إليكم نص خطبة صلاة الجمعة المقبلة

{title}
أخبار الأردن -

 

عممت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، على جميع خطباء المساجد في المملكة، موضوع خطبة الجمعة القادمة والتي حملت عنوان "اذكروا هادم اللذات"، وقدمت لهم نصا ملزما.

وتالياً نص الخطبة:

بسم الله الرحمن الرحيم

عنوان خطبة الجمعة الموحد (اذكروا هادم اللذات ) (ملزم)، معززا بالشواهد من الكتاب والسنة بالإضافة إلى المادة العلمية المساندة والمساعدة 25صفر1446هـ الموافق 30/8/2024م.

إن الموتَ مصيرُ الإنسان ونهايتُه مهما طال عمره. وهو المصير المحتوم لكل مخلوق. إظهاراً لقدرة الله تعالى على العباد. فسبحان الحي الذي لا يموت.

الموت انتقال من دار الغرور إلى دار الخلود. ومن دار الفناء إلى دار البقاء. ومن دار العمل إلى دار الحساب والجزاء. ولو نجى أحدٌ من الموت لنجا سيدنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم.

على المؤمن ألاّ ينشغلَ بالدنيا وزخرفها. فَيغفل قلبه عنْ ذكر الموت، فلا يكادُ يذكره، وإذا ذُكرَ الموتُ في حضرته نفرَ منه رغبة باللذات والشهوات. ولا ريب أن الإكثار من ذكرِ الموت يؤدي الى حياة القلب فيطمئن بذكر الله تعالى.

ذكر الموت من أعظم الأمور التي تُعين المسلم على التقرب إلى الله تعالى فلا يغفل القلب ولا اللسان عن ذكر الله تعالى ؛ لأن الغفلة هي أصل البلاء، وهي السبب في عدم تذكر الموت محبة بطول الأمل في الدنيا.

على المؤمن أن يعلم أن الموت قريب لا بعيد. وأنه يأتي فجأة ولات حين مندم، والعاقلُ من أحسن الاستعداد لهذا القادم ليلقى ربه تعالى في طاعته سبحانه.
الموت عند المؤمنين المتقين أمرٌ فيه خير عظيم. فمن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه.

اللهم إنا نتوجه اليك في أهل غزة والضفة وأهل فلسطين أن تنصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين. واعلموا عباد الله أن من دعا بدعاء سيدنا يونس عليه السلام:﴿ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ استجاب الله له، ومن قالها أربعين مرة فإن كان في مرض فمات منه فهو شهيد وإن برأ برأ وغفر له جميع ذنوبه، ومن قال: "سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة، حُطَّتْ خطاياه وإن كانت مثل زَبَد البحر".

في المصائب والكرب والشدة أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بدعاء الكرب وهو: ( لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم) رَوَاه الْبُخَارِيّ. واعلموا أن هذا الدعاء يناجي الله تعالى في اسمه العظيم تذللاً لعظمة الله، والحليم رجاءً لحِلم الله، وربّ السموات والأرض ربّ العرش العظيم يقيناً بأن الأمر كله بيد الله، وأكثروا عند تكالب الأعداء علينا من قول ( حسبنا الله ونعم الوكيل)،  لأنّ الله تعالى يقول:﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾آل عمران:173،174.

فهرس الآيات/ ملزم
الآية
السورة ورقم الآية

﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾
العنكبوت: 57

﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ﴾ 
الزمر: 30

﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾
الانبياء: 34،35

﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾
الرحمن: 26،27

﴿ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾
سورة الجمعة: 8

﴿ وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾
سورة العنكبوت: 64

﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ 
سورة الاحزاب: 56

نص الحديث
تخريجه

(أكثِرُوا ذكرَ هادِمِ اللذَّاتِ).
رواه الترمذي

(هل كان يُكثِرُ ذِكرَ الموتِ؟ قالوا: لا. قال: فهل كان يدَعُ كثيرًا ممَّا يشتهي؟ قالوا: لا. قال: ما بلغ صاحبُكم كثيرًا ممَّا تذهبون إليه). 
رواه الطبراني

(كُنْ في الدُّنيا كأنَّك غريبٌ أو كعابرِ سبيلٍ)
أخرجه البخاري

(الكَيِّسُ مَن دان نفسَه وعمِل لما بعدَ الموتِ والعاجِزُ مَن أتبَع نفسَه هَواها وتمنَّى على اللهِ الأمانِيَّ) 
رواه الترمذي

(مَن أحَبَّ لقاءَ اللهِ أحَبَّ اللهُ لقاءَه ومَن كرِه لقاءَ اللهِ كرِه اللهُ لقاءَه)
أخرجه ابن حبان
( تحفة المؤمن الموت )
رواه الطبراني

(إذا وُضِعَتِ الجَنازةُ فاحتملَها الرِّجالُ على أعناقِهِم، فإن كانَت صالحةً قالَت : قدِّموني قدِّموني)
أخرجه النسائي

(اغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ: شبابَك قبل هَرَمِك، وصِحَّتَك قبل سَقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك)
أخرجه ابن أبي الدنيا

( حسبنا الله ونعم الوكيل): «قالها إبراهيم عليه السلام حين أُلقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: {إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا، وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل} آل عمران: 173 .
صحيح البخاري.

وورد أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يَدْعُو عِنْدَ الْكَرْبِ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ " . 
رواه البخاري

ملخص الخطبة (مُلزم)

إن الموتَ مصيرُ الإنسان ونهايتُه مهما طال عمره. وهو المصير المحتوم لكل مخلوق. إظهاراً لقدرة الله تعالى على العباد. يقول الله تعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾[ العنكبوت: 57]. فسبحان الحي الذي لا يموت.

الموت انتقال من دار الغرور إلى دار الخلود. ومن دار الفناء إلى دار البقاء. ومن دار العمل إلى دار الحساب والجزاء. ولو نجى أحدٌ من الموت لنجا سيدنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم. يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ﴾[ الزمر: 30].

على المؤمن ألاّ ينشغلَ بالدنيا وزخرفها. فَيغفل قلبه عنْ ذكر الموت، فلا يكادُ يذكره، وإذا ذُكرَ الموتُ في حضرته نفرَ منه رغبة باللذات والشهوات. قال الله تعالى فيهم: ﴿ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾[ سورة الجمعة: 8]. ولا ريب أن الإكثار من ذكرِ الموت يؤدي الى حياة القلب فيطمئن بذكر الله تعالى، يقول صلى الله عليه وسلم: (أكثِرُوا ذكرَ هادِمِ اللذَّاتِ) يعني الموتَ . رواه الترمذي.

ذكر الموت من أعظم الأمور التي تُعين المسلم على التقرب إلى الله تعالى فلا يغفل القلب ولا اللسان عن ذكر الله تعالى ؛ لأن الغفلة هي أصل البلاء، وهي السبب في عدم تذكر الموت محبة بطول الأمل في الدنيا. لذلك حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (كُنْ في الدُّنيا كأنَّك غريبٌ أو كعابرِ سبيلٍ) أخرجه البخاري.

على المؤمن أن يعلم أن الموت قريب لا بعيد. وأنه يأتي فجأة ولات حين مندم  والعاقلُ من أحسن الاستعداد لهذا القادم ليلقى ربه تعالى في طاعته سبحانه. قال صلى الله عليه وسلم: (الكَيِّسُ مَن دان نفسَه وعمِل لما بعدَ الموتِ والعاجِزُ مَن أتبَع نفسَه هَواها وتمنَّى على اللهِ الأمانِيَّ)رواه الترمذي.

الموت عند المؤمنين المتقين أمرٌ فيه خير عظيم. فمن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه. قال صلى الله عليه وسلم : (مَن أحَبَّ لقاءَ اللهِ أحَبَّ اللهُ لقاءَه ومَن كرِه لقاءَ اللهِ كرِه اللهُ لقاءَه)أخرجه ابن حبان. كما أن الدار الآخرة هي الحيوان لو كانوا يعلمون . يقول الله تعالى: ﴿ وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾[ سورة العنكبوت: 64]. وعن النبي  صلى الله عليه وسلم قال : " تحفة المؤمن الموت " رواه الطبراني . وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا وُضِعَتِ الجَنازةُ فاحتملَها الرِّجالُ على أعناقِهِم، فإن كانَت صالحةً قالَت : قدِّموني قدِّموني) أخرجه النسائي.

اللهم إنا نتوجه اليك في أهل غزة والضفة وأهل فلسطين أن تنصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين. وارحم شهداءهم وتقبلهم في الصالحين.

أركان الخطبة (مُلزمة)

«إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ(1) نحمده ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَسْتَنْصِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ»، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحده لا شريك له، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ(2) ، اللهم صلِّ على سيِّدَنا محمَّدٍ(3) وعلى آله وصحابته والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم .

عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى ولزوم طاعته(4): لقوله تعالى(5) {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما}(6).

وتتكرر أركان الخطبة الأولى في الخطبة الثانية، ويُضاف إليها الدعاء لعموم المسلمين في نهاية الخطبة الثانية(7): «اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وأصلح ذات بينهم، وألف بين قلوبهم، واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة، وثبتهم على ملة نبيك، وأوزعهم أن يوفوا بالعهد الذي عاهدتهم عليه، وانصرهم على عدوك وعدوهم».
_________________
(1) الركن الأول: الحمد لله والثناء عليه: ودليله ما رواه الإمام مسلم في صحيحه (867) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس، يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله».

