الرد الإيراني .. والصمت العربي .. محاولة حفظ ماء الوجه

{title}
أخبار الأردن -

أحمد عبد الفتاح أبو هزيم

انشغلت شبكات التواصل الإجتماعي والمواقع الإلكترونية والقنوات الإخبارية بالتحليلات والتعليقات حول الرد الإيراني على الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق ، الذي راح ضحيته عدد من قادة ومستشارين في الحرس الثوري الإيراني ، وقد انقسمت ردود الأفعال الرسمية في المنطقة بين الصمت والدعوة إلى ضبط النفس ، على عكس ردود الأفعال الشعبية التي ذهبت بإتجاه السخرية والتهكم من كيفية ونوعية الرد الإيراني الذي طال انتظاره بسبب إرتفاع منسوب توقعات البعض من جراء الشحن الإعلامي المسبق الذي ذهب في مخيلتهم إلى زوال دولة الكيان أو إلحاق أضرار بالغة في المنشآت والأرواح ، وبعدما حصلت الضربة " الهوليوديه " أعتبرها الكثير من المتابعين لسياق الأحداث المتصاعدة في المنطقة فشلاً ذريعاً لإيران في ردها الإنتقامي .

استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في سوريا إعتبرته إيران إختراق إسرائيلي بموافقة أمريكية لخطوط الردع القاتلة بين الطرفين ، وتجاوز سافر له ما بعده للخطوط الحُمر المرسومة والمتفق عليها ضمنياً عبر عشرات السنوات من خلال صراع منظبط ومتوازن تحكمه مصالح كلا الطرفين في تقاسم النفوذ في المنطقة العربية على إعتبار أنهم لاعبين إقليميين مهمين ، في ظل ضعف وخضوع عربي مستمر .

مصداقية إيران عند وكلاءها وحلفائها " على الأقل في الظاهر " سرع إتخاذ قرار الرد من خلال ضرب إسرائيل بسلاح انطلق من عمق الأراضي الإيرانية على عكس ما كان يجري في السابق ، حيث كانت السمة البارزة في ردها " الذي تحتفظ به لنفسها " يأتي عبر وكلائها المنتشرين في عدد من الدول العربية ، وتهدف أيضاً من خلال الرد المباشر من قبلها إلى إعادة بناء الثقة بنفسها أولاً وقوتها ثانياً التي تهشمت كثيراً بعد قيام إسرائيل عدة مرات بعمليات نوعية داخل الأراضي الإيرانية من خلال خلايا الموساد ، وأيضاً قيام إسرائيل بضرب منشآت وعناصر إيرانية في دول الجوار دون أن تقوم إيران بأي عمل ردع مباشر سوى التلويح بالرد في الوقت والمكان المناسبين .

مناورة الهجوم الإيراني الإستعراضي حقق أهدافه الإستعمارية لجميع أطراف اللعبة المؤثرة على مسرح الأحداث " المنطقة العربية " ، ولأول مرّه في التاريخ جميع أطراف " الصراع " منتصرين في الحرب ، إيران وإسرائيل وامريكا وحلفائها الغربيين ، إيران استطاعت استغلال التفاهمات التي سبقت بدء الهجوم المعروف توقيته سلفاً في لفت الأنظار إلى قوتها المتصاعدة ومدى تأثيرها في محيطها الإقليمي ، أملاً في حلحلة الملفات العالقة التي وضعت على الرف قبل السابع من أكتوبر مثل الملف النووي والحصار الإقتصادي والأموال المجمدة ، وكذلك مطالبة أمريكا ودول الغرب إستمرار التغاضي عن دورها الجيوسياسي والعقائدي في بعض الدول العربية التي باتت حديقة خلفية للسياسة الإيرانية و أطماعها التوسعية.

الهجوم الإيراني وما سبقه من زخم إعلامي " تهويل " مضخم كان بمثابة طوق النجاة لدولة الكيان الصهيوني للظهور بمظهر الدولة المستهدفة من محيط كله أشرار لا يريدون لها الحياة ، وما تقوم به في غزة والضفة الغربية من قتل وحرب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين ما هو إلا دفاع عن النفس ، وأيضاً استطاع رئيس وزراء الكيان نت ياهو الهروب إلى الأمام من استحقاقين داخليين ، الأول المظاهرات المطالبة له ولحكومته بعقد صفقة لعودة الأسرى المحتجزين لدى المقاومة في غزة والثاني ضغط المعارضة المطالبة باستقالة الحكومة ، وعلى المستوى العسكري وفي الجانب الدفاعي استطاعت إسرائيل تجريب منظومات الدفاع الجوي بعيدة المدى العاملة لديها مثل مقلاع داوود الذي تم تطويره بشكل مشترك بين الصناعات الدفاعية الإسرائيلية والأمريكية ، ونظام الدفاع الجوي آرو 2 و آرو 3 ، ونظام الشعاع الحديدي ، ونظام القبه سي و سي دوم بالإضافة لنظام الباتريوت الأمريكي ، حيث أعلنت دولة الكيان الصهيوني إسقاط 99./. من الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية دون وقوع قتلى أو أضرار جسيمة .

الولايات المتحدة الأمريكية المتحكمة بجميع مفاصل الأحداث في العالم أثبتت انحيازها التام إلى جانب الكيان الصهيوني ، وأنها غير مهتمة بإنهاء معاناة الفلسطينيين والحرب المدمرة على غزة بقدر اهتمامها بأمن الكيان ، وعدم توسيع نطاق الحرب لتضمن لإسرائيل الإستفراد بغزة والضفة الغربية ، وقامت بالتعاون مع حلفائها وبما تملكه من قدرات عملياته مذهله بإسقاط بعض الصواريخ والطائرات المسيرة قبل دخولها المجال الجوي الإسرائيلي.

مجلس حرب الكيان الصهيوني في حالة انعقاد دائم ، وحكومته المنتشية بالنصر تلوح بالرد ، انتهت جوله و يبقى الباب مفتوح على جميع الإحتمالات.

حمى الله الأردن واحة أمن واستقرار ، و على أرضه ما يستحق الحياة.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير