التنظير ...
إبراهيم أبو حويله...
بين منظر يرى المستحيل واقعا ،ويبحث في الخيالات ليرسم منها طبيعة حالمة كاذبة ، وما قصة فتى الشاي الذي ينظر في كل شيء من رأس الهرم الى اصغر موظف ، ولكنه لا يتقن ذلك الكأس من الشاي الذي يعده ، وليته ركز فيما بين يديه لاراح واستراح ...
وذلك المفكر الذي يدرك حدود الممكن ويرسم الامل بواقعية للمستقبل ، ويرسم للأمة حدودها العليا في حصار الخندق وهي تفتح بلاد أعظم امبراطوريتين عرفهما التاريخ ، لكنه مدرك تماما لما اعد وما هو ممكن ..
أتدري ما هو الألم ، هو أن تعلم ان هذا الدعي منكر منكر وهو في أحسن أحواله لا يصلح ان يكون أميرا على نفسه ، وهو يدعي أنه يريد أن يصلح أمة ، وانت تعلم تماما حاله وما هو قادر عليه ، ويشتم هذا وينصح هذا ولا يعجبه هذا .
فهو يحفل بماض ليس فيه إنجاز على المستوى الشخصي ولا العام، وبعضهم مرت حياته دون شواهد تذكر، ولكن مع ذلك لا يعجبه شيء .
وكم أخشى من ذاك الذي لا يعجبه شيء ، ولا يجد حكمة ولا منطقا في شيء ، فهذا يذكرني بحال الخوارج اعاذنا الله وإياكم منهم ، فهم لا يقبلون رأيا ولا مشورة، ولا يرون فضلا ولا تقوى لأحد إلا لأنفسم ورأيهم .
فهو ان احتفل فجهاد واغاظة للعدو ، وان احتفلت انت فسق وفجور ، وان تفاوض وتعاون فمصلحة وسياسة ، وان تفاوضت أنت فخيانة وتآمر.
فبينه وبين العدل ازمنة ومسافات، ومقياسه في الحياة من أحب ومن أكره.
يا هذا رفقا بنفسك فوالله ان حملك ثقيل وثقيل جدا .
وما كان العدل يوما إلا ميزان واحد واحد ومقبول واحد ومرفوض واحد سواء أحببت أم كرهت .