(2) التشهد: ودليله ما رواه النسائي (3277) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه: «علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في الصلاة، والتشهد في الحاجة»، وما رواه أبو داود (4841) عن أبي هريرة رضي الله عنه: «كل خطبة ليس فيها تشهد، فهي كاليد الجذماء».

(3) الركن الثاني: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: ودليله أن كل عبادة افتقرت إلى ذكر الله تعالى افتقرت إلى ذكر نبيه لما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (31687) عن مجاهد مرسلاً في تفسير قوله تعالى (ورفعنا لك ذكرك)، أي: «لا أذكر إلاّ ذُكِرتَ»، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي» رواه أبو داود في السنن.

(4) الركن الثالث: الأمر بتقوى الله تعالى: ودليله فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وما تضمنته من الآيات الكريمة بالوصية بتقوى الله تعالى، ولأن القصد من الخطبة الموعظة والوصية بتقوى الله تعالى فلا يجوز الإخلال بها.

(5) الركن الرابع: قراءة آيات من القرآن الكريم، لما رواه أبو داود (1101) عن جابر بن سمرة: «كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قصدا، وخطبته قصدا، يقرأ آيات من القرآن، ويذكر الناس».

(6) الأحزاب: 71.
(7) الركن الخامس: الدعاء للمسلمين: ودليله، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب الدعاء للمسلمين في كل خطبة، ولما رواه البزار في مسنده برقم (4664) عن سمرة بن جندب رضي الله عنه: أنه «كان يستغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات كل جمعة.

(اذكروا هادم اللذات)

المادة العلمية المقترحة

إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ سورة النساء: الآية 1. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا  يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ الأحزاب: 7.

عباد الله: اعلموا أن الموتَ مصيرُ الإنسان ونهايتُه مهما طال عمره. وهو المصير المحتوم لكل مخلوق. إظهاراً لقدرة الله تعالى على العباد. يقول الله تعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾[ العنكبوت: 57]. فسبحان الحي الذي لا يموت.

والموت انتقال من دار الغرور إلى دار الخلود. ومن دار الفناء إلى دار البقاء. ومن دار العمل إلى دار الحساب والجزاء. ولو نجى أحدٌ من الموت لنجا سيدنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم. يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ﴾[ الزمر: 30]. ويقول الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾[ الانبياء: 34،35]. ويقول الله تعالى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾[ الرحمن: 26،27].

فعلى المؤمن ألاّ ينشغلَ بالدنيا وزخرفها. فَيغفل قلبه عنْ ذكر الموت، فلا يكادُ يذكره، وإذا ذُكرَ الموتُ في حضرته نفرَ منه رغبة باللذات والشهوات. قال الله تعالى فيهم: ﴿ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾[ سورة الجمعة: 8]. ولا ريب أن الإكثار من ذكرِ الموت يؤدي الى حياة القلب فيطمئن بذكر الله تعالى، يقول صلى الله عليه وسلم: (أكثِرُوا ذكرَ هادِمِ اللذَّاتِ) يعني الموتَ . رواه الترمذي.

وفي الحديث أن رجلاً من أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مات، فجعل أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُثنون عليه، ويذكُرون من عبادتِه ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ساكتٌ، فلمَّا سكتوا قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (هل كان يُكثِرُ ذِكرَ الموتِ؟ قالوا: لا. قال: فهل كان يدَعُ كثيرًا ممَّا يشتهي؟ قالوا: لا. قال: ما بلغ صاحبُكم كثيرًا ممَّا تذهبون إليه). رواه الطبراني.

والحق أن ذكر الموت من أعظم الأمور التي تُعين المسلم على التقرب إلى الله تعالى فلا يغفل القلب ولا اللسان عن ذكر الله تعالى ؛ لأن الغفلة هي أصل البلاء، وهي السبب في عدم تذكر الموت محبة بطول الأمل في الدنيا. لذلك حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (كُنْ في الدُّنيا كأنَّك غريبٌ أو كعابرِ سبيلٍ) أخرجه البخاري .

وقال أمير المؤمنين سيدنا علي رضي الله عنه:

النفس تبكي على الدنيا وقد علمت     أن السلامة فيها ترك ما فيهــا
لا دار للمرء بعد الموت يسكـــنها        إلا التي كان قبل الموت بانيها
فإن بنــــاها بخير طاب مسكنهـــــا           وإن بناها بسوء خاب بانيهــا

وعلى المؤمن أن يعلم أن الموت قريب لا بعيد. وأنه يأتي فجأة ولات حين مندم  والعاقلُ من أحسن الاستعداد لهذا القادم ليلقى ربه تعالى في طاعته سبحانه. قال صلى الله عليه وسلم: (الكَيِّسُ مَن دان نفسَه وعمِل لما بعدَ الموتِ والعاجِزُ مَن أتبَع نفسَه هَواها وتمنَّى على اللهِ الأمانِيَّ)رواه الترمذي.

وإنما يدينُ المرءُ نفسَه ويحاسبها لينقذها بالتزام طريق النجاة يوم العرض على الله عز وجل  بصدق التوبة، والتزام الأمر، واجتناب النهي، ورد المظالم، واعطاء كل ذي حقٍ حقه.  

واعلموا أن الموت عند المؤمنين المتقين أمرٌ فيه خير عظيم. فمن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه. قال صلى الله عليه وسلم : (مَن أحَبَّ لقاءَ اللهِ أحَبَّ اللهُ لقاءَه ومَن كرِه لقاءَ اللهِ كرِه اللهُ لقاءَه)أخرجه ابن حبان. كما أن الدار الآخرة هي الحيوان لو كانوا يعلمون . يقول الله تعالى: ﴿ وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾[ سورة العنكبوت: 64]. وعن النبي  صلى الله عليه وسلم قال : " تحفة المؤمن الموت " رواه الطبراني . وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا وُضِعَتِ الجَنازةُ فاحتملَها الرِّجالُ على أعناقِهِم، فإن كانَت صالحةً قالَت : قدِّموني قدِّموني) أخرجه النسائي.

وهذا بلال بن رباح مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة وبكت زوجته وقالت: "واحُزناه، قال لها: بل واطَرَباه، غدًا نلقى الأحِبّهْ محمّدا وصحبَهْ".

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لرجلٍ وهو يَعِظُه : (اغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ: شبابَك قبل هَرَمِك، وصِحَّتَك قبل سَقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك) أخرجه ابن أبي الدنيا.

اللهم إنا نتوجه اليك في أهل غزة والضفة وأهل فلسطين أن تنصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين. وارحم شهداءهم وتقبلهم في الصالحين. وخصَّ برحمتك أولئك الذين قضوا تحت الأنقاض ولم يتمكن أحد من الوصول اليهم أو الصلاة عليهم أو العثور عليهم من حجم الدمار وتطاير الأشلاء. اللهم وأنزل عليهم السكينة والطمأنينة، وشافِ الجرحى والمصابين والمكلومين منهم. وخفف عنهم واربط على قلوبهم يا رب. ونؤكد على قيامنا بواجب أداء صلاة الغائب على شهدائنا في غزة و الضفة . ونذكّر أن الصلاة على الغائب من الشهداء والذين هم تحت الأنقاض بعد الصلاة والاذكار والسنة البعدية للجمعة. سائلين المولى عز وجل أن يتقبلهم في الشهداء ويتغمدهم بالرحمة والمغفرة.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ سورة آل عمران:102.

واعلموا عباد الله ان الله قد أمركم بأمر عظيم بدأ به بنفسه وثنى بملائكة قدسه، فيقول الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ سورة الاحزاب: الآية 56، عن أُبي بن كعب رضي الله عنه: (أنّ من واظبَ عليها يكفى همه ويُغفر ذنبه)، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"، وصلاة الله على المؤمن تخرجه من الظلمات الى النور، يقول الله تعالى:﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ ﴾ سورة الأحزاب: الآية43، وهذا يتطلب التخلق بأخلاقه صلى الله عليه وسلم ونقتدي بسنته في البأساء والضراء وحين البأس.

واعلموا أن من دعا بدعاء سيدنا يونس عليه السلام: ﴿ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ استجاب الله له، ومن قالها أربعين مرة فإن كان في مرض فمات منه فهو شهيد وإن برأ برأ وغفر له جميع ذنوبه، ومن قال: "سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة، حُطَّتْ خطاياه وإن كانت مثل زَبَد البحر".

وفي المصائب والكرب والشدة أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم  بدعاء الكرب وهو: ( لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم) رَوَاه الْبُخَارِيّ. فندعو به في شدائدنا وشدائد أهل غزة وفلسطين، واعلموا أن هذا الدعاء يناجي الله تعالى في اسمه العظيم تذللاً لعظمة الله، والحليم رجاءً لحِلم الله، وربّ السموات والأرض ربّ العرش العظيم يقيناً بأن الأمر كله بيد الله، وأكثروا عند تكالب الأعداء علينا من قول ( حسبنا الله ونعم الوكيل)،لأنّ الله تعالى يقول: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ آل عمران:173،174

سائلين الله تعالى أن يحفظ الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين الحسين بن عبد الله، وأن يوفقهما لما فيه خير البلاد والعباد، إنه قريب مجيب.

 والحمد لله ربّ العالمين

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير