30 شكوى إتجار بالبشر في الأردن العام الجاري

{title}
أخبار الأردن -

 

أوصت جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان بمواءمة قانوني منع الاتجار بالبشر والعقوبات، حيث أن بعض الأفعال الواردة في تعريف قانون منع الاتجار بالبشر تشكل جرائم مستقلة بموجب قانون العقوبات مثل الخطف والاحتيال.

ودعت "تمكين" في تقريرها الصادر بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة الاتجار بالأشخاص، الذي يصادف 30 تموز من كل عام، إلى تعديل التشريعات المتعلقة بالعمل الجبري وتغليظ العقوبات في جرائم العمل الجبري. كما دعت إلى سن التشريعات المناسبة واتخاذ الإجراءات الإدارية الملائمة للقضاء على جريمة الاتجار بالبشر ومعاقبة مرتكبيها، والعمل على إلغاء التعميم الأمني ونظام الكفالة الذي يرسخ العمل القسري.

ووفقًا للتقرير، تلقت "تمكين" في عام 2023 (55) شكوى عمالية لضحايا إتجار بالبشر مُحتملين، حيث وصلت 17 حالة مباشرة إلى "تمكين"، و8 حالات لأطفال، فيما أُحِيلت 30 حالة من قبل وحدة مكافحة الإتجار بالبشر. توزعت الحالات وفقًا للجنس: 22 شكوى مُقدمة من ذكور، و30 شكوى مُقدمة من إناث، أما الأطفال فكانوا 7 من الذكور وأنثى واحدة.

وفي النصف الأول من العام 2024، وفقًا للتقرير، تلقت "تمكين" (30) شكوى عمالية لضحايا إتجار بالبشر مُحتملين، حيث وصلت 16 حالة مباشرة إلى "تمكين"، و8 حالات لأطفال، فيما أُحِيلت 6 حالات من قبل وحدة مكافحة الإتجار بالبشر. توزعت الحالات وفقًا للجنس: 4 شكاوى مُقدمة من ذكور، و18 شكوى مُقدمة من إناث، أما الأطفال فكانوا 2 من الذكور و6 من الإناث.

وأوضح التقرير أن الشكاوى تتمثل في: حجز الحرية، وحجز جوازات السفر، وعدم دفع الأجور، والحرمان من الطعام، ومنع العاملين من التواصل مع أهاليهم، والتعرض للإيذاء اللفظي أو الجسدي أو النفسي أو الجنسي، بجانب الانتهاكات للحقوق العمالية.

وأشار التقرير إلى أن انخفاض عدد حالات ضحايا الاتجار بالبشر المحتملين لا يعكس بالضرورة الحجم الحقيقي للمخالفات التي تُرتكب في هذه القطاعات، وهي تُعد ضئيلة بالمقارنة مع حجم هذه القطاعات وعدد العمال المتوقع تعرضهم للانتهاكات، مبينًا أن العديد من العاملين قد يجدون صعوبة في الوصول إلى الجهات المختصة، أو قد يمنعهم الخوف من تقديم شكوى.

وفيما يتعلق بالجنسيات، قال التقرير إن الشكاوى قُدمت من عمال أردنيين، ومصريين، وبنغلادش، والفلبين، وأوغندا، وغانا، وسيريلانكا، وأثيوبيا، ونيبال، والهند.

ونوّه التقرير إلى وجود بعض الجنسيات التي تتمتع بوضع خاص مثل الجنسيات الإثيوبية والكينية والغانية، فعلى الرغم من سماح الحكومة الأردنية لمكاتب استقدام عاملات المنازل بإحضار عاملات من هذه البلاد للعمل في الأردن، إلا أن أي منها ليس لديه أي سفارة في الأردن مما يضع أمام القادمين من هذه البلاد عوائق إضافية خاصة في مسألة إيجاد مأوى مناسب لهم.

وجاء في تقرير "تمكين" أن الأردن هو الدولة العربية الثالثة من حيث سن قانون مكافحة جريمة الإتجار بالبشر، بعد البحرين والإمارات. إلا أن هنالك العديد من العوائق التي تواجه الحد من جريمة الإتجار بالبشر، منها: حصر حالات الجريمة في العمل الجبري والأطفال وبيع الأعضاء والعمل في الدعارة، فيما أغفل تزويج القاصرات، كذلك قوانين العمل، والعقوبات، والإقامة والأجانب غير منسجمة تمامًا مع متطلبات مكافحة الإتجار بالبشر. وخلو قانون منع الإتجار بالبشر من بعض التعريفات المهمة منها مفهوم العمل الجبري وتعريف السخرة، إضافة إلى طول أمد التقاضي، وإشكالية نظام الكفالة المتمثلة بعدم قدرة العامل على تغيير مقر عمله إلا بموافقة الكفيل.

ومن المعوقات أيضًا حسب التقرير عدم رغبة العديد من الضحايا في التقدم بشكوى واللجوء إلى القضاء، بسبب الخوف، أو وضعهم غير النظامي والخوف من الترحيل، ومنهم من يرغب في العودة إلى بلاده فقط.

