هل يستحقون ما جرى لهم في هولندا؟

 

حسن البراري

حتى في ميدان الرياضة، حيث يفترض أن تُختبر القيم الإنسانية من عدالة وتسامح وروح رياضية، يصر الإسرائيليون على كتابة تاريخهم بدماء اللامبالاة. فاللذين جاؤوا إلى هولندا بعلم وراية الاحتلال والدمار تعلموا – أو هكذا يفترض – أن أفعالهم لا يمكن أن تغتفر حتى في أروقة الملاعب، إذ جاءت العواقب كما يتوقعها أي عقل نزيه: العزلة والاحتقار، فكانوا هم من جنى ثمرة شجرة الكراهية التي زرعوها في أذهان شعوب العالم.

ما زالت دولة الاحتلال المارقة والمنبوذة تسير على درب محفوف بالظلال والدماء، حيث تتحكم في مصير الفلسطينيين بالحصار والتهجير، وتُدير آلة القمع بأسلوب لا يرحم. منذ نشأتها غير الشرعية، أظهرت دولة الاحتلال احتقارًا وتجاهلًا صارخًا للمواثيق الدولية، فخارج حدودها تتبنى سياسة العنف والاحتلال، وفي داخلها تُمعن في قمع الأصوات الرافضة لاحتلالها، فتصبح بذلك دولةً مغتربة عن العالم المعاصر، غير متوافقة مع قيم حقوق الإنسان والعدالة. وبينما تقتصر ردة فعل المجتمع الدولي على الإدانات اللفظية والخجولة، تزداد عزلة الفاشية الصهيونية في أروقة السياسة العالمية، لتبقى إسرائيل في موقع الدولة المنبوذة التي ترفض التفاوض أو الانصياع للقانون الدولي. منبوذة من ضمير العالم، تصرّ على أن تبقى على الهامش، حيث لا تُفهم سوى بلغة القوة والتسلط، تاركة خلفها ركامًا من الأمل المكسور وحقوقٍ ضائعة.

علينا ألا نغتر بما حدث في هولندا، فليس من الحكمة أن نلتف حول لحظة انتصار عابرة، مهما كانت دوافعها. ضرب الإسرائيليين في الخارج قد يكون رد فعل عاطفي (وهم يستحقون ذلك طبعا)، لكن المصيبة الحقيقية تكمن في الأرض التي ضاعت، وفي الدماء التي سالت هناك، في فلسطين. عبء الحلول يقع عليهم، ليس في الانتقام أو التشفي، بل في وحدة الصف، وفي النضال المستمر لإعادة الحق المسلوب وإعادة بناء الأمل المكسور.