هل تستثمر مؤسسة الضمان في "السكن الاجتماعي"؟
تبدو فكرة الإسكان الاجتماعي (Social Housing) إحدى أهم الأفكار التي يمكن أن تسهم في تخفيف وطأة الظروف المعيشية الصعبة لفئات واسعة في المجتمع، لا سيما فئة المتقاعدين ذوي الرواتب المنخفضة والمتوسطة، وكذلك فئة العمال والمستخدمين الذين يتقاضون الحد الأدنى للأجور أو حوله، والذين يجدون صعوبة بالغة في العثور على سكن خاص صحي ومناسب،وفق خبير التأمينات والحماية الاجتماعية موسى الصبيحي .
يشير الصبيحي في منشور له على صفحته فيسبوك إلى أن فكرة "السكن الاجتماعي" ليست مجرد فكرة لامعة، بل هي ضرورة تتطلب التنفيذ من قبل الدولة أو مؤسساتها الكبرى مثل مؤسسة الضمان الاجتماعي. والهدف من ذلك هو توفير سكن ميسور التكلفة للفئات ذات الدخل المحدود، وهو نوع من الاستثمار في الإنسان، حيث يُسهِّل على المواطن ويقدم له خدمة أساسية تعتبر من حقوقه الأساسية. في الوقت ذاته، يعد هذا شكلاً من أشكال الاستثمار الاجتماعي (Social Investment)، الذي يحقق أرباحًا بطرق متعددة: اقتصادية، اجتماعية، صحية، وسياسية.
يُبرز الصبيحي التجربة الرائدة لمدينة فيينا عاصمة النمسا، حيث تمكنت بلدية المدينة من توفير حوالي 220 ألف شقة مستأجرة اجتماعيًا (Social Rented Apartments) لمحدودي الدخل من مواطنيها. هذه المساكن تُتاح بتكلفة تعادل ثُلُث ما يدفعه نظراؤهم في مدن مثل لندن وباريس ودبلن. ويُظهر هذا النجاح الكبير أهمية المشروع وقدرته على تحسين نوعية الحياة لفئات واسعة.
يقترح الصبيحي على مؤسسة الضمان الاجتماعي وصندوق استثمار أموالها أن يدرسا بجدية هذه الفكرة العظيمة، من خلال منظور اقتصادي واجتماعي، بحيث تُطرح مساكن اجتماعية بإيجارات منتهية بالتمليك. كما يؤكد أهمية وضع خطة طويلة الأمد لتنفيذ المشروع بشكل تدريجي، وعلى مراحل مدروسة تبدأ من المتقاعدين الذين تقل رواتبهم التقاعدية عن 300 دينار. إذ تبلغ نسبة هؤلاء حوالي 48% من إجمالي عدد المتقاعدين.
يُشير الصبيحي إلى أن تنفيذ مثل هذا المشروع سيكون له تأثير كبير على الفئات المستهدفة، لا سيما المتقاعدين الذين يواجهون تحديات مالية كبيرة. فبتوفير سكن ميسور، سيخف الضغط عن هؤلاء الأشخاص، مما يتيح لهم العيش بكرامة وبمستوى معيشي مقبول، ويحد من الأعباء المالية التي قد تثقل كاهلهم بسبب ارتفاع تكاليف الإسكان.
وفي ختام حديثه، يشدد الصبيحي على ضرورة وضع استراتيجية شاملة لضمان نجاح المشروع، تتضمن دراسة دقيقة لتحديد احتياجات الفئات المستهدفة، وتحديد المواقع الأنسب لإقامة المشاريع السكنية، فضلاً عن وضع آليات تمويل مناسبة بالتعاون مع جهات معنية أخرى. يعتبر الإسكان الاجتماعي خطوة أساسية نحو تحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين جودة الحياة للعديد من المواطنين، وهو استثمار حقيقي في مستقبل المجتمع.
واختتم الصبيحي حديثه بتأكيد أن الإسكان الاجتماعي يُعتبر جزءًا لا يتجزأ من البنية التحتية اللازمة لتحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي. فهو لا يوفر فقط المأوى للمحتاجين، بل يعزز من شعورهم بالأمان والاستقرار، ويعمل على تقليل الفجوات الاجتماعية والاقتصادية داخل المجتمع. لذا، فإن تبني هذه الفكرة وتنفيذها يمكن أن يكون له تأثير كبير على المدى البعيد في تعزيز التنمية المستدامة وتحقيق الازدهار لكافة فئات المجتمع.