تضاعف عدد الإصابات بمرض جنسي قاتل في الأردن
شهدت المملكة ارتفاعًا مقلقا في حالات الإصابة ببكتيريا الزهري خلال السنوات الأخيرة، حيث تم الإبلاغ عن 374 حالة في 2020 مقارنة بـ 188 حالة في 2016، وفقًا لما أفاد به أستاذ ومستشار علاج الأمراض المعدية، الدكتور ضرار بلعاوي.
الزهري (السفلس syphilis)، هو مرض جنسي ينتج عن الإصابة ببكتيريا اللولبية الشاحبة، ويظهر المرض على ثلاث مراحل مختلفة، وتترافق مع ظهور أعراض متفاوتة، مع فترات من الصحة الجيدة بدون ظهور أعراض.
وتثير أرقام الإصابة بالزهري قلقًا للجهات المعنية في الأردن؛ حيث تعمل على متابعة انتشار المرض في المجتمع، ولم تكشف وزارة الصحة حتى الآن عن أعداد المصابين المكتشفين في المملكة خلال الربع الأول من العام الجاري.
يشير بلعاوي إلى أن الزهري يتمثل في ظهور قرح غير مؤلمة في المنطقة التناسلية أو الفم، ويعتبر المرض جنسيًا يمر بعدة مراحل، وتبدأ الأعراض من هذه القرح، وهو ما يتطلب التدخل الفوري والعلاج المناسب.وفق رؤيا.
وأوضح بلعاوي أن تطور المرض يمكن أن يؤدي إلى ظهور طفح جلدي وتلف في الأعصاب، بالإضافة إلى مشاكل في القلب والدماغ في مراحله المتقدمة.
وأكد أن الأرقام التي تم الإبلاغ عنها تشير إلى ارتفاع نسبة انتشار الزهري في الأردن، وتُعد في مرحلة خطرة تتطلب المراقبة والمعالجة الفورية.
وجاء هذا التحذير بعد إصدار تقرير سنوي عن الأمراض المنقولة جنسيًا من قبل المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية، بما في ذلك "سي دي أي".
ووفقًا لأرقام مركز سواعد التغيير، فقد تم اكتشاف حوالي 120 حالة إصابة بمرض الزهري خلال عام 2023، من خلال إجراء 4995 فحصا مخبريا، ومع ذلك، فإن الأرقام المسجلة لدى وزارة الصحة أو في بنوك الدم، حيث يتم فحص "السفلس" للراغبين في التبرع، لا تزال غير معروفة.
وأفاد مدير مركز سواعد التغيير، عبدالله حناتلة، بأن هناك حالات مصابة بالزهري في الأردن ولكنها لم تُسجل رسميًا، حيث يلجأ بعض المصابين بالمرض إما للعلاج في القطاع الخاص أو للحصول على العلاج من الصيدليات.
وأكدت وحدة الأمراض السارية في وزارة الصحة أن نسبة انتشار مرض الزهري قد ارتفعت خلال السنوات الماضية في الأردن، وأشارت إلى أن الإحصائيات والمسوحات أكدت هذا الارتفاع بشكل واضح، دون تقديم أرقام محددة.
وعزت وزارة الصحة هذا الارتفاع إلى ثلاثة عوامل رئيسية: زيادة الوعي في المجتمع حول المرض، مما يدفع الأشخاص لإجراء الفحوصات، وتحسين خدمات التشخيص والعلاج التي تتوفر للمصابين، وزيادة السلوكيات الجنسية المحفوفة بالمخاطر، مما يزيد من انتشار المرض.
وزارة الصحة أكدت امتلاكها قاعدة بيانات تضم معلومات المصابين بالأمراض المنقولة جنسيا بما في ذلك مرض الزهري.
وتستخدم هذه القاعدة لتتبع حالات الإصابة، واكتشاف المزيد من الحالات، والحد من انتشار المرض، حسب الوزارة.
الدولة تضع خطة لمواجهة الزهري
كشفت وزارة الصحة عن الخطوات التي تتبعها للتعامل مع هذا المرض، والتي تستند إلى الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الأمراض المنقولة جنسياً.
يُذكر أن الوزارة قامت بإطلاق استراتيجية وطنية لمكافحة الأمراض المنقولة جنسياً في عام 2022، والتي تشمل مرض الزهري ضمن أهدافها.
تهدف هذه الاستراتيجية، وفقاً لوزارة الصحة، إلى تعزيز التثقيف والوعي في المجتمع حول الأمراض المنقولة جنسياً، وتحسين خدمات التشخيص والعلاج، وتوسيع نطاق تتبع المخالطين، وتعزيز الممارسات الجنسية الآمنة.
لتحقيق هذه الأهداف، تنفذ وزارة الصحة بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية برامج توعية، تهدف إلى نشر المعلومات حول الأمراض المنقولة جنسياً وطرق الوقاية منها، وذلك من خلال موقع وزارة الصحة - مديرية الأمراض السارية، بالإضافة إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
خط ساخن للرد
وأوضحت المديرية أنه تم توفير خدمات خط ساخن للرد على استفسارات الأشخاص حول الأمراض المنقولة جنسياً، بهدف تقديم الدعم والمساعدة للأفراد المهتمين بالحصول على معلومات حول الموضوع.
وأكدت المديرية على تحسين خدمات التشخيص والعلاج من خلال توفير أدوات التشخيص الحديثة وتدريب الكوادر الطبية على أفضل ممارسات العلاج، بهدف توفير الرعاية الصحية الشاملة للمصابين بمرض الزهري.
وفيما يتعلق بخطط تتبع المخالطين، أكدت المديرية أن الوزارة تقوم بتتبع المخالطين للأشخاص المصابين بمرض الزهري، وذلك لتقديم العلاج لهم ومنع انتشار المرض في المجتمع.
أما فيما يتعلق بتعزيز الممارسات الجنسية الآمنة، فأوضحت الوزارة أنها تشجع على استخدام الواقي الذكري كوسيلة فعالة للوقاية من الأمراض المنقولة جنسياً، بما في ذلك مرض الزهري.
وتهدف البرامج التوعوية التي تقوم بها الوزارة إلى نشر المعلومات حول الأمراض المنقولة جنسياً وطرق الوقاية منها، سواءً من خلال موقع وزارة الصحة - مديرية الأمراض السارية، أو من خلال الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي، لزيادة الوعي الصحي في المجتمع.
ضعف في التعامل مع الأمراض المنقولة جنسيا
يؤكد مدير مركز سواعد التغيير، عبدالله حناتلة، على وجود ضعف في آلية التعامل مع الأمراض المنقولة جنسياً في الأردن من قبل مختلف القطاعات.
وأشار حناتلة إلى أن هذا الضعف لا يقتصر على الجهات الحكومية، بل يمتد أيضًا إلى مؤسسات المجتمع المدني، حيث أنه يتم تجاهل الحديث عن الأمراض المنقولة جنسياً نتيجة للوصمة والتمييز المرتبطة بها في المجتمع الأردني.
وأضاف أن هذه الأمراض تتطلب المزيد من الاهتمام والتوعية من قبل جميع الجهات المعنية، بما في ذلك وسائل الإعلام، ودعا إلى إعطاء آلية الرصد والتبليغ عن هذه الأمراض أولوية، إلى جانب تكثيف الجهود الحكومية في فرض الرقابة على القطاع الخاص لتحديد مدى انتشار المشكلة.
وأشار إلى ضرورة إجراء دراسات ومسوحات للكشف عن مدى انتشار المرض بين أوساط المجتمع الأردني، وذلك لتحديد الخطوات اللازمة للتصدي له ومعالجته بشكل فعّال.
دورات تثقيفية حول مرض الزهري
تُقدم وزارة الصحة حملات توعوية حول الأمراض المنقولة جنسياً، بما في ذلك مرض الزهري، بهدف زيادة الوعي في المجتمع حول أسبابه وطرق الوقاية والعلاج.
ومن جانبه، يُنظم مركز سواعد التغيير جلسات تثقيفية في عدة محافظات في الأردن، يشرف عليها فريق من الشباب المدربين على نقل المعلومات والرسائل التوعوية إلى أقرانهم والمجتمعات المحلية.
وأوضح مدير المركز، عبدالله حناتلة، أن هذه الجلسات تستهدف فئة الشباب وتسلط الضوء على الأمراض المنقولة جنسياً، بما في ذلك مرض الزهري، من خلال شرح أسباب انتقاله وطرق الوقاية والعلاج.
ويستخدم المركز منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقاته الخاصة لنشر البرامج التوعوية في مجال الصحة الإنجابية والأمراض المنقولة جنسياً، بالإضافة إلى توفير خط ساخن للرد على استفسارات المواطنين حول تلك الأمراض.