النمري: الانتخابات القادمة ستكون صدمة ونخشى انكشاف هشاشة البنى الحزبية
أنجز الحزب الديمقراطي الاجتماعي الاردني مؤخرا اندماجا ناجحا مع حزب تحت التأسيس (تيار التنمية والتحديث) وتم اعادة انتخاب جميع هيئات الحزب في مؤتمرات شملت الدوائر الثمانية عشر في المملكة.عن هذا الاندماج وصورة الحزب الجديدة تحدث العين جميل النمري في هذا اللقاء مع الرأي:
ماذا يضيف هذا الاندماج لصورة الأحزاب اليوم ؟
ج 1 : منذ تأسيسه قررنا في الحزب الديمقراطي الاجتماعي ان نمضي في مشروع مغاير كليا للصورة التقليدية لبناء الأحزاب. واقع معظم الأحزاب اليوم يقوم على انها مشروع الشخص الواحد وهو الذي سيكون الأمين العام واذا ذهب الى الاندماج مع حزب آخر فالنجاح يعتمد على تفاهم مسبق حول المناصب.
ومع مرحلة التحديث السياسي ظهرت ضرورة وحدة الأحزاب المتشابهة من نفس التيار ونحن من زمان نتحدث عن ضرورة اندماج الأحزاب التي تنتمي لتيار واحد ودخلنا في السنة الماضية في كثير من الحوارات توجت بالاتفاق مع حزب تيار التنمية والتحديث تحت التأسيس على اندماجه في الديمقراطي الاجتماعي.
وقد ذهبنا الى الاندماج بطريقة مختلفة كليا عن تلك التي تقوم على التفاهم المسبق على المناصب. لقد اتفقنا فقط على بقاء اسم الحزب أي الديمقراطي الاجتماعي واتفقنا على برنامج الحزب وخطه السياسي وما تبقى يأتي عبر الانتخابات من القاعدة الى القمة وفقا للنظام الأساسي للحزب. وبالفعل ذهبنا الى انتخابات لجان الفروع دون اي اتفاق على رئاسة كل فرع فنحن ننتخب هيئات والهيئات تقرر من المسؤولين فيها. وقد انتخبنا المكتب السياسي دون ان يعرف احد من سيكون الأمين العام. وقد قرر المكتب السياسي وانا احد اعضاءه ان ننتخب أمينا عاما إمرأة لم يسبق ان كانت في اي منصب حكومي أو حزبي لكنها من رموز العمل العام الاجتماعي في عمق الأحياء الشعبية وذلك في رسالة للمجتمع حول معنى التغيير والتجديد الذي يحمله الحزب. لقد رفض زميلي في مجلس الأعيان د. مصطفى حمارنة المؤسس في تيار التنمية والتحديث تولي اي منصب ومن جهتي فقد كنت امينا عاما للحزب منذ عام 2016 والعام الماضي اصبحت رئيسا للمكتب السياسي وقبلت اليوم ان اعود للعمل بكل همّة عضوا تحت رئاسة الأمين العام الجديد السيدة سمر دودين وهي من عائلة سياسية معروفة لكنها لم تتبوأ اي منصب حكومي أو رسمي وفضلت البقاء للعمل في عمق المجتمع مع الناس البسطاء وادارت واحدا من انجح المراكز التطوعية لتمكين المجتمع المحلي والنساء والشباب في احد اكبر الاحياء الشعبية في عمان وتحمل بصدق مبادىء الديمقراطية الاجتماعية والانحياز للفئات الشعبية.
ماذا عن القيادات الأخرى غير الأمين العام؟
لقد زاوجنا بين بقاء الخبرات القديمة والتجديد. صحيح أن المكتب السياسي يحوي مخضرمين في العمل السياسي لكن ثلثي اعضاءه اليوم هم من الجدد وبينهم شباب وبنات في العشرينات والثلاثينات، كما يحوي تنويعا جغرافيا مستجدا من الرمثا الى العقبة وقطاعيا من النقابات العمالية الى النقابات المهنية والأكاديميين والخبراء والمتقاعدين العسكريين وغيرهم. وكذلك حال بقية الهيئات.
