المنطقة على مفترق طرق

المنطقة على مفترق طرق

منير دية 


تعيش المنطقة برمتها أوضاعاً سياسية واقتصادية غير مسبوقة ،فالأزمات تتوالى وتشتد يوماً بعد يوم وقد تنزلق المنطقة في أي وقت إلى حرب مفتوحة قد تعصف بالكثير من الدول وتدخلها في أتون الفوضى والصراعات و تؤدي إلى مزيد من  الخراب والدمار .
المنطقة اليوم على مفترق طرق فبعد احداث السابع من أكتوبر الماضي والعدوان الإسرائيلي المستمر لأكثر من مئتي يوم وارتكابه آلاف الجرائم والمجازر متجاوزاً كل القوانين والمواثيق الأعراف الدولية ضارباً بعرض الحائط قرارات مجلس الأمن الدولي و محكمة العدل الدولية ومع توسع الصراع في المنطقة ودخول جبهات لبنان واليمن والعراق والتصعيد العسكري الأخير بين ايران وإسرائيل والذي دخل لأول مرة في التاريخ مرحلة الضرب المباشر بمئات المسيرات والصواريخ الإيرانية لاهداف داخل الكيان المحتل .
إسرائيل عاجزة تماماً حتى الان من تحقيق اهدافها وإعادة قدرتها على الردع وتحقيق نصر صريح على جبهات غزة ولبنان وهي غير قادرة كذلك على إعادة مختطفيها او التوصل لاتفاق مع حماس حول ذلك بشروطها فحكومة الحرب في ورطة بين أوضاع داخلية متفجرة وكارثة اقتصادية غير مسبوقة وإخفاقات عسكرية وسياسية قد تطيح بها في القريب العاجل وبين ظروف إقليمية ودولية لم يشهدها الكيان منذ نشأته وخسارته لدعم الكثير من شعوب العالم وانهيار صورته التي رسمها في اذهان العالم على انه ضحية فيما يشاهد العالم يومياً جرائم الحرب التي يرتكبها بحق المدنيين في قطاع غزة .
البحث عن نصر سريع هذا ما ترغب به إسرائيل لإعادة هيبتها امام العالم وربما يدفعها ذلك لاجتياح رفح وجنوب لبنان وقد تكون هذه المغامرة سبباً في إشعال حرب في المنطقة وتوسع دائرة الصراع بشكل اكثر فاعلية وهذا بدوره سيجعل المنطقة تنزلق نحو حرب قد تتدخل بها دول عالميه لها مصالح اقتصادية وعسكرية وسياسية فالحرب الروسية الأوكرانية تلقي بظلاها على المنطقة وكذلك الصراع بين تايوان والصين وبالتالي فان روسيا والصين لها مصالحها في المنطقة وسوف تدافع عنها في محاولة لإشغال الولايات المتحدة الأمريكية اكبر فترة ممكنه في الشرق الأوسط في ظل الدعم الأمريكي المباشر لأوكرانيا واسرا ئيل وتايوان والذي تم مؤخراً من إقرار الكونغرس لحزمة مساعدات تجاوزت ٩٥ مليار دولار .
اقتصاد المنطقة في خطر كبير إذا ما استمر الصراع و توسع فإغلاق المنافذ البحرية وتفاقم ازمة الشحن والملاحة وارتفاع أسعار النفط والغاز والذي سيرفع نسب التضخم في المنطقة والعالم والذي سيدفع البنوك المركزية للعودة للسياسة النقدية المتشددة ورفع أسعار الفائدة او تثبيتها دون انخفاض وبالتالي المزيد من أعباء الديون  على الحكومات والأفراد وخاصة في الدول العربية الضعيفة وكذلك سيؤدي توسع الصراع واستمراره إلى تراجع معدلات النمو الاقتصادي وانخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وتراجع إيرادات دول المنطقة بالتزامن مع دخول العديد من القطاعات الاقتصادية وخاصة السياحة والنقل والخدمات والتجارة  في حالة ركود وسيسهم ذلك في انهيار الأسواق المالية وتذبذب في سعر صرف العملات والعديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية مما سيضع المنطقة على حافة الانهيار الاقتصادي.
اذاً فنحن امام مفترق طرق اما تسوية نهائية للقضية الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية او توسع دائرة الصراع والدخول  في حرب لا نهاية لها .


تنويه.. يسمح الاقتباس وإعادة النشر بشرط ذكر المصدر (صحيفة أخبار الأردن الإلكترونية).