته أو من خلال التمثيل الدبلوماسي ، واشارته الى فتح كل الامكانات أمام الأردن ، ومقولته لاحد السفراء: (انت ذاهب عند اخي) وهذه تحمل معاني عظيمة من التآخي والترابط والفكر المشترك ، التي جمعت بين جلالة الملك واخيه الشيخ صباح الأحمد رحمه الله.

  وتستمرالمسيرة في التعاون المشترك وتعزيز اواصرها بين البلدين الشقيقين باهتمام ومتابعة من لدن جلالة الملك عبدالله الثاني، واخيه سمو الشيخ نواف الاحمد الجابر الصباح مؤكدين أنها علاقات تكاملية في الاهداف والتوجهات الاقليمية والعربية  ، لتكون رديفا لموقفهما في القضايا العربية  وبناء شراكات واوجه التعاون بين البلدين بما يحقق رؤيتهما في المجال السياسي العربي و السياسات الخارجية  و في مجالات الشان الداخلي بين الطرفين في جميع المجالات التي تنعكس على مجتمعي البلدين ، وافاق تدعيم التنسيق والتشاور المستمر بين البلدين في علاقة اخوة ومصير مشترك وتطابق في وجهات النظر تسير بخطى ثابته في جميع الاصعدة  ، بتوجيه القيادتين و حكومتي البلدين  ، التي خلقت اجواء مقدسة  واثرا كبيرا بين شعبي البلدين وكان لها انعكاساتها الايجابية في العمل المشترك وتحقيق رغبة قيادة البلدين في التعاون المشترك من خلال مؤسسات الدولتين وعلى الصعيد الشعبي وغرف الصناعة والتجارة.

ونتيجة  للاعباء الاقتصادية والسياسية التى لحقت بالاردن نتيجة الصراعات الدولية والاقليمية  واللجؤ السوري كان لدولة الكويت الدور الاكبر في الوقوف مع الاردن  اقتصاديا  واسهم هذا الدورفي تعزيز حالة اخوية بين حكومتي البلدين والشعبين الشقيقين.

  ان ما قدمته  دولة الكويت  من دعم ومساندة للاردن ينم عن موقف عربي واخوي من قبلها للاردن ،اضافة الى استضافتها عدد كبير من الاردنيين للعمل ، وارتباط البلدين بأكثر من( ٧٥) اتفاقية تعاون تشمل جميع اوجه التعاون بينهما ومنها التنسيق السياسي والعلاقات الاقتصادية والتعاون الامني والاستثماري والثقافي والاعلامي ، وتعد دولة الكويت من اكبر الدول استثمارياً في الاردن اذ تجاوز حجم الاستثمارات 20 مليار دولار ، اذ تعد الاردن لدى الاشقاء الكويتيين واحة امن واستقرار وجاذبة للاستثمار لوجود القوانين والانظمة التي تخدم المستثمرين ، وهذا دليل على عمق العلاقات بين البلدين ، التي ارست قواعدها قيادتا البلدين بالتكريزعلى استخدام الإمكانات لبناء مستقبل واعد بين البلدان منفتح على التغير والتطور والتحديث  والتفعيل لكل الاتفاقات التى تضمن القواعد الاساسية للتشاركية ، وافاق اوسع من التعاون يستوعب السياسات الجديدة في الاقليم  ، وتحقيق النمو الشامل ورفع سوية العمل المشترك  ، والتغلب على كل المعيقات في التخطيط  والتنفيذ  ، ضمن جهود دؤبه من كلا الطرفين.

  ويجب علينا ان نُشير بكل وضوح وشفافية الى دور السفير الكويتي في الاردن عزيز الديحاني في رسم خريطة طريق في المتابعة  والتنسيق بين لبلدين ودوره المحوري  في دفع عجلة التعاون والتشابك  ،  وخلق اجواء من التقارب بين مؤسسات الدولتين وتفعيل الاتفاقيات والعمل على متابعتها بالتنسيق مع كل الجهات ذات العلاقة  ، والمشاركة في خلق محيط  من التالف والربط المباشر ، في اطار رؤية وطنية شاملة تخدم المصالح المشتركة بين البلدين  ، وسعيه الدؤب والمتواصل في بناء الية عمل مشتركة من خلال اتصالاته وتواصله مع كل الجهات الكويتية او الاردنية في تحقيق الغاية والاهداف التى رسمها قادة البلدين.