تحذير: التراجع المتدرج في إيرادات الدولة وأثره على الاقتصاد الأردني

تحذير: التراجع المتدرج في إيرادات الدولة وأثره على الاقتصاد الأردني

بإلهام: المهندس رائد الصعوب

في تحذير جديد يُطلِقُه سلامة الدرعاوي، يسلط الضوء على قضية حيوية تتعلق بالتراجع المتدرج في إيرادات الدولة الأردنية منذ بداية الربع الأخير من العام الماضي. تتجلى أهمية هذا الموضوع في تأثيره المباشر على الاقتصاد الوطني والخزينة العامة للدولة.

تراجعت الإيرادات العامة في الربع الأول من هذا العام بمقدار يقارب 200 مليون دينار، وتفاقم الوضع خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة ليصل التراجع إلى 400 مليون دينار. هذا التدهور المستمر يشكل تهديداً كبيراً لعجز الموازنة المتزايد، والذي يقدر بـ2.8 مليار دينار للسنة الحالية.

 تداعيات حرب غزة وتأثيرها على الاقتصاد

أحد الأسباب الرئيسية لهذا التراجع هو تداعيات حرب الإبادة على غزة، والتي تركت آثاراً سلبية على العديد من النشاطات الاقتصادية الحيوية. إلى جانب ذلك، يشهد السلوك الاستهلاكي الداخلي تراجعاً ملحوظاً، مما يزيد من حدة الأزمة الاقتصادية.

 انخفاض إيرادات ضريبة المبيعات على المستوردات

تراجعت إيرادات الخزينة من ضريبة المبيعات على المستوردات بنسبة 2.8% حتى نهاية شهر آذار، وهذا الانخفاض هو الأكبر ضمن هيكل التراجع الكلي. مع اقتراب تخفيض جمركي جديد في بداية العام المقبل، من المتوقع أن تتراجع عمليات الاستيراد بشكل أكبر، مما سيؤثر سلباً على إيرادات ضريبة المبيعات في النصف الثاني من العام.

 تراجع إيرادات الأراضي والرسوم غير الضريبية

تعاني إيرادات الأراضي والرسوم غير الضريبية من تراجع كبير نتيجة الهبوط العام في عدد من القطاعات الرئيسية، مثل السفر والسياحة. هذه التراجعات تضاف إلى الضغط المالي على الحكومة، مما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف النزيف الحاد في الإيرادات العامة.

 حلول عملية لتجاوز التحديات الاقتصادية

في ضوء التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر، يمكن استلهام بعض الحلول العملية التي قدمناها سابقاً وتطبيقها في الأردن لتعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي.

 إعادة هيكلة الديون واستثمارها

بدلاً من التركيز على تخفيض الديون فقط، يمكن تبني نهج يقوم على إعادة هيكلة الديون بحيث يُستخدم جزء منها للاستثمار في مشروعات إنتاجية تدر دخلاً على المدى القصير والمتوسط. يمكن توجيه هذه الاستثمارات نحو الصناعات التكنولوجية والزراعية المتقدمة التي تساهم في رفع الإنتاجية الوطنية وزيادة الصادرات.

 إنشاء وحدة متابعة حكومية

للانتقال من النقاش النظري إلى التنفيذ الفعلي، يجب إنشاء وحدة متابعة داخل الحكومة مكونة من خبراء اقتصاديين وتكنولوجيين لمراقبة تنفيذ التوصيات الصادرة عن المؤتمرات الاقتصادية. هذه الوحدة ستعمل على تقييم جدوى المشروعات المعلنة، وضمان تنفيذها وفق جداول زمنية محددة، مع توفير تقارير دورية للجمهور لتعزيز الشفافية والمساءلة.

 تطوير البنية التحتية الذكية

تطوير البنية التحتية الذكية باستخدام التقنيات الحديثة يمكن أن يسهم بشكل كبير في تعزيز الاقتصاد. يمكن إنشاء شبكات ذكية للطاقة والمياه والنقل تعتمد على إنترنت الأشياء (IoT) والذكاء الاصطناعي (AI) لتحسين الكفاءة وتقليل الهدر. كما يمكن إطلاق مشاريع تجريبية للمزارع الذكية التي تستخدم تقنيات الري الحديث والزراعة العمودية لتقليل استهلاك المياه وزيادة الإنتاجية.

 تحفيز الاستثمار الأجنبي والمحلي

لتعزيز البيئة القانونية وجذب الاستثمارات، يُقترح إنشاء محكمة خاصة لشؤون القضايا التجارية والاقتصادية والاستثمارية، تكون مرتبطة بأعلى جهة سيادية في الدولة. يتم تعيين قضاة متخصصين في هذا المجال، ويُعتمد في عمل المحكمة على أحدث تقنيات التواصل والشفافية، واستخدام أدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل فعال وسلس. هذا من شأنه أن يسهم في تسريع حل القضايا التجارية وضمان العدالة والشفافية، مما يعزز ثقة المستثمرين ويجذب المزيد من الاستثمارات.

 إطلاق مبادرات وطنية للابتكار في التعليم والتكنولوجيا

لتحقيق نقلة نوعية في التعليم، يمكن إطلاق مبادرات وطنية للابتكار تشمل شراكات بين الجامعات المحلية والعالمية، والشركات التكنولوجية الكبرى، والمؤسسات الحكومية. هذه المبادرات ستعمل على تطوير مناهج تعليمية تتماشى مع متطلبات السوق الحديثة، وتوفير برامج تدريبية متخصصة في مجالات الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والطاقة المتجددة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن إنشاء حاضنات أعمال لدعم المشاريع الناشئة في مجال التكنولوجيا، مما يعزز من بيئة الابتكار وريادة الأعمال.

 تعزيز الشفافية والحوكمة

لتعزيز الشفافية، يمكن إنشاء بوابة حكومية رقمية تنشر بانتظام جميع البيانات الاقتصادية والتقارير المالية والمشروعات الاستثمارية. هذه البوابة ستتيح للمواطنين والخبراء الوصول إلى المعلومات بشكل شفاف، مما يعزز من الثقة بين الحكومة والجمهور. كما يمكن تنظيم ندوات وورش عمل بالتعاون مع الجامعات ومراكز الأبحاث لمناقشة سياسات الحكومة وإشراك المجتمع في عملية صنع القرار.

 الخاتمة

من خلال تطبيق هذه الحلول الإبداعية، يمكن للأردن تجاوز التحديات الاقتصادية وتعزيز مسار التنمية المستدامة. يتطلب ذلك التزامًا قويًا من الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص للعمل معًا لتحقيق رؤية اقتصادية جديدة تعتمد على الابتكار والاستدامة.

 

---

 

م. رائد الصعوب؛ بتوظيف الذكاء الاصطناعي  

[email protected]

 

————————————


تنويه.. يسمح الاقتباس وإعادة النشر بشرط ذكر المصدر (صحيفة أخبار الأردن الإلكترونية).