منتخب النشامى يصنع المجد للأردن

{title}
أخبار الأردن -

نضال منصور

مثل الكثير من الأردنيين والأردنيات تابعت مباريات منتخب النشامى في بطولة كأس آسيا، وعشت لحظات من المتعة بأدائهم المبهر، ولعبهم الرجولي، وشعرت كغيري أنهم يصنعون المجد لوطنهم رغم ضيق الإمكانات.

ربما سر سعادتنا في كأس آسيا أننا لم نكن نراهن على منتخب النشامى كثيرا، وتعرض المدرب المغربي حسين عموتة للانتقاد، وأيضا قصص النجاح، والانتصارات لم ترافقنا دائما، وما حدث في الدوحة قلب التوقعات، وصنع لمنتخب النشامى مجدا تليدا، ووضعهم على خريطة الرياضة دوليا، وصار المنتخب يوازي ثروة بلغة الأرقام.

بطولة آسيا انتهت عربية، ووصول منتخب الأردن لكرة القدم للمباراة النهائية بحد ذاته فوز، وحصوله على المركز الثاني انتصار مهم، وإذ نبارك لدولة قطر الشقيقة فوزها بالبطولة، فقد كنا نتمنى أن نرى عدالة في التحكيم، فلا نشعر بظلم فادح، وهذا الانطباع لم يسجل على لسان الأردنيين وحدهم، بل يمكن ملاحظته على منصات التواصل الاجتماعي من جنسيات، وخبراء من دول متعددة.
تقدم منتخب النشامى اللافت طرح السؤال عن وصفة النجاح التي تحققت، ومن أين جاء هؤلاء اللاعبون النجوم، ومن منحهم هذه المهارات، وكيف تفوقوا على لاعبين محترفين تُقدر قيمتهم السوقية بالملايين؟
لست خبيرا رياضيا محترفا، ولا إعلاميا رياضيا متخصصا، ولكن بمتابعتي المحدودة كنت أحيانا أرى أن استمرار تركيزنا على رياضة كرة القدم هدر للموارد، وعلينا أن نركز على الرياضات الفردية التي نصنع بها نتائج مبهرة، وكرة السلة التي ننافس بها، وإعطاء زخم للرياضة النسوية، لكن ما رأيته من أداء لاعبي المنتخب دفعني لتغيير موقفي، فكلهم كانوا أبطالا يدافعون بشراسة عن حقهم في التفوق، والإبداع، والفوز؟
أبهرني أداء، ومستوى يزن نعيمات، وموسى التعمري، ولعبهم باتزان، وهدوء، وحرفية، وما ينطبق عليهما، ينسحب على كامل الفريق.
أما مدرب المنتخب المغربي حسين عموتة، فهو أجمل "حدوتة" للشعب الاردني، فقد صنع هذا الفريق بحرفية، له قلب جسور، شجاع لا يخشى المنازلات، بث الثقة والعزيمة بين اللاعبين، فاستحق أن يكون أفضل مدرب في البطولة، وأن يلفت الأضواء لإنجازه، ويجب على اتحاد كرة القدم أن يتمسك به، رغم التوقعات التي راجت بعد المباراة على مغادرته، وتلقيه عروضا للتدريب في بلدان أخرى.
قد يبقى عموتة معنا، وقد يرحل، وهذا يقودنا إلى المفصل الأهم، قصة الاستثمار في الإنسان، وصناعة النجاح، وبناء فريق جماعي يقاتل ليظل في القمة.
سرحت في خيالي وأنا أتابع مباراة منتخب النشامى مع كوريا الجنوبية لأنها كانت الأجمل، والأكثر تألقا، وقلت لو أدرنا بلادنا بهذه الحرفية، والمهارة كما فعلنا في الملعب لكنا في موقع آخر. 
لم يخسر منتخب النشامى البطولة، وكسب حب الملايين، وستتدفق عروض الاحتراف على الكثير من اللاعبين، والتحدي الأهم؛ كيف نكمل مسيرة النهوض، وكيف نرى بالأردن ندا لكل دول العالم، وكيف نضع استراتيجية، وسياسات لصناعة النجوم، والتقاط المبدعين، والمبدعات من المدارس، والحارات الذين نغفل عنهم ولا نراهم؟ 
وقف الشعب الأردني كله مع المنتخب، وكان لرعاية الملك، ومتابعته أثرا داعما ومهما، وحضور الملكة، وولي العهد رفع الهمم، أما الأمير علي فهو رفيقهم الذي لا يغيب.
التميز الذي صنعه منتخب النشامى أضاء نقطة فرح في سماء هذا العالم البشع، فمنذ العدوان على غزة والشعب الأردني يجد نفسه في ذات الخندق مع الشعب الفلسطيني، فهو ليس متضامنا، بل من أهل القضية، يدافع عن عدالتها، ويخوض معركة الحق في وجه الظلم، والعدوان، وما يستحق القول إن متابعة بطولة كأس آسيا، وتشجيع منتخب النشامى ليس خيانة لأهل غزة، فالرياضة كانت وستظل قوة ناعمة لحشد الدعم للقضايا العادلة، وبالطبع في مقدمتها فلسطين، وهذا ما فعله لاعبو منتخب النشامى في الملعب، وخارجه، وهو ما أضاءت عليه البطولة منذ حفل الافتتاح، وهو ما يُسجل لدولة قطر.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير