عن سؤال الوزير شحادة: من هو الرئيس القادم؟
مالك العثامنة
مع تحفظي على ظاهرة متفشية وهي المسؤول السابق الذي يكرس نفسه وقت "الخروج من المواقع" كاتبا في الصحف والمواقع، إلا أنني توقفت "كقارئ" عند مقال الوزير الأسبق مهند شحادة الأخير المنشور في موقع عمون الإخباري.
مقال الوزير الأسبق طرح تساؤلات مهمة تحت عنوان (من هو الرئيس القادم؟). وفي مقاله لم يقصد الوزير شحادة إجابة السؤال بقدر ما قصد طرح التساؤلات عن السؤال نفسه.
في انتقاد بالغ التهذيب لما تعج به الصالونات "والمضافات" النخبوية في الأردن من أسماء يتم طرحها كتكهنات وتوقعات تشبه الضرب بالرمل، يرى السيد شحادة (.. أن تتحول هذه الأسئلة المشروعة، إلى جهد تثقيفي توعوي؛ لتغيير النمطية من أسئلة أقرب إلى اللغو أو المصالح الفردية الضيقة؛ لتصبح أسئلة عملية وجريئة وممكن أن تكون مستفزة أحياناً..)!
ثم يطرح وزير الاستثمار الأسبق أسئلة نوعية وضرورية حول مواصفات الرئيس القادم، تلك المواصفات التي يجب أن تتم صياغة الأسئلة حولها.
أهم الأسئلة – في اعتقادي- كان سؤاله: (.. هل الرئيس القادم سيكون قادرا على كسر حاجز "الكوتا" والتركيبة النمطية الرتيبة لفريق 21 ؟). وهو سؤال مهم وواسع ويحتمل الكثير في فضاءات الكوتا التي يتحدث عنها الوزير الأسبق مع إشارته الشجاعة لمفهوم "التركيبة النمطية الرتيبة" لفريق الوزارة.
الكوتا هنا أقرأها بالمطلق ولا تتوقف عند كوتا الجندرية مثلا، هناك كوتا جهوية وإقليمية ومحاصصة لها ترتيبها "المقدس" الذي يطغى أحيانا على الحاجة الحقيقية للحقيبة وحاملها.
يوجه الوزير الأسبق مقاله "وهي مساحته المشروعة طبعا في رأيه" نحو رئيس اقتصادي. فريق حكومة متناغم في المستوى الاقتصادي لحال البلاد.
وينوه "بذات إيقاعه الدبلوماسي المهذب" إلى مفهوم "شعبية الأشخاص" ولو على حساب الفهم العميق للواقع الاقتصادي والمجتمعي والتحديات الكبرى التي تواجه الأردن. لكنه لا يغفل بذكاء ذكر "الفرص المتاحة" وهي موجودة لكن المشكلة تكمن في زاوية الرؤية لها إن كانت فرصا متاحة أم مغامرات غير محسوبة، وتلك أساسا مشكلة "تعدد الأجندات" في الرؤية الأردنية.
(وربما في بال الوزير شحادة أسماء معينة يراها مناسبة لكنه لم يشأ طرحها في مقاله حتى لا يقع في كمين "المضافات" الذي حذر منه هو شخصيا، لكنه وبذكاء ربما روج لها حضورها القادم، رئيس متخصص بالاقتصاد لا حضور شعبي له ولا قواعد عشائرية تقليدية تحمله).
أتفق كثيرا مع التساؤلات المشروعة التي طرحها وزير الاستثمار الأسبق، وهي مفتاح لحوار مهم لا بد من إشغاله بكل إشكالياته ومواجهة الواقع السياسي الأردني بأسئلة صادمة أكثر للخروج من متاهة قديمة لم تعد تتناسب مع الدولة الأردنية في مئويتها الثانية ولا مع حضورها الإقليمي في محيط متسارع التغيرات، والأهم أنها لا تتواءم مع ملفات التحديث الثلاثية للدولة بأكملها، وهي ملفات تحديث جذرية تتطلب لا فريقا حكوميا نوعيا وحسب، بل مؤسسات دولة نوعية مختلفة عن كل ما سبق، وأمام استحقاق انتخابي قادم يكشف عن بدايات تغيير في الوعي السياسي "الانتخابي" فإن المطلوب إدارة عامة للدولة تمسك الملفات المطلوبة وتحدث ذلك التغيير وتكسر تلك "الرتابة".