ما الذي أنجزته المقاومة عسكريا حتى الآن؟

{title}
أخبار الأردن -

الدكتور خالد القرامسة


ليلة أمس، صرح اللواء الدويري بأن " قذائف  الياسين ١٠٥ دمرت من الدبابات الإسرائيلية  ما لم تفعله كل الجيوش العربية في ٧٥ سنة".
هل كان الدويري يبالغ ؟
للاجابة على هذا السؤال ، لنقارن9 ما انجزته المقاومة في طوفان الأقصى بما أنجزته الجيوش العربية في ما يعتبرونه أعظم معركة خاضها العرب ضد إسرائيل في القرن الماضي ،  والتي حدثت في ٦ أكتوبر ١٩٧٣ واستمرت ثلاثة أسابيع، و قادتها مصر وسوريا، وشاركت فيها عشر دول عربية ، وتجاوز فيها عدد الضباط والجنود العرب الذين شاركوا في الحرب ٨٠٠ الف .
 ماذا كانت خسائر  إسرائيل  في تلك الحرب الشاملة ؟
  وصل عدد القتلى من الجيش الاسرائيلي إلى ٢٢٠٠( اربعة أضعاف عدد القتلى في حرب ١٩٦٧) ، والجرحى ٨٨٦٠، وأما الخسائر في المعدات ، فبلغت ٨٤٤ دبابة و ٤٠٠ مدرعة .
 والآن، في اليوم ١٤٨  من الحرب، كم بلغت خسائر  الجيش الإسرائيلي المعلنة ؟ 
 يعترف الجيش الاسرائيلي نفسه  ب ٢١٠٠ قتيل ، ٢٦٠٠ معاق،  ٤٠٠٠ جريح، بينما مصادر إسرائيلية مستقلة ترفع عدد القتلى إلى ٨٠٠٠ والجرحى إلى ٣٢ ألفا ، والمعاقين إلى ١٤ ألفا.
علما ، بأن معظم المحللين العسكريين يعتقدون بأن إسرائيل  لا تعلن خسائرها الحقيقية  وربما تصل الخسائر  إلى  ثلاثة أو أربعة أضعاف الأرقام المعلنة .
وأما بالنسبة للمعدات العسكرية، فقد تجاوز عدد الدبابات ، والمدرعات، وناقلات الجند  والجرافات التي تم تدميرها ١٢٤٠، وهو نفس العدد الذي خسرته إسرائيل  في حرب أكتوبر ١٩٧٣، وهو ما يعادل ثلث ما يملكه الجيش من دبابات ومدرعات.
إذا ، وبلغة الأرقام المحايدة،  فإن ما انجزه  رجال المقاومة ، الذين لا يتجاوز عددهم ٥٠ ألفا  يتفوق على ما انجزته الجيوش العربية مجتمعة في حرب اكتوبر ، سواء من حيث عدد القتلى، أو الجرحى ، أو الآليات التي تم تدميرها .
يحدث هذا والمقاومة محاصرة من البر والبحر والجو منذ ١٧ عاما ولا تزال، وهي لم تتلق أي شكل من أشكال الدعم العسكري  من أي دولة عربية، ولا يقاتل في صفوفها أي مقاتل غير فلسطيني  . 
وبالرغم من الضغوطات الهائلة التي تمارس على المقاومة في مختلف الجبهات  السياسية  والدبلوماسية  والمدنية ، والفوارق الهائلة  بين قدرات المقاومة العسكرية وقدرات الجيش الاسرائيلي اللامتناهية ،  والدعم العسكري اللامحدود  والمباشر من أمريكا، والمانيا  وبريطانيا، وبدرجة أقل من كندا  وأستراليا، والهند، وهولندا، فإن  المقاومة لا تزال صامدة، وتوجه ضربات قاتلة للجيش الاسرائيلي،  ولا تزال صواريخها قادرة على الوصول إلى  عمق دولة الإحتلال. 
إذا،  ما قاله اللواء الدويري لم يكن مبالغة ، وما كان يقوله أبو عبيدة  في الايام الاولى للحرب ،لم يكن مجرد " عرط" وصناعة بطولات وهمية، وعندما قال السنوار " أننا هشمنا وجه إسرائيل  وسنستمر في تهشيمه، كان صادقا، لأنه يتكلم عن معرفة دقيقة بقدرات المقاومة .
 وبعيدا عن الأرقام،  يكفي أن المقاومة صمدت في وجه أعتى وأقوى جيش في المنطقة،  وترتيبه ال ١٤ على مستوى جيوش العالم  لمدة وصلت حتى الآن  إلى ١٤٨ يوما ، ولا تزال لا يظهر عليها أي علامة من علامات الضعف، أو التراجع، أو الرغبة في التفاوض، ناهيك عن الاستسلام  .
رجال المقاومة ال ٥٠ ألفا واجهوا جيشا قوامه ٦٦٠ ألفا،  وهذا الجيش العرمرم يعلن قادته أنهم يخوضون معارك شرسة،  ويدفعون أثمانا باهظة، ويطالبون بتجنيد المزيد من الصهاينة ، وأنهم يرون استحالة الانتصار على المقاومة.   
وما تفعله المقاومة ، وما تقدمه من إنجازات يومية قوية في الميدان يشير بوضوح  إلى الروح المعنوية العالية  والكفاءة القتالية المتميزة التي يتمتع بها رجال المقاومة ، والسبب في ذلك يعود إلى أن المقاومة ظلت تنتظر هذه الفرصة- الحرب- وتعد لها العدة  منذ ثلاثين عاما ، والحرب بالنسبة للمقاومة تعني المواجهة المباشرة، وجها لوجه مع الجندي الاسرائيلي  وهو ما لم يتحقق إلا  في هذه الحرب. 
ينظر رجال المقاومة إلى  هذه الحرب باعتبارها فرصة تاريخية سانحة ونادرة  لالحاق هزيمة نكراء بجيش الاحتلال ، تؤدي إلى  سلسلة انهيارات في داخل دولة الاحتلال ، يعقبها تغيير جذري في مسار القضية الفلسطينية ، بالاتجاه الذي تريده المقاومة والشعب الفلسطيني .
أملنا وثقتنا بالمقاومة كبير ، وهي ثقة  مبنيةعلى حقائق  ووقائع ، وليس على أوهام وامنيات. 
وكما قال عباس زكي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح " نحن بخير طالما أن محمد الضيف لا يزال يمشي على رجليه" .
 في رفح وحدها، وكما بشرنا الجيش الاسرائيلي،  فإن  هناك عشرة آلاف  مقاتل لا يزالون يمشون على أرجلهم ،  وفي أقصى شمال القطاع خمسة آلاف ، وفي خانيونس وما حولها ما يزيد على خمسة عشر ألفا ، كلهم ينتظرون المعركة الفاصلة في رفح ، والتي يعتقد بأنها ستكون القاصمة لظهر جيش الإحتلال.
كونوا على ثقة بأن هزيمة إسرائيل أصبحت واقعا لا يمكنها الفرار منه ، ولا يمكن انكاره، وأن كل محاولاتها في الضغط على المقاومة من خلال تجويع وقتل المدنيين لن تؤثر في النتيجة النهائية  للحرب، ولن تزيد المقاومة إلا  مزيدا من الثبات، والصمود، والرغبة في مواصلة القتال .  
وهذا ما أكده ،بالأمس ، أبو حمزة - الناطق باسم سرايا القدس- في بيانه العسكري  : " نحن قادرون  على مواصلة المعركة مهما طالت حتى دحر العدو"  .  
نحن نصدقك يا أبا حمزة كما نصدق أبا عبيدة ، لأننا لم نعهد عليكم إلا  الصدق،  واحترام العهد والوعد، فاستمروا، على بركة الله، وانفذوا وعد الله ، وكل أحرار وحرائر  العرب معكم.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير