تعديل غير موفق.. قانون الطاقة المتجددة مثالا
المهندس محمد الدباس
أراقب من بعيد بعض من التباطؤ والتخبط لما يجري اليوم في بعض نواحي قطاع الطاقة، وتحديدا -على سبيل المثال– لما يتعلق بالتعديلات الجديدة والتي أقرت مؤخرا من قبل مجلس النواب على قانون الطاقة المتجددة، بطريقة يبدو بأنها ستؤدي إلى الحد من الإستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، وأعتب تحديدا في ذلك على رئيس وأعضاء لجنة الطاقة في مجلس النواب؛ وللإنصاف وبالرغم من الأثر الإيجابي لبعض من التعديلات والتي تعتبر (خطوة تحفيزية) بهدف الإستفادة ما أمكن من (زخم) لإضفاء مرونة إقتصادية لبعض من التعديلات المتعلقة بترشيد الطاقة، إلا أنني أجد في (الأهم منها) ما يعارض التوجهات المتعلقة بزيادة نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في خليط الطاقة الكلي، وعدم الجدوى الإقتصادية المستقبلية لتلك المشاريع بناء على هذه التعديلات، مما يعني عدم اليقين (مستقبلا) في تحقيق رؤية التحديث الإقتصاديلقطاع الطاقة بسبب فرض إجراءات وكلف إضافية الهدف منها ليس إلا تحقيق مكاسب مالية لسد العجز المالي المعروف لشركة الكهرباء الوطنية، والذي كان سببه وما زال التوقيع المجحف السابق لإتفاقيات مشاريع الطاقة المتجددة.
لقد كنت قد أشرت في وقت سابق بأن فرض تعريفة واحدة فقط أي (5) فلسات على مشاريع الطاقة المتجددة، ستدر دخلا للخزينة العامة يعادل (300) مليون دينار لمدة ما تبقى من فترات التعاقد للمرحلتين الأولى والثانية لمشاريع الطاقة المتجددة، أي بمعدل (20) مليون دينار سنويا، وهو يساوي (أضعاف) ما تم فرضه في وقت سابق من رسوم جديدة على مشاريع الطاقة المتجددة، والتي سُميت برسم استخدام الشبكة الوطنية للكهرباء، وهي في مضمونها لا تعدو إلا أن تكون “ضريبة لإستخدام الشمس”، وأرى بأنها قد كانت وما زالت خطوة غير موفقة، فما تم تخفيضه من تعرفة كهربائية لبعض من القطاعات، قد تم تعويضه وللأسف من خلال فرض ضريبة الشمس هذه، وتحديدا على مطوري مشاريع الطاقة الشمسية.
لقد كان الأجدر من قبل وزير الطاقة الإصرار على “مراجعة شاملة” لاتفاقيات مشاريع الطاقة المتجددة والتي حاول بعيد تسلمه لزمام الوزارة إعادة التفاوض عليها إلا أنه-وللأسف- لم يحقق ذلك، والسبب قد يكون قوى الشد العكسي الرافضة لهذا التوجه لأنهم هم أصحاب المصلحة، وأسباب أخرى قد لا نعلمها.
وخلاصة القول؛ فإنني أكرر بأن قطاع الطاقة وبما احتواه من مؤسسات تابعة له بحاجة إلى (نفض شمولي وهيكلة جديدة)، تأخذ بعين الإعتبار التطورات العالمية الحالية لقطاعات الطاقة، وبنفس الوقت تعكس الكلفة الحقيقية للطاقة الكهربائية المولدة للمستهلك النهائي، فلا يعقل أن ترتفع التعرفة الكهربائية على المستهلكين الإعتياديين في ظل إرتفاع نسبة مساهمة الطاقة المتجددة المولدة والتي وصلت في الوقت الحالي قرابة 29% من مجمل الطاقة الكهربائية المستهلكة، وبالتالي فإنني أتوقع -في ظل هذه التعديلات- فإنه حتى وإن وصلت نسبة الطاقة المتجددة لـ 50% بحلول العام 2030 كما هو مخطط له؛فإنه لن يكون هناك أي أثر مالي إيجابي على فاتورة المستهلكين وتحديدا المستهلكين المنزليين، كما أن ذلك سيؤثر على الجدوى الإقتصادية والمالية لتركيب هذه الأنظمة على مبدأ (صافي القياس) مما يعني (التضييق) أيضا على مطوري ومستخدمي هذه الأنظمة؛ وبالتالي سيكون هناك (إحجاماً مؤكداً)في الإستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة!