سنياريوهات سوريا الجديدة
بقلم : د. باسم تليلان
ربما التقت ارادة العديد من الدول الاقليمية و الدولية على ضرورة وجود دولة سورية مدنية منزوعة السلاح نسبيا عبر نظام سياسي براغماتي يمكن ان يؤسس لمشروع صفقة القرن في سورية بحيث تخضع الارادة هناك الى سلام مع الكيان الصهيوني يقر فيه الطرفان بضم الجولان للكيان مقابل انسحاب غير مشروط من بعض الاراضي السورية او ادنى من ذلك ان تأمن سوريا نيران العدو وتحظى بالمباركة الامريكية البريطانية تحت حجة بناء سوريا الحديثة ، ومن هنا كان صدى المشروع التركي الذي احتضن معظم فصائل المعارضة و خصوصا هيئة تحرير سوريا و التي يقودها الجولاني " احمد الشرع " و التي طبقت نموذج للامارة او الدولة المصغرة في ادلب و تطبعت وخصوصا قيادتها بالافكار السياسة الدبلوماسية التركية مقبولا لدى الادارة الامريكية و حليفتها بريطانيا لضمان بناء هذا النظام السياسي الذي يحفظ مصالح الولايات المتحدة الامريكية و بريطانيا و يحقق مصلحة كبرى للكيان الصهيوني من خلال فصل حزب الله عن مصادر دعمه الاساسية و السهلة وكذلك انهاء حكم حليفهم بشار لأنه اصبح عبئا على اعدائه و حلفائه وجيرانه على حد سواء و اصبح تفكك الدولة السورية يشكل خطرا على تركيا و الاردن و العراق و لبنان و على تطور الكيان الصهيوني وكذلك اثقل عاتق روسيا و ايران بشكل ادى الى توافق تسليم دمشق و المحافظات لهيئة تحرير الشام بدون قطرة دم تذكر ونستطيع القول انهم استلموا بالعبور " ترانزيت " المدن التي كانت تقع تحت سيطرة النظام المخلوع
ويبرز هنا السؤال الأهم هل توافق الجميع بما فيهم ادارة عمليات هيئة تحرير الشام على دولة منزوعة السلاح الاستراتيجي و النوعي ؟؟
وتكمن الاجابة فيما يظهر من خلال القصف الصهيويني المنظم على كافة الاسلحة النوعية و الاستراتيجية السورية بما في ذلك الطائرات و مستودعات الذخيرة دون تدخل دولي او اقليمي او عربي حتى محليا صمت الشرع و تحدث اخيرا بشيء قليل عن تدمير الكيان الصهيوني للاسلحة السورية واحتلال اجزاء من اراضيها وكذلك عبر في لقاء له أمس عقب اجتماعه مع المبعوث الاممي انه لن تكون هناك خدمة علم بمفهوم التجنيد الاجباري وهذا كله يجيب التساؤل ويؤشر الى احتمالية التوافق على دولة بدون سلاح نوعي او استراتيجي واقتصار مفهوم التسليح لحفظ الامن و حماية الحدود فقط .
تبرزهذه المطالعة الموجزة عن الادارة السورية الجديدة ثلاثة سيناريوهات اخطرها ::
سياريو الفوضى الخلاقة
ذهب كثير من السياسين و الصحفيين الى ان المظاهر الجملية التي بدأ عليها زعيم الادارة لهيئة تحرير الشام احمد الشرع ستزول و يعود الى خلفيته العقدية السلفية التي مر بها عبر تنظيمات سابقة وهذا سيؤدي برأيهم الى حكم متشدد يفضي الى انقسام فصائلي عسكري يجر الجميع الى القتال و نشر الفوضى الخلاقة في كل ارجاء سوريا ولكن المؤشرات السياسية والدبلوماسية الفعلية لا تؤيد هذا السيناريو اطلاقا و ترجح الى ان تسليم هيئة تحرير الشام الحكم في سوريا قد جاء متفق عليه
سيناريو تقسيم سوريا
ان مسألة التفكير في تقسيم سوريا بعد قبول رحيل نظام الاسد مسألة غير منظورة في الواقع القريب بالرغم من وجود قوات قسد و التي تدعمها الولايات المتحدة و الكيان الصهيوني و التي لا زالت تسيطر على اراض سورية كبيرة فمن المتوقع ان تتجه ادارة الشرع لتفاهمات سياسية قد تفضي الى محاصصة سياسية ضمن الدستور الجديد و لا ترقى الى منح حكم ذاتي على الاراضي التي يسيطرون عليها لأن الدول التي ابدت ارتياحها المشروط للادارة الجديدة كان من ضمنها الولايات المتحدة الأمريكية التي ستؤيد خرط جميع فصائل المقاتلين في جيش الدولة ومشاركتهم سياسيا ضمانا لمصالحها و مصالح الكيان الصهيوني الذي لاتخدمه ابدا الحرب الأهلية او فوضى خلاقه
سيناريو توحيد سوريا كدولة مدنية :
لقد ابدأ زعيم هيئة تحرير سوريا شخصية براغماتية سياسية مدربة بشكل مدروس على محاولة الانفتاح وارضاء جميع القوى الاقليمية و الدولية و قد بدأ سياسته الخارجية قبل عبورهم الى الشام حين ابرق للاردن و العراق و ايران برسائل تطمينية و دبلوماسية تؤسس الى ما بعد خلع النظام الوحشي الذي حكم سوريا 53 عاما و ظهر في كل لقاءته بشكل ودوود بسيط متسامح يدعو الى احترام الاقليات و الديانات و يفتح صفحة للجميع وكذلك يدعم عودة المهجرين كما طلب من جميع اركان النظام المدني السابق التوجه الى اعمالهم وفتح المؤسسات والبنوك و استدامة التجارة و سلاسل امداد الغذاء و الدواء واصدر عفوا عن عناصر الجيش و الامن في النظام السابق الذين يعملون بموجب الخدمة الاجبارية و اخرج السجناء و اعلن رسميا ان محاسبة اركان النظام السابق الدموي لن تتم بشكل انتقامي بل عبر القضاء و بمحاكمة علنية و عادلة وكذلك كلف حكومة النظام المخلوع الاستمرار بعملها ونقل السلطة تدريجيا الى الحكومة الانتقالية مما شكل انطباعا جيدا و مقبولا لدى القوى الدولية التي اصبحت تعلن عن تفكيرها برفع هيئة تحرير الشام من لائحة المنظمات الارهابية بعد تحقيق شروط معينة اهمها وجود رئاسة مدنية تتيح الفرصة لجميع الاطياف المشاركة وعلق ان الشكل السياسي للدولة يرسمه السوريون كما يريدون بشكل يمثل جميع الاطياف
ان المؤشرات لتحقيق هذا السيناريو قوية و لها دلالات خصوصا اذا قامت الدول التي لها مصالح كبيرة في سوريا باستمرار دعمها ابتداء من القوة الاقليمة التركية حيث قامت بفتح سفاراتها بدمشق كأول دولة تعلن ذلك تبعها قطر باعلانها ان يوم 17/12/2024 ستباشر سفارتها اعمالها بدمشق وستستمر البعثات ببدء اعمالها تباعا وهذا يؤكد دعم هذه الدول للادارة الجديدة التي تعهدت باعادة البناء وحفظ الامن و العيش الكريم قبل التفكير باي نزاع او قتال لا سيما ان السوريين اقبلوا على الادارة الجديدة بقبول كبير كنتيجة طبيعية لاحلالها مكان النظام الوحشي المخلوع