البراري يكتب: الرد الإسرائيلي المنتظر
حسن البراري
تتوعد إسرائيل برد على الهجوم الإيراني لأنها بحاجة ماسة لتأسيس مستوى جديد من الردع. الضربة الإيرانية كانت محدودة انقسم عليها الشارع العربي ما بين مؤيد على اعتبارها ضربة لمكانة دولة الكيان سترفع من كلفة سياساته وبين من اعتبرها مسرحية معدة بشكل جيد ومخرجها واحد معروف وأنها جاءت في سياق التخادم.
هذا التسطيح مفهوم نظرا لغياب الفعل العربي ولغياب أي مشروع عربي يمكن الالتفاف حوله او حتى انتقاده. والراهن أن هذا الانقسام هو مزيج ما بين الايدولوجيا والعاطفة إلى حد ما ويقفز عن حقائق كثيرة هي:
أولا، هذا حدث كبير وغير مسبوق ولأول مرة يظهر لنا تحالف بقيادة الولايات المتحدة يدافع عن إسرائيل ويسقط المسيرات والصواريخ بهذه الفعالية.
ثانيا، لا علاقة بالهجوم الإيراني بحرب الإبادة التي يشنها الكيان الفاشي على الفلسطينيين، فإيران كانت مرغمة على الرد بعد توجيه إسرائيل لضربة مباشرة لها. وإسرائيل تعرف بأن إيران لا تريد الحرب ولا التصعيد لذلك جاء الرد الإيراني كبير الحجم محدود النتائج عسكريا.
ثالثا، إيران تفكر بمنطق الدولة وليس العاطفة، وهي تعرف أن حلم نتنياهو هو توريط الولايات المتحدة بحرب مع إيران حتى تزيل الخطر الإيراني مرة وللأبد، لذلك يحاول قادة إيران حرمان إسرائيل من هذه الفرصة ومن خلال تغليب مصلحة إيران.
رابعا، وهنا الأهم، لن تخاطر إيران بحرب مع إسرائيل باقتصاد مكشوف وخوفا على انجاز جيوسياسي حققته من خلال نفوذها الذي يمتد من إيران مرورا بالعرق وسوريا ولبنان حتى المتوسط. هذا الإنجاز الجيوبوليتي غير المسبوق في تاريخ إيران قد يتبخر على نيران حرب إقليمية جديدة، لذلك فإن العرب الذي يريدون من إيران خوض معركة مع إسرائيل نيابة عنهم لا يأخذون بالحسبان حسابات إيران بعيدة المدى.
خامسا، وهنا مربط الفرس، على الأرجح أن تقوم إسرائيل برد عسكري وشيك، ولن يكون كبيرا خشية من معارضة الولايات المتحدة، ولا صغيرا حتى لا تبعث إسرائيل برسالة ضعف. على الأرجح أن يكون متوسط الشدة على ألا يفضي إلى حرب إقليمية.
هنا تنتهي المواجهة وبإمكان كل طرف أن يعلن الانتصار، هذا لا يهم، فكلاهما يخاطبان جمهورهما. لكن ستخرج الأمور عن السيطرة إن ردت إيران على الرد الإسرائيلي بشكل مباشر وعندها سيفتح صندوق الشرور على مصراعيه.