هجرة المدارس الخاصة.. ضغط على البنية التحتية والمستوى التعليمي بالحكومة
خاص- تُقر وزارة التربية والتعليم أن أكثر المشكلات التي تواجهها مطلع كل عام دراسي هي أعداد الطلبة الذين ينتقلون من المدارس الخاصة إلى الحكومية بصورة تخلق الارتباك والضغط الكبير على البنية التحتية في المدارس الحكومية.
وتشير الإحصائيات إلى أن معدل الانتقال من المدارس الخاصة للحكومية وصل لأكثر من ٢٠٠ ألف طالب وطالبة العام الماضي.
وظهرت أزمة الانتقال إلى المدارس الحكومية مع انتشار فيروس كورونا، ما دفع الكثير من العائلات الأردنية إلى نقل أبنائها من المدارس الخاصة إلى الحكومية؛ وذلك بسبب انتقال التدريس إلى التعليم عن بعد وتراجع الفائدة التعليمية المرجوة، إضافة إلى التخفيف من الأعباء المالية والتي تسببت بها آثار الجائحة.
الحكومة تقر بمستوى التعليم الخاص
أقر وزير التربية والتعليم الدكتور وجيه عويس قبل أيام بوجود طبقية في التعليم، وأنه من غير الممكن إنكار ذلك، قائلا إن "بعض البرامج الأجنبية في المدارس الخاصة تخرّج طلابا بمستوى متقدم يتفوقون على أقرانهم في المدارس الحكومية".
ونبّه عويس إلى أن مرحلة التعليم في الطفولة المبكرة هي أهم مراحل التعليم؛ لأنها تبني شخصية الأطفال، لكنها تحتاج إلى وجود حضانات ورياض أطفال متميزة بوجود معلمات مدربات، ومناهج جيدة، وبيئة جيدة، وهذا غير متوفر بشكل كافٍ لدى وزارة التربية والتعليم، مُقرا أن الوزارة مقصرة في هذا المجال، إذ تغطي 34% فقط من الأطفال في (KG2)، في حين يغطي القطاع الخاص 30% أيضا.
وبين أن الوزارة وضعت خطة لخمس سنوات هدفها استيعاب النسبة المُتبقية، والبالغ عددهم 88 ألف طفل في (KG2)، وبعد الثلاث سنوات الأولى من الخطة ستبدأ الوزارة باستيعاب طلاب (KG1)، مُهيبا بالقطاع الخاص بالتوجه للعمل على إنشاء رياض للأطفال.
غلاء غير مبرر
ومع بداية كل عام دراسي، تتزايد الشكوى والتذمر من الأهالي بسبب رفع الرسوم المدرسية، إذ يرى أولياء الأمور أن هذه المدارس ترفع أسعارها بشكل غير مبرر وغير خاضع للرقابة والمحاسبة، وأن هذه المدارس تسعى إلى الربح الفاحش على حساب التدريس الخاص.
رقابة مستمرة
بيد أن وزير التربية والتعليم علق على موضوع المدارس الخاصة مؤكداً أن المدراس الخاصة تخضع لرقابة الوزارة، ولا تستطيع تلك المدارس رفع الرسوم السنوية أكثر من الحد المسموح والمتفق عليه البالغ 5%، مؤكدا أن هناك العديد من التجاوزات المتعلقة بالرسوم، ونقل الطلاب من مدرسة إلى أخرى، وشكاوى من معلمين ومعلمات في القطاع الخاص ترد إلى الوزارة ويتم التعامل معها فورا، وفتح تحقيق مباشر بشأنها.
فقر تعليمي
من جهته، أشار الخبير التربوي الدكتور سامي المحاسيس إلى تقرير للبنك الدولي أقر بوجود "فقر التعلم" في الأردن، ما يعني أن الطالب في الصف الرابع لا يملك أي مهارات في القراءة والكتابة.
وبين المحاسيس في تصريحات لـ"أخبار الأردن"، أن من آثار جائحة كورونا على قطاع التعليم، انتقال ٢٠٠ ألف طالب وطالبة من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية، وهذا ناتج عن ضعف التجربة في التعليم عن بعد، سواء في المدارس الحكومية والخاصة والتي اعتمدتها مدارس المملكة خلال الجائحة.
وأشار إلى أن كثيرا من الأسر والعائلات الأردنية رأت أن توفير قيمة الرسوم المدرسية ونقل أبنائهم إلى المدارس الحكومية يشكل نوعا من التوفير المادي خلال تلك الفترة بسبب توحد نوع التعليم.
هجرة بالعكس
ولفت المحاسيس إلى أننا سنشهد في الموسم الدراسية المقبلة هجرة بالعكس (من الحكومية إلى الخاصة) وبنسبة كبيرة جدا قد تزيد على 50 بالمئة؛ وذلك نظرا للبنية التحتية في المدارس الحكومية والضغط الكبير الذي تعرضت له خلال الجائحة، إذ إن هناك ضغطا على المساحات الصفية والساحات والأثاث والكوادر التعليمية.
وبين أن المدارس الخاصة مهيأة أكثر بسبب ما توفره من مساحات وكوادر تعليمية ونوعية المعلمين والمعلمات؛ كونهم يخضعون لدورات تدريبية.
رغبة أولياء الأمور
من جهته، اعتبر نقيب أصحاب المدارس الخاصة منذر الصوراني أن انتقال الطلبة من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية تعبر رغبة أوليا الأمور بشكل مباشر وتدخل فيها عوامل متعددة هي انتقال سكن العائلة أو انتقال مكان العمل أو رغبة في تغير المدرسة لأخرى نتيجة عدم الرضى عن طرق التدريس أو لأي أسباب أخرى.
وأشار الصوراني في تصريحات خاصة لـ"أخبار الأردن"، إلى أن حجم الانتقال الكبير من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية يأتي نتيجة توفر المدارس الحكومية للمقاعد والتدريس المجاني للطلبة، الأمر الذي يدفع الأسرة بعد زيادة عدد أبنائها على مقاعد الدراسة إلى نقلهم إلى الحكومية للاستفادة من مجانية التعليم.
وأقر أن حجم الانتقال خلال العامين الماضيين تسبب بانخفاض الطاقة الاستيعابية في المدارس الخاصة لكن المؤشرات اليوم وخلال المواسم المقبلة تشير إلى إعادة تحسينها وعودة الكثير من الطلبة إلى مقاعد الدراسة في المدارس الخاصة.
ثبات الدخل
أكد الخبير الاقتصادي زيان زوانه أن الناحية الاقتصادية للأسر الأردنية تقف وراء السبب الرئيسي لنقل الطلبة من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية.
وبين زوانه في تصريحات خاصة لـ"أخبار الأردن"، إلى أن قطاع التعليم الخاص خلال السنوات الماضية شهد ارتفاعا كبيرا، سواء من ناحية الرسوم المباشرة وغير المباشرة، مشيرا إلى أن هذا الارتفاع تزامن مع تراجع الحالة الاقتصادية في الأردن.
وشدد على أن الأوضاع المالية للأسر في الأردن لم تشهد نموا اقتصاديا، بل ثبت الدخل ولم يطرأ أي تغييرات علي، وتزامن هذا مع ارتفاع تكاليف التعليم الخاص، ما اضطر كثيرا من الأسر والعائلات إلى مراجعة تعليم أبنائهم في المدارس الخاصة وجدولة الإنفاق.
وأوضح زوانه أن التعليم لدينا أصبح خلال السنوات الأخيرة يشكل فجوة مجتمعية في منتهى الخطورة، خصوصا مع الاختلاف في مستويات الطلبة ومرجعيات التعليم الخاص.