أرباح الشركات في الربع الأول
سلامة الدرعاوي
الربع الأول من عام 2024 شهد تراجعا ملحوظا في أرباح الشركات، وهو ما يستدعي التحليل العميق للأسباب وراء ذلك، إذا قلنا ان المقارنة مع العام 2023 كانت قبل الاضطرابات الجيوسياسية في المنطقة.
لماذا تراجعت الأرباح؟ هذا السؤال يطرح نفسه بقوة، والجواب ليس مجرد أرقام، بل هو تحليل عميق للتحولات في الساحة الاقتصادية، إذا ما وضعنا في الحسبان إن الأوضاع في الربع الأول 2023 لم تكن كما كانت في فترة الحرب، حيث كانت الشركات تتألق بأرباح جيدة، بينما الآن، تحمل التحولات الجيوسياسية، وأبرزها العدوان على غزة وتأثيرات سلاسل التوريد والشحن، جزءا كبيرا من اللوم على هذا التراجع.
لا تتوقف المشكلة عند هذا الحد، بل تتعمق في القطاعات الفرعية، حيث يشهد قطاع الصناعة تراجعا بنسبة 32 %، بسبب تراجع أرباح شركات التعدين، في موازاة أن قطاع السياحة أيضا ليس بأفضل حالاته، حيث يعاني من خسائر تقدر بملايين الدنانير. ولكن بالنتيجة، ما تزال هناك نقاط إيجابية، فالشركات ما تزال تحقق أرباحا، وهو أمر إيجابي يستدعي التفكير بشكل إبداعي لتحقيق النجاح في هذه الظروف الصعبة.
وبالعودة للأرقام، فإن من بين 144 شركة مدرجة، قدمت 139 شركة تقاريرها المالية للربع الأول، حيث بلغت الأرباح بعد الضريبة 518.1 مليون دينار، مقابل 585.5 مليون دينار في العام السابق، بانخفاض 11.5 %، وهذا يعكس التأثير المباشر للتحديات الاقتصادية والسياسية في المنطقة، وبالمقابل يعكس أيضا استمرارية الأعمال والثقة بالسوق المالي الأردني.
الأرباح قبل الضريبة سجلت انخفاضا من 806.1 مليون دينار في الربع الأول من 2023 إلى 750.2 مليون دينار في نفس الفترة من 2024، بتراجع نسبته 6.9 %، أما الشركات الرابحة انخفض عددها من 93 شركة للربع الأول من عام 2023 إلى 79 شركة لذات الفترة من العام الحالي، ومجموع الأرباح انخفض من 604.7 مليون دينار في الربع الأول 2023 إلى 542.4 مليون دينار في ذات الفترة من العام الحالي.
في القطاع المالي، بلغ عدد الشركات المساهمة 71 شركة، حققت أرباحا صافية قدرها 326.9 مليون دينار، في حين ان قطاع الخدمات شهد مشاركة 40 شركة بأرباح صافية 41.1 مليون دينار.
الشركات الخاسرة زاد عددها من 46 شركة في الربع الأول 2023 إلى 59 شركة في ذات الفترة من العام الحالي، وارتفعت إجمالي الخسائر من 19.1 مليون دينار في الربع الأول 2023 إلى 24.3 مليون دينار في الربع الأول 2024، هذا يظهر كيف أن التأثيرات السلبية للتوترات الإقليمية وانخفاض الطلب قد انعكس بشكل مباشر على الأداء المالي للشركات.
إن الإشارة إلى الشركات الرابحة تعطينا فكرة عن نقاط القوة في الاقتصاد، وهذا يظهر الدور الحيوي للقطاع المالي والصناعي في دفع عجلة الاقتصاد الوطني، ومع ذلك، فإن الأرباح في هذه القطاعات تحد من التأثير السلبي للتراجعات في قطاعات أخرى، لذلك كانت الشركات العشر الأعلى من حيث الأرباح للربع الأول من عام 2024 هي: البنك العربي، ومناجم الفوسفات الأردنية، والبوتاس العربية، وبنك الإسكان للتجارة والتمويل، وبنك المال الأردني، والبنك الأردني الكويتي، ومصفاة البترول الأردنية/جوبترول، والبنك الإسلامي الأردني، وبنك الأردن، والاتصالات الأردنية، حيث بلغ مجموع أرباح العشر شركات 472.9 مليون دينار، حيث شكلت أرباح العشر شركات نسبة 87.2 % من ربح الـ 79 شركة الرابحة في الربع الأول من عام 2024.
الأرقام المستخلصة من تقارير الربع الأول لعام 2024 تعكس واقعا اقتصاديا متأثرا بشدة بالأوضاع الجيوسياسية الراهنة، إذ إن فهم هذه التقلبات والتحديات يمكن أن يوفر رؤى قيمة للمستثمرين وصناع السياسات في تقييم الاستراتيجيات المستقبلية وتعزيز المرونة الاقتصادية للشركات.