ماذا يخطط الإسرائيليون قرب الأردن؟
ماهر أبو طير
في توقيتات متزامنة خلال العامين الأخيرين، قبل حرب غزة وخلالها، بقيت التسريبات الإسرائيلية تتحدث عن مخاطر الحدود الأردنية مع إسرائيل في سياقات محددة الهدف.
علينا أن نقف عند 3 تسريبات أساسية، الأولى ما تم نشره مرارا قبل حرب غزة حول نية إسرائيل إقامة جدار عازل على طول الحدود الأردنية الإسرائيلية التي تمتد مئات الكيلومترات، ولم يتم تحديد نوعية الحاجز إذا كان عبر حفر الخنادق أو إقامة سياج حديدي ممتد، أو جدار إسمنتي على طريقة الجدر العازلة داخل فلسطين ذاتها، وبين
إسرائيل ودول عربية، هذا في الوقت الذي يوجد حاجز طبيعي من جبال الملح أقيم على طول 40 كيلو مترا جنوب الأردن وفلسطين، في مناطق محددة، وهو حاجز أقامته إسرائيل قبل سنوات طويلة لاعتبارات أمنية.
الثانية تتعلق بكثرة الإعلان الإسرائيلي عن القبض على مهربين يحملون الأسلحة التي يراد تهريبها إلى داخل فلسطين، وكثيرا ما يتم الإعلان عن مجموعات أو أفراد يحاولون عبور الحدود ليلا ومشيا على الأقدام ويتم
اعتقالهم أو قتلهم ومعهم أسلحة فردية أو كميات محددة من الأسلحة بهدف التهريب، وهذا الإعلان تكرر كثيرا خلال السنوات الأخيرة، وصولا إلى توقيت حرب غزة، ومحاولات ربط ذلك بكون جذر التهريب يمتد إلى سورية، وربما برعاية إيرانية في سياقات منح الأمر لوناً أمنياً على صلة بالمواجهات والمكاسرات في هذه المنطقة.
والتسريبة الثالثة تؤشر على تقديرات لمسؤولين أمنيين إسرائيليين بأن 4 آلاف شخص تسللوا من حدود الأردن إلى إسرائيل منذ بداية العام 2024، ولم تذكر التسريبة هنا عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية إذا كانوا جميعهم يحملون السلاح، أو يحاولون العبور، لمجرد العبور، لاعتبارات الالتحاق بعائلات فلسطينية في الضفة الغربية، أو لغايات العمل، وعدد الأردنيين حصرا من بين الأربعة آلاف، مع معلومات سابقة تتحدث عن جنسيات أفريقية وآسيوية حاولت العبور أيضا عبر هذه الحدود، بهدف ما يسمى الهجرة غير الشرعية، والبحث عن عمل.
ما أعلنت عنه إسرائيل قبل يومين من خلال تسريبة تقول إنه من المتوقع أن يتخذ رئيس أركان جيش الاحتلال هيرتسي هاليفي قرارا في الأيام المقبلة بشأن مسألة إنشاء فرقة جديدة للجيش على طول الحدود الأردنية، ويرجع ذلك إلى التهديدات الأمنية المتزايدة على الحدود.
هذا يعني أن إسرائيل تعتبر الحدود مع الأردن مفتوحة وتشكل تهديدا مباشرا بشكل صريح، على الرغم من أن التسريبات الإسرائيلية قد تحمل مبالغات من حيث المؤشرات والأرقام، لكن الأهم هنا أن هناك كلفا خطيرة على الأردن إذا أقيمت على حدود الغربية جدر عازلة مع حدود الدولة الفلسطينية المفترضة على الورق، وهناك كلف تتعلق بالبعد الأمني الإستراتيجي الذي تعنيه هذه الإغلاقات غربا في وجه الأردن، كما أن هذه التصورات ستقود إلى سيناريوهات محددة بشأن استيلاء إسرائيل على كامل غور الأردن من الجانب الغربي لنهر الأردن.
في كل الأحوال تجميع التسريبات والبرقيات الأمنية المشفرة عبر الإعلام الإسرائيلي والتصريحات يؤكد أن ملف الحدود مع الأردن بما يعنيه سياسيا وأمنيا، ملف مقبل على الطريق، وسط تهيئة إسرائيلية لخطوات مختلفة هذا إذا استقرت الأمور أصلا في المنطقة، وتوقفت حرب غزة، ولم تنشب حرب دموية في الضفة الغربية، أو مواجهة في كل المنطقة.