وبين التقرير وجود معيقات تتعلق بفترات التقادم القانونية التي تمنع ملاحقة الجاني قضائيًا بعد فترة محددة من السنوات من تاريخ ارتكابه للجرم أو اكتشاف جرمه. وغالبًا ما تستغرق قضايا الاتجار وقتًا طويلًا للتحقيق لأنها غالبًا ما تقع في الخفاء، ويصعب إثبات الجريمة، لذلك بمجرد انتهاء فترة التقادم، قد يفرّ مرتكبو الجريمة من العقاب. في هذا الجانب، طالبت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية الدول الأطراف إلى سن فترات تقادم طويلة. وتقضي المادة 11/5 بأن "تحدد كل دولة طرف في إطار قانونها الداخلي، عند الاقتضاء، مدة تقادم طويلة تستهل أثناءها الإجراءات الخاصة بأي جرم مشمول بهذه الاتفاقية، ومدة أطول عندما يكون الجاني المزعوم قد فرّ من وجه العدالة." وبالمثل، تنص المادة 29 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد على أنه "تحدد كل دولة طرف في إطار قانونها الداخلي، عند الاقتضاء، فترة تقادم طويلة تبدأ بها الإجراءات القضائية بشأن أي فعل مجرَّم وفقًا لهذه الاتفاقية. وتحدد فترة تقادم أطول أو تُعلّق العمل بالتقادم في حال إفلات الجاني المزعوم من يد العدالة".

وجاء في التقرير أن هنالك حالات إتجار بالبشر قد تكون عابرة للحدود الوطنية، وتتطلب ملاحقة وتعاونًا دوليًا بين أجهزة إنفاذ القانون في بلدان المنشأ وبلدان العبور وبلدان المقصد. وهذه العملية صعبة، ويُحتمل أن تكون مكلفة، وتستغرق وقتًا كبيرًا، وتتطلب موارد كثيفة، مما يحد من الملاحقات القضائية للجريمة ونجاحها.

وجددت "تمكين" في تقريرها التأكيد على أهمية إقرار نظام مساعدة ضحايا الإتجار بالبشر، رغم وجود ملاحظات عليه، خاصة فيما يتعلق بأوجه الإنفاق. حيث حددت المادة (5) من النظام أوجه إنفاق أموال الصندوق للضحايا، بما في ذلك المحتملون منهم حسب مقتضى الحال، بأن تكون لنفقات العودة الطوعية للضحايا إلى أوطانهم أو أي دولة أخرى يختارونها وتوافق على استقبالهم، والنفقات العاجلة التي ترد من وحدة مكافحة الاتجار بالبشر في مديرية الأمن العام، ونفقات الترجمة الفورية، والمشورة القانونية، ونفقات إعادة إدماج المجني عليهم، وأية نفقات ضرورية يوافق عليها الوزير بناءً على توصية اللجنة. موضحًا أن اعتماد الصندوق ماليًا سيكون على التبرعات والمساعدات والمنح فقط، وفي حال كانت من مصدر غير أردني يجب موافقة مجلس الوزراء. وفي هذا الخصوص، إن نصوص النظام المتعلقة بأوجه الإنفاق ومصادر أموال الصندوق حصرت مصدر الأموال بالتبرعات والمنح والهبات، ما سيحد من الدعم المالي، إلى جانب عدم كفايته لسداد نفقات الخدمات التي سيقدمها النظام للضحايا مثل العودة الطوعية، والترجمة، ونفقات إعادة الإدماج، وغيرها من النفقات.

وفيما يتعلق بمصدر الأموال في حال كانت من جهة غير أردنية، قال التقرير أن النظام أوجب موافقة مجلس الوزراء، الأمر الذي سيؤثر في الفترة الزمنية لقبولها. ومن الأولى ربط الموافقة باللجنة دون أي موافقات أخرى تسريعًا للإجراءات وتبسيطًا لها، ولسهولة دعم الصندوق باستمرار من المصادر غير الأردنية. إلى جانب أن إجراءات الموافقة قد تُعطل آليات الحماية للضحايا والضحايا المحتملين وتأجيل الخدمات المقدمة لهم، ويتوجب عدم الاكتفاء بالتبرعات والمنح والهبات، بل يُفضل دعم الصندوق من موازنة الدولة أو من الأموال التي تُصادر من الجناة وإيداعها في الصندوق لمساعدة الضحايا.

ووفقًا للتقرير، إن أوجه الإنفاق من الصندوق لم تشمل المساعدة القانونية مباشرة بل المشورة القانونية، ما قد يحد من الخدمات القانونية والتمثيل القانوني المُقدم للضحية. كما لم يورد النظام مبدأ تعويض الضحايا، واقتصر على الاتفاق على الإعادة الطوعية وإعادة الإدماج، وهي التزامات حثت عليها الاتفاقيات الدولية، خاصة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، وبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، ولا سيما النساء والأطفال. ولم يحدد نظام صندوق دعم الضحايا أولويات دفع النفقات للضحايا والخدمات المقدمة لكل ضحية في حال تعدد المجني عليهم.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير