تنظيمات سرية مسلحة وتخابر.. لماذا ترفض مصر صلح الإخوان؟
أثارت الدعوة التي أطلقتها جماعة الإخوان على لسان حلمي الجزار نائب القائم بعمل المرشد العام للجماعة صلاح عبد الحق حول الصلح مع مصر واعتزال السياسة لمدة 15 عاما قادمة، ردود أفعال واسعة النطاق ، وسط تجاهل تام من السلطات المصرية نحوها.
وترفض السلطات المصرية أي مبادرات من هذا النوع مع الجماعة حيث تصفها بالإرهابية والمنحلة ، ولذلك تجاهلت الرد على مبادرة الجزار من الأساس ، فيما تراجعت الجماعة بعد ذلك وأعلنت أنها لن تتوقف عن العمل السياسي، أو دعوتها لإطلاق سراح عناصرها من المتواجدين بالسجون المصرية لسابق إدانتهم بأحكام مختلفة نتيجة تورطهم بعليات عنف وإرهاب وتخريب لصالح التنظيم.
لكن لماذا تجاهلت مصر الدعوة ولماذا ترفض التعاطي مع أي مبادرات إخوانية نحو التصالح أو اعادتهم للمشهد من جديد ؟
ويجيب اللواء عادل عزب، مسئول ملف الإخوان الأسبق بجهاز الأمن الوطني لـ ” العربية.نت” و” الحدث.نت” : ويقول بداية يجب أن نقول أن الإخوان ليست جماعة دعوية حتى يقول الجزار أن التنظيم سيعود للدعوة ويعتزل السياسة ، ولا يصح أبداً وبعد 96 عاما من التعاطي مع هذه الجماعة ورصد مواقفها وجرائمها وعلاقاتها المريبة والاستخباراتية مع جهات أجنبية وأجهزة معادية ، وما طالعته دوائر المحاكم منذ الأربعينيات على جرائم هذه الجماعة ، مروراً بالثمانينات والتسعينيات ونهاية بالمؤامرة الكبرى على الشرق الأوسط ، أن تتحدث عن صلح مع مصر أوتنتظر قبولا رسميا أو شعبيا لها من جديد.
دعونا -كما يقول الخبير الأمني المصري -نؤكد على أن الجماعة تأسست كجماعة دعوية لكن لم يكن هدفها أبدا نشر الإسلام ، أو تجديد الدعوة بل أن مؤسسها حسن البنا عندما قام بتعريف الجماعة، قال إنها دينية صوفية وسلفية، وسياسية واقتصادية و جمعية خيرية رياضية، مضيفا أن الهيكل التنظيمي للجماعة يتكون من تشكيلات و أقسام ولجان نوعية من بينها القسم السياسي والمهنيين والعمال والطلاب والاتصال بالعالم الخارجي واخيراً قسم نشر الدعوة .
ويقول إن ما يكذب الجزار عن أن الجماعة ستعود للعمل الدعوي وتعتزل السياسة حتى تجد قبولا لها من جديد في مصر، هو أن الدعوة ليست من اهتمامات الجماعة والدليل أنه وعلى مدار تاريخها كان يوكل رئاسة قسم الدعوة لأحد دراويشها ، والملاحظ أيضاً أن جميع من تم تصعيدهم لمنصب المرشد أو نوابه، لم يكن أحد منهم تولى قسم نشر الدعوة، مضيفا أن ما يدحض اهتمام الجماعة بالدعوة هو ضعف قدرات المؤلفات الدعوية الصادرة من الجماعة .
وقال الخبير الأمني إن انتاج الجماعة من العمل الدعوي والفقهي ضعيف جدا، و لا يتناسب مع تاريخها الطويل فلم تتتج سوى مجموعة الرسائل لحسن البنا التي دارت حول فكرة الإسلام الشامل، ثم ظهور منهج جديد للفكر الاسلام السياسي هو منهج سيد قطب الذي عبرت عنه آرائه في أخطر كتاب للتنظيم وكان بعنوان “معالم على الطريق” .
إذن كما يقول عزب فإن فكرة عودة الجماعة للعمل الدعوي مردود عليها بأنها لاتولي الدعوة كل اهتمامها ولاتهتم بها وليست من أولوياتها .
وأوضح أن رفض أي مبادرات صلح مع الجماعة ينبع أيضا من أنها وطيلة تاريخها تصطدم مع الحكومات رغبة في القفز على السلطة والحكم، والدليل أن حسن البنا نفى شرعية الحكومات في عصره ، وزعم أنها قامت على أسس غير إسلامية ، ثم بلغ الأمر غايته عند سيد قطب فحكم على المجتمعات كلها بأنها جاهلية ، وعلى الأمة الإسلامية بأنها منقطعة عن الوجود، غائبة عن الشهود ، ونفي الإسلام عن المجتمع الذي لا يقر بالحاكمية ولو صلى وصام وحج البيت الحرام .
ويتساءل الخبير الأمني كيف يمكن قبول الجماعة من مجتمع هي تقوم بوصفه بالجاهلية ؟ ، وانطلقت منها أفكار الإسلام السياسي والإسلام برئ منهم، وظهر منها مصطلحات التكفير والاستحلال واستباحة الدماء والأموال وعشرات النبوءات الفاسدة التي نُسبت للإسلام ظلماً وزوراً وشوهت صورته خاصة أمام المجتمعات الغربية.
وأشار إلى أن المرشد الثاني للجماعة حسن الهضيبي وبعد تعرض التنظيم لضربات عام 1965، أخرج كتابا بعنوان “دعاه لا قضاه ” ينفي ويستنكر فكرة تكفير المجتمع والخروج عليه بقوة السلاح، إلا أنه وبعد بضع سنوات كان نجله المرشد السادس مأمون الهضيبي يعلن وبكل فخر أن جماعة الإخوان تتقرب إلى الله بالتنظيمات السرية المسلحة.