رغم الحرب.. لماذا لم ترتفع أسعارالنفط؟!

{title}
أخبار الأردن -

عوني الداوود

اعتدنا دائما على ارتفاع مفاجئ وكبير لأسعار النفط كلما وقعت حروب، أو أحداث وتوترات سياسية مفاجئة فكيف اذا كانت الحرب في منطقة الشرق الاوسط ذات الاهمية الاستراتيجية الكبرى من حيث انتاج النفط والغاز ومن حيث وجود أهم 3 ممرات مائية (السويس وباب المندب وهرمز) وكلّها تمثل أهمية عالمية كبيرة كمنافذ رئيسة لنقل النفط والغاز والتجارة الى العالم؟!
الغريب في الحرب على غزة أن أسعار النفط ارتفعت مع بداية الحرب فقط من 75 دولارا /للبرميل الى نحو 86 دولارا للبرميل ثم عادت الاسعارلتستقر، وبدلا من أن تكون الاسعار ضمن مستويات تتراوح بين120 الى 150 دولارا /للبرميل كما كان متوقعا، الا أن جميع التوقعات اليوم ومع دخول الحرب على غزة شهرها السادس تؤكد بأن أسعار النفط لن تنخفض عن 70 دولارا/ للبرميل، ولن تزيد على90 دولارا/للبرميل، وبما يشبه «ضبطا لإيقاع الأسعار في السوق» -على حد وصف خبراء طاقة دوليين- فما هي الاسباب وراء هذا «الاستقرار»- غير المتوقع - في أسعارالنفط؟!      
نطرح هذا السؤال على الرغم أيضا من تصاعد الاحداث في المنطقة لدرجة تعطيل الملاحة في باب المندب وتراجع حركة سفن الحاويات في البحرالأحمر بنسبة 70 % تقريبا منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.. باب المندب الذي تمر منه نحو 10 % من امدادات النفط العالمية، ونحو 12 % من التجارة العالمية اضافة لتراجع الملاحة في قناة السويس، وتوجّه كثير من الناقلات نحو الرجاء الصالح حيث زيادة المسافة وارتفاع الكلف بما فيها زيادة كلف وقود السفن بنسبة 40 % تقريبا بسبب طول المسافات.. ورغم كل ذلك أيضا لم تزد الأسعار إلا بضعة سنتات.. فما هي الأسباب؟
للإجابة عن تلك التساؤلات لا بد من استعراض النقاط التالية:
1 -هناك عوامل تتحكم بإمكانية ارتفاع أسعار النفط نتيجة للاحداث في المنطقة وفي مقدمتها المخاوف من اتساع رقعة الحرب في الاقليم، ولكن مع الحرص الواضح من جميع الاطراف -عدا اسرائيل - على عدم اتساع الحرب وتحديدا من قبل الولايات المتحدة وايران فستبقى أسعار النفط ضمن اطار (70 - 90 دولارا/ للبرميل).
2 -رغم شراسة العدوان الاسرائيلي على غزة الا أن الحرب لم يسفر عنها انقطاع في سلاسل توريد النفط -كما حدث في الحرب الروسية الاوكرانية - على سبيل المثال
 (حيث كسرت اسعار النفط ايامها حاجز الـ100 دولار).
3 -من العوامل التي تدعم عدم ارتفاع اسعارالنفط : ارتفاع مخزونات الخام الأميركي، ووفرة المعروض من الدول المنتجة من خارج منظمة أوبك، والتوقعات بوجود فائض من دول أوبك نفسها.. وضعف الطلب في الاقتصاد العالمي.
4 -في محاولة لتحفيز أسعار النفط، أعلن تحالف «أوبك +»خفضا بمقدار 3.6 ملايين برميل يوميا من إنتاج أعضائه، منذ مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2022 ويستمر حتى ديسمبر/ كانون الأول 2024، إلا أن الأسعار لم تبد ردة الفعل التي طمح إليها التحالف.
واعتبارا من يوليو/ تموز 2023، بدأ أعضاء في «أوبك +»، بقيادة السعودية وروسيا، خفضا طوعيا يضاف للخفض الإلزامي، بمجموع 2.2 مليون برميل يوميا، إلا أن الأسعار لم تشهد ردة فعل صعودية، بشكل لافت.
5 -ارتفع إنتاج النفط في الولايات المتحدة خلال العام الماضي إلى مستوى تاريخي جديد ( 13.3 مليون برميل يومياً في ديسمبر الماضي)، ما ساهم في تصاعد الضغوط الهبوطية على أسعار الخام.
6 -تجاوز روسيا للعقوبات الغربية، حيث أعلنت موسكو في أكثر من مناسبة أن العقوبات الغربية بوقف استيراد نفطها، لم تؤثر على كميات الإنتاج أو الصادرات، بإعلانها توقيع اتفاقيات توريد مع الصين والهند، المصنفتين أكبر وثالث أكبر مستوردتين للنفط عالميا.
7 - تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني الذي يأتي مع استمرار أزمة ديون قطاع العقارات إضافة إلى التوترات الجيوسياسية وضعف الطلب العالمي، فيما تعتبر بكين ثاني أكبر مستهلك للخام بعد الولايات المتحدة بمتوسط يومي 14 مليون برميل.
باختصار: من الواضح تماما أن الحرص على عدم توسع رقعة الحرب على غزة اقليميا هو العامل الأهم من بين كل العوامل المذكورة أعلاه في المحافظة على استقرار أسعار النفط ضمن مستوى (70 - 90 دولارا / للبرميل)، وفي حال توسع رقعة الحرب -لا قدّر الله - فجميع التوقعات تؤكد بأن أسعارالنفط ستصل سريعا لحاجز 150 دولارا/ للبرميل وربما تتجاوزه لا قدر الله.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير