لا تشتم إلها لا تعبده. (حكمة آرامية)

لا تشتم إلها لا تعبده. (حكمة آرامية)

إبراهيم غرايبة

الحكم على العقائد الدينية بنقدها أو الدفاع عنها  ليس متقبلا إلا على سبيل المعرفة والبحث العلمي، وفي هذه الحالة لا يحاكم دين أو معتقد بمعايير ومبادئ دين أو معتقد آخر. لكن الدراسة النقدية للدين تستند إلى المنهج العلمي العقلاني من غير استخدام نصوص دينية من دين آخر للحكم والتقييم. لكن في حالة استخدام الأدوات العقلانية والعلمية في دراسة ونقد الدين لا يجوز استثناء دين من تطبيقها. الانتقائية في المنهجية العلمية بتطبيقها على دين واستثناء دين آخر منها مغالطة منهجية وانحياز يفقد صاحبه النزاهة والصدقية. 
على أي حال إن الموقف العلمي العقلاني بعامة تجاه الأديان هو عدم محاكمتها ولا الدفاع عنها لكن الدين بالنسبة للعلم ظاهرة أو موضوع للبحث والتفكير العلمي، وأما المحتوى الديني فهو في نظر العلم والمنطق مقولة محتملة الصحة، وحين يعجز العلم عن إثبات خطأ مقولة دينية فلا يصفها بأنها خطأ حتى لو كانت غير ممكنة الحدوث أو التصور بمنظور عقلاني نقدي.
هناك خلط معرفي وأخلاقي بين الاعتقاد دينيا بخطأ دين آخر وبين الحكم الأخلاقي و أو القانوني على ممارسات ورموز وطقوس دينية. فأن يكون اعتقاد ديني يتناقض دينيا مع دين آخر لا يعني أنه مرفوض قانونيا أو أخلاقيا. والشعور أو الاعتقاد بالخطأ الديني لفئة من الناس لا يعني تصنيفهم مع الجرائم القانونية والأخلاقية إلا اذا ارتكبوا هذه الجرائم بالفعل،  على بسيل المثال فإن القاتل مجرم والقتل عمل فظيع بل هو أسوأ فعل يرتكبه الإنسان. هو جريمة مستقلة بذاتها لا يغير من الحكم عليها شيئا هوية أو معتقد أو دين القاتل، وفي المقابل فإن المختلف دينيا مهما كان ججم وطبيعة الاختلاف يعتبر إنسانا سويا وشيريفا إذا لم يرتكب جريمة أو فعلا مخالفا للقانون.
ابتداء فإن الحكم دينيا على أحد هو شأن الله وحده، فالدين لله ولم يكلف الله أحدا بالمحاسبة الدينية لأحد أو الحكم على معتقد أو دين أحد. ليس لبشر أن يحاكم أو يحاسب أحدا باعتبارات ومعايير دينية إلا ما طلب الدين المحاسبة عليه. الإسلام لم يطلب محاسبة أحد إجبارا أو منعا بسبب معتقداته أو ممارساته الدينية حتى ما وصفه الإسلام بالكفر أو الحرام ولم يطلب إجبار احد على معتقد أو أداء فريضة دينية حتى عندما ينص بوضوح على وجوبها. الإسلام طلب فقط محاسبة الذين يعتدون على المجتمع والناس مثل القتل او السرقة أو الزنا (بالحدود المقررة بوضوح وليس محاسبة أحد على علاقاته أو التفتيش عليها. ليس إلا الشكوى الزوجية أو الحق العام حتى مع الإقرار بحرمة الزنا) أي أنه ليس كل فعل محرم دينيا يجب ملاحقته أو التفتيش عنه. 
من أكبر الأخطاء التي يقع فها المؤمنون أن يتساوى لديهم وفي شعورهم القاتل  أو المجرم مع المختلف دينيا أي أن ينظر إلى  جريمية القتل في النفور منها ورفضها والمحاسبة عليها بنفس الدرجة التي ينظر أو يشعر بها تجاه عقيدةدينية مختلفة. لا حكم أخلاقي أو قانوني على أحد مهما كان دينه أو معتقده إذا لم يرتكب صاحب هذه العقائد جريمة القتل أو السرقة أو الاعتداء أو الإساءة أو الغش،...


تنويه.. يسمح الاقتباس وإعادة النشر بشرط ذكر المصدر (صحيفة أخبار الأردن الإلكترونية).