الرواشدة يكتب: كيف نستدير للداخل : الدولة والشارع معاً؟
حسين الرواشدة
يبدو أن الأيام القادمة حُبْلى بالمستجدات والمفاجآت، لا يكفي أن نفتح أعيننا، فقط، على واشنطن، أو نستغرق بما صدر عن ترامب من تصريحات (تهديدات :أدق )، لابدّ، أيضا، أن ندقق بارتدادات المشهد من كافة أطرافه؛ تل أبيب التي تتحرك بسرعة لاستثمار الفرصة التاريخية، بدءاً من غزة وانتهاء بالضفة الفلسطينية، فصائل الداخل الفلسطيني وسلطته التي يمد بعضها يده لترامب ( تصريحات أبو مرزوق)، وتقف الأخرى عاجزة عن الرد، ومترددة في «لمّ الشمل»، العمق العربي الذي لم نسمع صوته حتى الآن، تركيا التي تحاول مقايضة ترامب بالملف الكردي في سوريا.. الخ، هذا يستدعي أن نفترض -على الاقل - أننا أصبحنا وحدنا، وأن مواجهة القادم مع واشنطن وتل أبيب، ومن يتواطأ معهما، ملف أردني عنوانه «الأردن أولا وأخيرا».
صحيح، يجب أن نذهب إلى كل العواصم الشقيقة والصديقة لنكسب مواقف داعمة، أو لنضع الجميع أمام مسؤولياتهم، أي خطر يستهدف الأردن سيمتد إلى المنطقة كلها، ويهدد الأمن القومي العربي، ويؤسس لخرائط جديدة في المنطقة قابلة للانفجار، هذه المهمة تقع على عاتق الدبلوماسية الأردنية، ولديها من الخبرة ما يكفي للقيام بها، لكن في موازاة ذلك لابد أن نستدير للداخل الأردني، قوة الجبهة الداخلية وصلابتها هي التي ستمنح الدولة الحكمة والشجاعة بإتخاذ القرار، والقدرة على مواصلة الصمود، والثقة بتحمل ما يلزم من أعباء وخسارات.
عملية الاستدارة إلى الداخل، هذه التي دعوت لها منذ نحو عام في عشرات المقالات، وفهمها البعض -للأسف- في سياق القُطرية والانعزالية، وترجمها آخرون من قواميس العنصرية والانكفاء والانسحاب من الواجب الديني والقومي، لابد أن تبدأ بصورة جدية ومختلفة، لا يجوز بعد الآن أن نغرق في 7 أكتوبر، وأن نسمح لعمان أن تتقمص اي مكان أو أي تنظيم خارج الحدود، لا يجوز أن نكرر سيناريوهات مثل ( الشارع يقود ويهدد ولابد من الصعود إلى أعلى الشجرة لاحتوائه ).