المدافن الرجمية الحجرية.. (الدراسات الانثروبولوجية الميدانية)

{title}
أخبار الأردن -

د. عبد العزيز محمود هويدي

دراسة المدافن الرجمية في البادية الأردنية باعتبارها من الموضوعات النادرة والمهمة، ودراستها شيقة ومحببة للنفس البشرية، فالمدافن الرجمية ظهرت منذ وقت مبكر في تاريخ البشرية، وهي عبارة عن حفرة دائرية الشكل تشبة القبة المخروطية المبنية من الحجارة من الداخل وترصف بالعوارض الحجرية وتوضع فوقها الحجارة من الخارج لتشكل رجما حجريا، ان حجم الرجم يتوقف على المكانة الاجتماعية والدينية للمتوفي، واحيانا كان يبنى جدار حجري يحيط بالمدفن الرجمي بشكل دائري يتخللة باب يفتح باتجاه مصدر ماء او وادي، واحيانا يتواجد في الموقع اكثر من مدفن رجمي مجمعة او متقاربة، والمدافن تنفذ من الحجارة مختلفة الاحجام ومتراصة لتحمي رفات الميت من عاديات الزمن وضواري البراري..

من هذه والمدافن الرجمية في بلدة العاقب الرعوية الزراعية والتي تقع في حوض وادي العاقب على بعد ٢٥ كم شرق مدينة المفرق، على الطريق الصحراوي المفرق - بغداد في البادية الشمالية الأردنيه، والتي تاسست مع مطلع القرن الماضي على يد المجموعة العشائرية من عرب المساعيد من بدو اهل الجبل الذين كانو بالماضي يتنقلون بمواشيهم في مراعي سهل حوران وسهوب البادية الشمالية، وحوض وادي العاقب..

موسس البلدة وباني اول مسكن تقليدي من الحجر والطين ويتوسطة العقود الحجرية جد المجموعة القرابية (كاين القنيص المساعيد) ثم ما لبث ان نهض العمران على ايدي المستقرين الاوائل من مستوى جيل الجدود للسكان المحلين الحالين.

من معالم العاقب الحالية المدافن الرجمية والتي تضم رفات الأجداد، فالمدفن الرجمي مبني من حجارة البازلت والذي يقع على طرف الوادي بالقرب من قنوات المياه، كمدفن الجدة ذهيبة الرجمي، وكذلك مدفن زايد، لوحظ ان هذة المدافن تحظى بالزيارة من قبل الاهالي وبتقدير الزوار باعتبارها شاهد راسخ وذكرى السلف الصالح، يقع المدفن على طرف البلدة الغربي بالقرب من مجرى وادي العاقب رمز الخصوبة.

ويوجد ايضا مدفن الجدة حسنة، والذي  يقع في المراعي المقابلة لقرية عمرة عميرة والتي تقع شرق مدينة المفرق على بعد ٣٠ كم، والمدفن عبارة عن رجم حجري يعود لرفات إحدى جدات الجماعات الرعوية التي كانت تجوب المنطقة، ويقع المدفن على الطرف الشرقي لوادي العاقب، يتكون من رجم حجري دائري يحيط به  جدار يتخللة مدخل يفتح باتجاه الوادي.. هذا ولقد ذكر الأهالي بانهم كانو ياتون بالاغنام السقيمة  إلى حوطة المدفن  لتطوف بالمدفن لاعتقادهم بأن للمدفن شفاعة الجدة حسنة لذا له قدرة على شفاء مواشيهم، وكم من امراة عاقر او لها مطلب وحاجة زارت المدفن وتركت بالحوطة من اثرها ليدل على زيارتها وكلها امل بان يلبى مرادها..

هذا وفي قربة صبحية القريبة من جهة الغرب لبلدة صبحة والتي تبعد حوالي ٤٠ كم شرق مدينة المفرق، والتي تقع على الطرف الشمالي لوادي العاقب، يوجد بالقرب من المساكن الحجرية القديمة على تلة قليلة الارتفاع مدفنين  حجريين مستطيلين من حجارة البازلت الطبيعية، يطلق عليها الأهالي قبر حلوة و حليوة والذين لا يعرف عنهما علما غير الاسم، لكن بعض الرواة يعتقدون بانهم ربما يكونان عاشقين من الرعاة الذين لجأوا للمنطقة.

المدافن الحجرية تحتوي على عنصرين : عنصر اجتماعي واخر ثقافي ديني، وتتضمن على الأقانيم الثلاثة والمجسدة في الحجر والماء والشجر، وهذة العناصر مقاومة لعاديات الزمن ولتبقى ذاكرة المتوفي حاضرة من خلال نصب او شاهد قبر حجري يكتب عليه احيانا ادعيات دينية ورموز ومشاهد حياتية وعبارات عاطفية، الحجارة المنصوبة تصبح مكانا مميزا وتعبر عن هدوء وسكينة ورصانة الموت، اما الماء والتراب والشجر في البراري يتكون من الشجيرات الرعوية في محيط المدافن فهي ترمز إلى استمرارية الحياة مقابل الجمود المتمثلة بالحجر، وهذة جدلية التعبير عن العلاقة بين الحياة والموت ورموزها  الحجر والماء والشجر رموز تجدد الحياة... 
 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير