المبادرة السلمية الجديدة والحذر الشعبي منها
في برنامج تلفزيوني تبثه إحدى الفضائيات العربية جرى استطلاع رأي للمشاهدين حول سؤال.. هل تنجح المبادرة الأمريكية العربية التي نشرتها صحيفة الواشنطن بوست، أم تفشل؟
كانت النتيجة واحداً وتسعين بالمائة توقعوا الفشل، وما تبقى أي التسعة بالمائة قالت غير ذلك.
لماذا؟
لأن إحساس الناس، أصدق من حسابات ومناورات ومبادرات الدول، وإحساس الناس في بلادنا لا يولّده تشاؤم فطري أو غريزي بل من خلال وعي التجارب السابقة، التي كان الفلسطينيون يتفاءلون بنجاحها، فإذا بها تتحول إلى عكسها، وآخرها مدريد وأوسلو.
لقد احتفى الفلسطينيون بمدريد لعلها تكون بداية لخلاصهم من الاحتلال، وتمتعهم بالحرية والاستقلال، واحتفوا بأوسلو حين أًمِلوا بأن تكون السلطة الوطنية التي أتت بها اتفاقاتها وتفاهماتها، مقدمة للدولة المنشودة التي يحلمون بها، وقدّموا آلاف الشهداء والجرحى والأسرى لتحقيقها، وها هم بعد عقود طويلة على نكبتهم، وعقود طويلة كذلك على الفشل في الخروج منها، يرون بأم العين أخطر حرب إبادة يتعرضون لها ليس في غزة وإنما في الضفة كذلك، الأرقام في غزة أعلى ولكن الخطر في الضفة أعمق.
لا يُلام الفلسطيني حين يتشاءم من جهدٍ أمريكي تمت تجربة مثله، ولكن ذلك لن يدوم إلى ما لا نهاية، فالفلسطيني راغب حقاً في سلام دائم حقيقي ينعم به، وتنعم به أجياله، ذلك له شروط إن تحققت فسيحتفل الفلسطيني ليس بالمبادرة وإنما بنتائجها إذا جاءت مطابقة لحقوقه وتطلعاته.
إذاً.. ولكي يتحول الواحد والتسعون بالمائة تشاؤم إلى نفس النسبة تفاؤل، فالأمر بحاجة إلى رؤية بداية ولادة الدولة بقرارٍ من مجلس الأمن، وبعضوية دائمة في الأمم المتحدة، وتمكين شعبها من إقامة مؤسساتها على أرضها، وفتح ملف اللاجئين على حلٍ وفق الشرعية الدولية وقراراتها، هكذا تتعدل نسبة التفاؤل لتفوق نسبة التشاؤم، ومعيار الناس دائماً أقوى من معايير الدول والسياسيين. مسار