كيف تصنف موقع الحزب في الخارطة السياسية اليوم هل يمثل التيار المدني مثلا؟
وفق المصطلحات السياسية (وهي مستجدة في الساحة المحلية) نحسبه على يسار الوسط. تعبير "المدني" جرى شيطنته وربطه بالتغريب والتمرد على العادات والتقاليد. نحن طبعا من انصار الدولة المدنية لكننا ملتصقون بواقع شعبنا واحتياجاته التنموية الملحة وجزء من بنيته الاجتماعية الثقافية. فمثلا يرأس المجلس للعام ( برلمان الحزب) الشيخ طلال صيتان الماضي زميلنا في مجلس الاعيان وهو من ابرز شيوخ بدو الشمال ويقضي كثيرا من الوقت في حل مشاكل اجتماعية ورئاسة جاهات اصلاح ذات البين في مختلف مناطق المملكة. ولا نرى تناقضا بين هذا الدور العشائري الايجابي عبر الآليات التقلدية ودوره الحزبي للتقدم بالحياة السياسية وبالرؤية المدنية لبنية الدولة. فتطور المجتمع يحتاج الى التدرج مثل العربة التي يجرها الحصان في الوعر فإن اسرع ينقطع الحبل ويجري الحصان وحيدا. يجب مراعاة طبيعة الطريق. ونحن في مرحلة انتقالية من المشاركة في السلطة والمؤسسات عبر المحاصصة والمنافسة العشائرية والجهوية الى المشاركة في السلطة عبر التمثيل السياسي للأحزاب الوطنية كما هي سمة المجتمع المدني.
هذه الرؤية ماذا تعني من حيث اولويات الحزب ؟
تعني ان الاصلاح وتحسين مستوى المعيشة والخدمات هو الأولوية. الاصلاح السياسي والاداري يعني كفاءة الأداء ومكافحة الترهل وأستئصال الفساد وتمكين الكفاءات والتوزيع العادل للموارد والمحاسبة الصارمة على تطبيق الخطط والبرامج. من حيث رسالة الحزب فقضيتنا هي العدالة الاجتماعية ودورنا هو تمثيل الطبقة الوسطى والدنيا ونضالنا هو حقوق الفئات المهمشة. برنامجنا يضع رؤية محددة لدعم وتمكين هذه الفئات الى جانب الشباب والنساء ولا ننسى ذوي الاعاقة وقد انتخبنا للمكتب السياسي واحدة من ايقونات العمل لحقوق المعاقين السيدة آسيا ياغي وهي ذات اعاقة حركية وقادت واحدة من انجح المؤسسات في الاردن لدعم حقوق ذوي الاعاقة ضمن مفهوم تقدمي وتم تكريمها عدة مرات واخيرا لعضوية مجلس الاعيان.
ما هي تحضيراتكم للتحديات القادمة وطموحاتكم للانتخابات؟
الانتخابات القادمة ستكون صدمة والخشية ان تتكشف عن هشاشة البنى الحزبية القائمة وندعو ان تتهيأ الاحزاب بأفضل واذكى طريقة لامتصاص الصدمة وخوض الانتخابات موحدة وقدر الامكان في قوائم إئتلافية وبالنسبة لنا لا نستبعد قائمة إئتلافية مع قوى قريبة. بالأساس نحن نبني حزبا صلبا على اسس فكرية وسياسية وبرامجية. لم نقدم وعودا لأحد حتى يأتي من يتهمنا بنكث الوعود وينشق. ونحضر آلية محكمة يقبلها الجميع لفرز المرشحين. ولدينا قاعدة شبابية واسعة ومسيسة قامت على فكرة اننا قوة سياسية للتغيير. ليس مهما اسماء المرشحين عندما تكون الحملة لانجاح اكبر عدد يحمل مهمة تغيير النهج. ورهاننا على الصوت الوطني الذي يريد التغيير. الصوت المحلي سيبقى محكوما للاعتبار المحلية اما الصوت الثاني للناخب، الصوت للقوائم الحزبية فالأغلبية مع التغيير وسنوصل رسالتنا بقوة.
وماذا عن البرنامج ؟
البرامج المنمقة لا تجلب صوتا ولا احد يقرأها. الناس تريد ان ترى موقفا واضحا من كل قضية وملف يلامس حياتها اليوم. بالطبع لدينا برامج واوراق عمل سهرنا عاما كاملا مع اخصائيين على بلورتها ومشتقة من رؤية الديمقراطية الاجتماعية ومفاهيم اقتصاد السوق الاجتماعي وطبقت في كثير من البلدان ومسؤولة عن مستوى الرفاه الذي تعيشه بلدان الشمال الاروربي. مهمتنا في الانتخابات ايصال ملخص رؤيتنا السياسية العامة وموقفنا في كل قطاع وكل قضية، ونجاحنا يعتمد على صدقيتنا. نحن صادقون في التزامنا ومبادئنا وعربون المصداقية هو تاريخ كل شخص منا التاريخ النظيف الذي لا تشوبه شائبة فساد او تنفع من السلطة وأيضا لا مزاودة ولا تدليس او ارتباط بجهات خارجة. اعتقد بإختصار اننا بنينا حزبا عالي التأهيل لمواجهة استحقاقات المرحلة القادمة.