«تفكيك» الأونروا.. «شرط» صهيوني لإدخال المساعدات لـِ«غزة»؟
محمد خرّوب
على ضوء الفشل الذي حصدته الدولة العنصرية الفاشية, في محاولاتها شطب المهمة التي تنهض بها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين المُعرّفة إختصاراً بـ'الأونروا». خاصة بعدما فبركتْ أكذوبة مُشاركة 12 موظفاً من كوادرها في عملية «طوفان الأقصى', ثم لاحقاً عندما رفعت العدد إلى152 موظفاً, وتالياً قيام أحد الموظفين بـ'إغتصاب» إسرائيلية. ما أدى من بين تفاصيل أخرى إلى مسارعة إدارة بايدن تعليق مساهمتها في ميزانية الأونروا السنوية, وتبعتها على شكل أكثر تسرعاً وخضوعاً معظم الدول الغربية الحليفة (إقرأ التابعة) بتعليق تمويلها هي الأخرى للوكالة الأممية (التي كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرّرت تأسيسها في 8/12/1949, كـ'وكالةً مُخصِّصة ومُؤقتة، على أن تُجدَّد ولايتها كل ثلاث سنوات, حتى الوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية'). ثم لم يلبث الكونغرس الأميركي أن إتخذ قراراً في 20 آذار الماضي, يقضي بـ'حظر» التمويل الأميركي لـ'الأونروا» حتى آذار 2025.
ها هي صحيفة «ذي غارديان» البريطانية, تنقل أول أمس/الأحد عن مصدر في الأمم المتحدة المزيد من تفاصيل المحاولات الصهيونية التي لم تتوقف لطي صفحة الأونروا, من مشهد القضية الفلسطينية, وما ترمز إليه وبخاصة التفويض الأممي الذي مُنح لها, والذي «لن» يتم سحبه, «إلا عندما يتم الوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية', كما نص على ذلك قرار تأسيسها رقم/302.
قال المصدر الأممي للصحيفة البريطانية: أن إسرائيل قدّمت «مقترحاً» لتفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في فلسطين. ويحدد هذا الاقتراح، وفقاً للمصدر الأممي، خططاً لـ'نقل» وظائف الأونروا إلى «وكالة بديلة»، تهدف إلى «تسهيل توصيل المواد الغذائية على نطاق واسع إلى غزة». إلى ذلك ـ أضافت ذي غارديان ـ قالت مصادر مطلعة على المناقشات، أن الاقتراح قدَّمه رئيس الأركان العامة الإسرائيلي، الجنرال هيرتسي هليفي، أواخر الأسبوع الماضي، إلى مسؤولي الأمم المتحدة في إسرائيل، الذين «أحالوه» إلى الأمين العام للمنظمة/ أنطونيو غوتيريش، السبت 30 آذار الماضي. وبموجب هذه الخطة ـ تابعتْ المصادر المُطلِعة ذاتها ـ سيتم نقل ما يتراوح بين 300 و400 موظف من موظفي الأونروا، إما إلى وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة مثل برنامج الأغذية العالمي، أو إلى «منظمة جديدة تم إنشاؤها خصيصاً لتوزيع المساعدات الغذائية في غزة». ولا تزال التفاصيل المُتعلقة بالترتيبات الإدارية والأمنية لهذه الوكالة الجديدة غير واضحة. ختمت الصحيفة البريطانية.
وإذ يصعب تجاهل حجم الضغوط التي تمارسها دولة العدو الصهيوني, على الأمم المتحدة وبخاصة الأونروا, يُساعدها في ذلك رهط لا يُستهان به من الحلفاء والشركاء المُؤثرين, تتقدمهم في ذلك الولايات المتحدة, فإن من المهم الإشارة إلى أن مسألة «تفكيك» الأونروا لن يكون سهلاً, أو في متناول العدو الصهيوني وداعميه. ليس فقط لأن الطرف الوحيد المنوط به سحب تفويض/تفكيك الأونروا هو الذي «أسّسها', ونعني الجمعية العامة للأمم المتحدة, وبافتراض أن واشنطن «حاولتْ» الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي, فإن «أكثر» من فيتو واحد في إنتظارها بالتأكيد. لكننا معنيّون راهناً بالدور الحيوي وربما الوحيد, القادر على إدارة وتنظيم توزيع المساعدات كما الرعاية الصحية وخدمات أساسية أخرى مثل: التعليم, نظراً لِخبرته الطويلة في هذا المجال ونقصد «الأونروا» وليس أي طرف آخر.
صحيح أيضاً أن العدو الصهيوني ما يزال يسعى بل يواصل تهميش الأونروا, عبر استبعادها من القيام بأي دور في توزيع المساعدات, ورفض إدخال شاحناتها وبخاصة الى شمال قطاع غزة بما فيها مدينة غزة ذاتها, ظنّاً منه أن ما تقوم به «العشائر الغزِيّة» في هذا المجال, كفيل بدفع دورها/الأونروا إلى الإنكماش والتلاشي, إلا أن إعلان تلك العشائر أمس, عن «إنسحابها» من هذا الدور الذي أناطه بها جيش العدو, قد وجّه ضربة مُوجعة إلى محاولاته الرامية تهميش دور الأونروا, في حال استمر موقف تلك العشائر الرافض تلك المهمة, بعدما كشفت/العشائر عن سقوط أكثر من 70 فرداً من أفراها (الذين يتولون توزيع المساعدات) برصاص الجيش الصهيوني.
في الخلاصة تلفت الصحيفة البريطانية/ ذي غارديان إلى أن اقتراح «إسرائيل» تفكيك الأونروا, أثار ردود فعل متباينة، حيث دعا البعض إلى استمرارها لضمان التدفق دون انقطاع للخدمات الأساسية إلى الفلسطينيين. ومع ذلك ـ أضافتْ ـ فإن المناقشات المُحيطة بمصير الأونروا لا تزال مثيرة للجدل، مع ما يترتب على ذلك من آثار كبيرة على المساعدات الإنسانية في المنطقة. وبينما يتصارع المجتمع الدولي ـ تابعتْ ـ مع تعقيدات الاقتراح، فإن مصير الأونروا ودورها المحوري في تقديم المساعدات للاجئين الفلسطينيين على المحك.