إنزالات ودلالات !

{title}
أخبار الأردن -

يعقوب ناصر الدين

 

هدف الأردن المركزي هو وقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ووضع حد صارم لحرب الإبادة التي يتعرض لها على مدى خمسة أشهر متتالية ، وانسحاب جيش الاحتلال من غزة ومدن الضفة الغربية ، ومنح الفلسطينيين حقهم المشروع في تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة بعاصمتها القدس الشريف ، وذلك هدف يتجاوز في أحد دلالاته الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى إزالة التوترات الخطيرة في المنطقة ، ومنع إندلاع حرب إقليمية ، وربما عالمية .

 

 

الآن ندرك بشكل أكثر وضوحا المعركة التي يخوضها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في سبيل حشد إجماع دولي يعيد صياغة موقفه من هذا الصراع ، ويتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية والإنسانية تجاه مأساة الشعب الفلسطيني التي يلمسها العالم كله وهو يرى جريمة الإبادة الجماعية والفصل العنصري التي تمارسها إسرائيل ، كما لم يعرف من قبل جريمة بهذا القدر من القباحة وانعدام الضمير !

 

لابد أن قادة الدول قريبها وبعيدها ، وكبيرها وصغيرها يتذكرون جيدا ما سبق وأن حذر جلالة الملك من حدوثه قبل أن يقع ما وقع وهم يقرون له بحكمته ونظرته البعيدة لمستقبل هذه المنطقة الذي سيظل مهددا بالحروب والأزمات ما لم تفرض الشرعية الدولية وجودها وتطبق قراراتها الخاصة بالقضية الفلسطينية ، عن طريق حل الدولتين ، وتسوية بقية القضايا المرتبطة بها ، وإلزام إسرائيل بميثاق الأمم المتحدة ، وجميع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ، والخضوع للنظام العالمي للدول ، وعدم القبول بالتعامل معها كأنها حالة استثنائية في ذلك النظام !

الهدف أبعد بكثير من الإنزالات الجوية لكسر الحصار الإسرائيلي الخانق ، وإيصال ما يمكن إيصاله من مساعدات طبية وغذائية ، ولكن تلك المبادرة الجريئة في كل تفاصيلها بما في ذلك مشاركته الشخصية ، ومشاركة سمو ولي العهد لقواتنا المسلحة في عمليات الإنزال تحمل من الدلالات ما نشهد اليوم بعض معانيها ، بعد أن انضمت العديد من الدول إلى هذا الاختراق الكبير ، إلى درجة أن الرئيس الأميركي جو بايدن قد أعلن عن نيته المشاركة في تلك العمليات!

صحيح أننا نتوقع من الإدارة الأميركية الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف تام وشامل للحرب ، ولكنها تبدو الآن أكثر قربا من ممارسة تلك المسؤولية ، ولو بخطوة من هذا النوع وربما تفتح تلك الخطوة تساؤلات في كل من واشنطن وتل أبيب حول طبيعة العلاقة القائمة بينهما ، وهناك كلام لافت للنظر بشأن قدر من عدم الانسجام بينهما رغم الحماية الأمريكية المطلقة لإسرائيل ، وتلك إحدى دلالات الإنزالات الجوية التي بدأها الأردن بقيادة وتوجيه من جلالة الملك ، وكحالة فريدة من نوعها ، ليجعل منها منطلقا تعدل بعض الدول مسارها من خلاله ، وتفتح آفاقا لا يمكن سدها ضمن حسابات لا تغيب عن إسرائيل نفسها .

غني عن القول ماذا تعني فلسطين وقضية شعبها للأردن ملكا وشعبا وجيشا ، ولكن من الأهمية بمكان أن ندرك جميعا على ساحتنا الوطنية أن هذا الاشتباك السياسي والقانوني الذي يقوده جلالة الملك من خلال مباحثاته المباشرة مع قادة العالم ، ومن خلال مبادراته النابعة من تفكيره الإستراتيجي يشكل الآن المدخل الوحيد لاختراق كل ما يجب اختراقه لوضع القضية الفلسطينية في مركز الاهتمام الدولي ، كواجب أكيد ، ومسؤولية مشتركة ، وإلا فإن بقاءها من دون حل سيظل يهدد مصالح وأمن الدول والشعوب جميعها !

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير