الاخبار العاجلة
تلك الصفعة التي لم تكتمل

تلك الصفعة التي لم تكتمل

مالك عثامنة

كانت المسيرات الإيرانية قد انطلقت فعلا وفي طريقها الطويل عبر الأجواء العراقية ثم الأردنية إلى أهداف لا يعرف عنها أحد في إسرائيل.

قبل وصولها كانت إيران أيضا وعبر بعثتها في الأمم المتحدة في نيويورك تعلن رسميا انتهاء ردها العسكري "الانتقامي" على استهداف إسرائيل لقنصليتها في الأراضي السورية "وهي قاعدة استخباراتية متقدمة لطهران في المنطقة".

 

 

تصريح البعثة الإيرانية بدأ بتثبيت مرجعية قانونية للهجوم مستندة – حسب التصريح – أنه جاء بناء على المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة المتعلقة بالدفاع المشروع. ويضيف التصريح أن ذلك كان ردا على "عدوان النظام الصهيوني على مرافقنا الدبلوماسية في دمشق". ثم تعلن طهران ومن نيويورك أنه "يمكن اعتبار المسألة مغلقة" وتستطرد بأنها جاهزة لرد فعل أكثر حدة بكثير في حال ارتكبت إسرائيل خطأ آخر!!

ببساطة، أعلنت إيران للعالم كله أنها تريد أن تصفع إسرائيل – حسب وصف مرشد الجمهورية نفسه-، ثم أوقفت صفعتها قبل وصولها إلى الخد.

وما شهدناه في ساعات الليل المتأخر بين السبت والأحد كان أغرب عملية عسكرية في مضمونها ورسائلها وشكلها وترتيباتها، فالكل كان يعرف عنها قبل حدوثها والولايات المتحدة سربت عبر مصادر عديدة صباح يوم السبت "مع تمهيد سابق يومي الخميس والجمعة" عن حضور وشيك لضربة عسكرية إيرانية قبل يوم الأحد، والتسريبات التي وصلت الجميع ممن يتابعون في مهنتنا كانت تقول أن طهران أبلغت واشنطن أنها لا تريد حربا واسعة!! ولم يعرف أحد ماذا كان رد واشنطن التي لم تتفاجأ لا هي ولا إسرائيل بالهجوم!

في المنتصف، كان الأردن وأجواؤه طريقا لمسيرات الصفعة التي لم تكتمل، ومارس الأردن حقه الشرعي حسب المواثيق الدولية بحماية أجوائه وسيادته، بدون أي جعجعة ولا تصريحات نارية تثير مزيدا من القلق في حالة مقلقة بالفعل.

في الأثناء وبعد الصفعة التي لم تكتمل، كانت هناك مسيرات كراهية إلكترونية موجهة للموقف الأردني تطالبه بالدخول في "حرب الصفعات" تلك.

أوقف الأردن كل عمليات الطيران في أجوائه قبل ساعات قليلة من الهجوم الإيراني الذي كان العالم كله يعرف عنه، وأعلن أنه لن يسمح بانتهاك تلك الأجواء بتلك المسيرات التي انطلقت من إيران وهذا حقه في حماية نفسه من تلك الأجسام الطائرة المريبة التي تحمل أسلحة وبلا شك تحمل أيضا أجهزة تقنية متقدمة قادرة على مسح وكشف الأرض الأردنية "وهذه استباحة واضحة"، واعترض الأردن بعض تلك الأجسام كرد فعل طبيعي وشرعي ومنطقي وقد انتهكت أجواؤه.

ومع ذلك، يتنطح جنرالات الكي بورد ومنظري المقاومة عن بعد بانتقاد الأردن لممارسة حقه الشرعي في الدفاع عن أجوائه التي استباحتها إيران في صفعة لم تكتمل وتحججت فيها طهران نفسها بالمواثيق الدولية كغطاء للهجوم قبل أن تعلن إغلاق القضية من طرف واحد.

القضية لم تغلق بعد، والقلق الحقيقي اليوم من مجانين حكومة التطرف المسعور في تل أبيب من رد فعل "إيران نفسها تحذر منه" قد يقود المنطقة إلى حرب إقليمية، تتجاوز الصفعات المعتادة.

حتى اللحظة، نجح نتنياهو "جزئيا" في تصدير أزماته وورطاته إلى خارج مجاله الحيوي، والشكر موصول لإيران وصفعتها التي لم تكتمل.


تنويه.. يسمح الاقتباس وإعادة النشر بشرط ذكر المصدر (صحيفة أخبار الأردن الإلكترونية).