مطالبات بإعادة النظر في الضريبة على المركبات الكهربائية
في ضوء القرار الأخير للحكومة بزيادة الضرائب الخاصة على المركبات الكهربائية، أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني ملخص سياسات بعنوان "المركبات الكهربائية في الأردن... إلى أين التوجه؟" بهدف تسليط الضوء على التوجه العالمي في اقتناء المركبات الكهربائية، واستعراض أبرز المشاهدات في هذا الإطار عالمياً ومحلياً، وإدراج توصيات منتدى الاستراتيجيات الأردني لتعويض انخفاض إيرادات الحكومة من الضريبة على الوقود، والمحافظة على وتيرة التحوّل الذي يشهده الأردن نحو الطاقة النظيفة.
وفي الملخص، بين المنتدى أن المركبات الكهربائية تعتبر واحدة من أبرز الابتكارات التكنولوجية التي شهدها العصر الحديث. مشيراً إلى أنه مع تزايد الوعي البيئي والاهتمام بالاستدامة، شهد العالم مؤخراً زيادة ملحوظة في استخدام واقتناء هذه المركبات. فالتطورات التكنولوجية المستمرة، والسياسات الحكومية الداعمة، والاهتمام المتزايد بتقليل الانبعاثات الكربونية، كلها عوامل أسهمت في تعزيز توجه الأفراد نحو اختيار المركبات الكهربائية كبديل صديق للبيئة، وأكثر كفاءة، وأقل كلفة.
واوضح المنتدى أنه، وبازدياد استخدام المركبات الكهربائية سواء تلك التي تعمل على البطارية، أو الهجينة الموصولة بالكهرباء (Plug-In Hybrid)، فقد انخفض الطلب على الوقود بمستويات غير مسبوقة مما أدى الى انخفاض الإيرادات العامة الناتجة عن الضرائب المفروضة على المحروقات. مشيراً إلى أن العديد من بلدان العالم تستخدم إيرادات ضرائب المحروقات من أجل تمويل البنية التحتية للنقل، والطرق السريعة، وكذلك تمويل بنود أخرى من الإنفاق العام.
وفي قراءةٍ للمشهد العالمي حول استخدام المركبات الكهربائية وفق بيانات وكالة الطاقة الدولية (IEA)، أشار المنتدى إلى ارتفاع المبيعات العالمية للمركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات، من 7,000 سيارة في عام 2010، إلى 9,5 مليون سيارة في عام 2023، بالإضافة إلى ارتفاع المبيعات العالمية للمركبات الهجينة الموصولة بالكهرباء من 450 سيارة في عام 2010، إلى 4,3 مليون سيارة في عام 2023.
وبين الملخص أن نسبة المركبات الكهربائية المباعة في العالم عام 2023، قد بلغت نحو 18% من إجمالي المركبات المباعة. في حين وصلت تلك النسبة الى 93% من جميع المركبات المباعة في النرويج، و60% في السويد، و38% في الصين، و24% في ألمانيا. حيث أشار المنتدى إلى أن هذا التحول المتزايد نحو المركبات الكهربائية في العديد من البلدان جاء مدفوعًا بمجموعة من "المزايا الضريبية"، و/ أو "الحوافز"، ومنها الإعفاءات الضريبية، وضرائب خاصة مخفضة على المركبات الكهربائية، ورسوم تسجيلها.
وحول أبرز المشاهدات للأردن، أشار الملخص إلى أن الأردن قد سجل أعلى حصة مبيعات للمركبات الكهربائية في منطقة الشرق الأوسط عام 2023، بحوالي 45% من إجمالي المركبات المباعة. فيما جاءت الإمارات العربية المتحدة الثانية من حيث حصة المبيعات بنسبة 13%.
هذا وأوضح المنتدى أنه، وعلى الرغم من المزايا العديدة للمركبات الكهربائية، إلا أنها تسهم في "اهتلاك الشوارع، والطرق السريعة، والجسور"، دون أن تساهم في ضريبة الوقود كغيرها من المركبات. مشيراً إلى أن معظم الدول تتبنى العديد من الخيارات لتعويض الانخفاض في إيراداتها الناجمة عن انخفاض استهلاك المركبات من الوقود. ومن تلك الخيارات: زيادة معدل الضريبة على وقود المركبات، وزيادة رسوم التسجيل على المركبات وبالأخص الكهربائية منها، والتحول من الضريبة على الوقود إلى رسوم استخدم الطرق (رسم يفرض على أساس المسافة المقطوعة بالكيلومترات)، وفرض ضريبة على تسعيرة الكهرباء المستخدمة لشحن المركبات الكهربائية.
وفي هذا السياق، أشار المنتدى إلى أن الحكومة في الأردن قد اتخذت قبل عدة أيام قرارات مفاجئة، ومباشرة التنفيذ، تضمنت تخفيض الضريبة الخاصة على مركبات البنزين من 67%، إلى 60%، وفرض ضريبة خاصة بنسبة 40% على المركبات الكهربائية التي يتراوح سعرها ما بين 10,000 دينار و25,000 دينار. في حين تم فرض ضريبة بنسبة 55% على المركبات الكهربائية التي يتجاوز سعرها 25,000 دينار.
ونوه المنتدى إلى أن العدد الكلي للمركبات المسجلة في الأردن قد ارتفع من حوالي 1,6 مليون سيارة عام 2018، إلى حوالي 2 مليون سيارة عام 2022. ومن المتوقع أن يزداد هذا العدد في الأعوام 2023 و2024، نتيجة عدة عوامل منها زيادة عدد السكان، وضعف منظومة النقل العام، والاقبال المتزايد على المركبات الكهربائية ذات التكلفة الاقتصادية المعقولة مقارنة بالمركبات المعتمدة على الوقود.
وقد أكد المنتدى في هذا الإطار، أنه ونظرا للمزايا الاقتصادية والبيئية للمركبات الكهربائية، هناك ضرورة لإعادة النظر في قرار الحكومة بزيادة الضرائب الخاصة على المركبات الكهربائية، والبحث عن البدائل المناسبة الأخرى لتعويض الانخفاض في إيراداتها. خاصة وأن شريحة المركبات الكهربائية التي سعرها ما بين (10,000 – 25,000 دينار) والتي فرضت عليها ضريبة بنسبة 40%، هي الشريحة الأنسب حجما لاستخدام الأسر الأردنية (الأسرة المعيارية 4.8 فرد)، وبالأخص من ذوي الدخل المتوسط.
ورأى المنتدى بأن أحد الخيارات المقترحة قد يكون زيادة معقولة ومدروسة في رسوم تسجيل كافة فئات المركبات، والتي ستعوض بدورها انخفاض إيرادات الحكومة من الضريبة على الوقود بمبالغ سنوية متزايدة. كما ستحافظ على وتيرة التحوّل الذي يشهده الأردن نحو الطاقة النظيفة مقارنة بغيره من دول المنطقة، وتماشيا مع توجهات باقي دول العالم.