عن إعداد الأمة

{title}
أخبار الأردن -

بلال حسن التل

قلت في مقال سابق أن فلسطين هي قضية الأمة كلها، وأنه لابد من إعداد الأمة كلها لخوض حربها، وقد قدمت لنا معركة طوفان الأقصى الدليل القاطع على أن حسن الإعداد الذي قامت به المقاومة للمعركة هو الذي جعلها تمتلك عنصري المباغتة والمبادرة.

 

حسن الإعداد يعني أن لا نستسلم للواقع وما فيه من تحديات ومخاطر وتهديدات، فعدم الاستسلام للواقع أول الحوافز للإعداد، والخطوة الأولى على طريق النصر. ومع عدم الاستسلام للواقع علينا أن نزرع في النفوس ثقافة الأمل، على الرغم من كل الصور القاتمة التي تحيط بنا وتزرع الاحباط والتشاؤم واليأس.

 

على أن يكون هذا التفاؤل ضمن استراتيجية شاملة للإعداد للنهوض بنا، لخوض حرب الأمة.

 

ومن حسن إعداد الأمة أن تسري في أوصالها روح المشاركة ليشعر كل فرد أنه شريك، وأن له دورا في بناء مجتمعه ومعركة أمته، لذلك لابد وقبل صدور أي قرار من التمهيد له وبيان مبرراته حتى يتقبله الناس برضى وقناعة، حتى يؤتي القرار أكله. فالإيمان والقناعة هما الرافعة الأساسية للإنجاز الذي يستهدفه الإعداد.

 

ومن القضايا التي لابد من التأكيد على ضرورة إعداد الأمة للتعامل معها موضوع الذكاء الاصطناعي وتطوره وإثارة على الحياة البشرية ومستقبل المجتمعات، مما يجب أن نعد أنفسنا لنكون جاهزين للتعامل الإيجابي معه حتى نحرم عدونا من تضليلنا بواسطته.

 

إن لإعداد الأمة وسائل وأدوات لابد من الأخذ بها، وأولها المنظومة الأخلاقية التي تحكم سلوك أفرادها. فقد بتنا نعاني من التفلت الأخلاقي الأمر الذي لابد من الإنتباه معه لمنظومتنا الأخلاقية وضرورة إعادة بنائها، انطلاقا من مورثنا الحضاري. الذي يؤكد على قيم الإخلاص والفداء والتضحية، وهو بالضبط ما فعلته حركة المقاومة الإسلامية في غزة منذ بدايتها الاولى.

 

ومن أهم أدوات إعداد الأمة، هو بناء روحها الوطنية، من خلال محاربة الروح الانهزامية، لأن الروح الوطنية العالية من أهم عوامل الاستقرار الوطني في كل المجالات، الاجتماعية والاقتصادية، والسياسية. وهذا يستدعي منا جميعا أفرادا وجماعات أن نتوقف عن جلد مجتمعنا وأمتنا بعدم التركيز على السلبيات في حياتنا إلا في إطار الدعوة الإيجابية للتخلص من هذه السلبيات، واستبدالها بكل ما هو بناء من خلال إبرازنا للإيجابيات ومكامن القوة في الأمة والدعوة لتعظيمها والبناء عليها.

 

كما أن من أهم أدوات إعداد الأمة، قيام المواطن بواجباته، قبل المطالبة بحقوقه، وكذلك قيام القطاع الخاص بمسؤوليته الاجتماعية، نحو مجتمعه.

 

ومن أدوات إعداد الأمة، نظامها التعليمي الذي يجب أن يكون في جانبه القيمي منبثق من قيم الأمة ومعتقداتها، وأن ننمي في طلابنا قيم الانتماء والوفاء للوطن والأمة والتضحية في سبيلهما، على أن يتم تدريب أبناء وبنات الامة تدريبا عسكريا مناسبا ليكون كل واحد مستعدا للدفاع عن وطنه وأمته، بعد أن نعرفهم بتاريخ أمتهم ووطنهم، على أن نعرفهم أيضا بمن هو عدوهم وغاصب أرضهم، مع الحرص على الاستفادة من آخر تطور العلوم وتطويعها لإعداد الأمة ومستقبلها.

 

وفي مجال إعداد الأمة، يبرز دور وسائل الإعلام بمختلف أصنافها وتنويعاتها، فالإعلام هو الناقل للأفكار والقناعات والقيم، والذي يجب أن يكون حريصا على نقل كل ما من شأنه رفع روح الأمة المعنوية، وبناء روحها الايجابية، وهو ما صارت تفتقر إليه الكثير من وسائل إعلامنا.

 

إعداد الأمة هو مفتاح كل التحولات الإيجابية التي شاهدها تاريخ البشرية، وكان أول الحريصين عليه أنبياء الله ورسله، وأولهم خاتمهم رسول البشرية محمد، ترجمة لقول الله عز وجل (أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).

 

لقد جاءت معركة طوفان الأقصى لتقدم دليلا قاطعا على ضرورة وأهمية إعداد الأمة لتحقيق التحول المطلوب في واقعها لتخرج من عصر الهزيمة إلى عصر الانتصارات.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير