الاخبار العاجلة
سعادة النائب الذي نريد

سعادة النائب الذي نريد

سهم محمد العبادي 

بعد إقرار منظومة التحديث السياسي، وكذلك قانون الانتخاب، وبما أن صوتك اليوم أصبح أكثر حرية لإيصاله، وبعد مضي عدة مجالس نيابية ومنها الحالي، وجميعها جاءت ضمن نسب مشاركة شعبية متدنية، وكانت المخرجات عنها تعادل أو أقل من نسب التصويت فيها.

جلالة الملك تحدث على عدة فترات سابقة بأن الانتخابات النيابية ستجرى هذا العام، والآن أصبحت القوة في يد الناخب إذا ما أراد التغيير والإصلاح المنشود ضمن الأطر الدستورية، بعيدا عن التنظير والتشكيك وانتظار «الوحي القادم من السماء»، فالإصلاح نحن من نقوم به لا أن نجلس وننتظر الغيبيات.

لقد عايشت في عمري عدة مجالس نيابية، تفاوتت في الأداء الجمعي، وبعضها طغى عليها الفردية، ومنها ما خرج حتى عن القانون والأعراف البرلمانية، ووصل بالأمر أن يفصل النائب أو أن نرى «أسلحة» نيابية تحت القبة التشريعية، وهذا الأمر بعيد عن رؤية الإصلاح أو بناء الوطن وازدهاره، وبكل صراحة بعيد عن العمل التشريعي والرقابي أيضا.

المواطن الأردني على درجة عالية من الثقافة والمعرفة، وله القدرة على تشخيص الحال العام، ومن ثم لم تعد «معزوفة التنظير» تؤتي أوكلها معه، بالإضافة إلى أن غالبية القوانين والتشريعات نجد الكثيرين ممن هم ليسوا نوابا لهم القدرة على التحليل وكشف المواطن الإيجابية وبواطن الخلل.

بالمقابل ونحن على أبواب مرحلة جديدة من الانتخابات ووجود مقاعد حزبية في البرلمان القادم، فلدينا القدرة على التغيير من خلال المشاركة الفاعلة وبقوة، وإيصال من يستحق إلى قبة البرلمان، ومن ثم فإن منظومة العمل البرلماني مستقبلا يجب أن يطرأ عليها التغيير، فنحن نحتاج أن يكون النائب للوطن، يمارس دوره الرقابي والتشريعي، ومنحه القوة والحصانة التي تمكنه من أداء عمله، يتكلم بهموم الوطن دون أن يقطع عنه الصوت، نريد صوتاً للنائب ولكل حديثه التشريعي والرقابي، بعيدا عن بعض الممارسات والصوت العالي والألفاظ «أسكت، أقعد، وبعدين، أطلع برا» وأخرى أترفع عن ذكرها لم تحترم القبة التشريعية ودورها الوطني.

نريد النائب الذي يقدم سؤالا، فيُجَاب عليه، وأن تحول إلى استجواب تقوم الدنيا ولا تقعد، وليس نائباً يبحث عن عدسة الكاميرا لإرضاء قاعدته الشعبية، في الوقت الذي لا بد أن يعتبر الوطن بأكمله قاعدته الشعبية.

نريد نائب المستقبل الذي يحمل مصفوفة من القوانين والتشريعات للعمل عليها لخلق قوانين جديدة تيسر الحياة بشكل عام على المواطنين والقطاعات بأكملها، نريد نائب همه تشغيل المتعطلين والمساهمة في سن القوانين الأزمة لذلك لا للمطالبة بها أو صف القصائد الشعرية.

نريد نائباً يشارك الحكومة لا يطلب منها، نريد أن نسمع «صوت الشعب» تحت القبة، نريد أن نشاهد ثقة المواطن والوطن تحت القبة، وليس نواب البزنس أو نواب «طرود الخير والصوبات».

الأردن دوما يستحق الأفضل، لذلك نريد النائب القادم أن يحمل مشروعا وطنيا أردنيا، نرى نتائجه في أنحاء الوطن، ريفها وبواديها ومدنها ومخيماتها، نريد أن يلمس المواطن أثر الإصلاح الشامل لا أن يسمع عنه، فقد سمعنا الكثير، ولكننا لم نشاهد أثره حتى اللحظة، و»تزويق» الكلام ونشر المؤشرات الإيجابية إن لم يرتبط بالأثر، فهذا يعني أننا لم ننجز شيئاً.

ومثل ذلك للمواطن، فاختيار النائب أو شكل المجلس القادم بيدك، فلا تنتخب لأجل وعود بلا وفاء، ولا تنتخب لحمية أو فزعة، فالحمية والفزعة للوطن وليس لسواه، مثلما أن لا نتراكض على أبواب سيارات «المرسيدس» لفتحها لسعادة فلان الطامع للوصول إلى كرسي النيابة لمطامع شخصية.

نريد الانتخاب البرامجي الذي نحاسب النائب عليه مستقبلا، ونكون له السند لمحاسبة الحكومة لاحقا إن وجد خطأ، نريد البرامجية الحقيقية المبنية على تقديم مصلحة الوطن العليا على كل شيء.

لقد عانى الأردنيون من كل شيء في السنوات الماضية من شتى الاضطرابات الخارجية التي كان لها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الداخل الأردني، ولكن لابد من حلول واقعية ملموسة، وليس وعوداً تذهب في كل انتخابات نيابية ولا تعود، نريد مجلس نواب يحمل مشروعا وطنيا لا غير.


تنويه.. يسمح الاقتباس وإعادة النشر بشرط ذكر المصدر (صحيفة أخبار الأردن الإلكترونية).