هل يوجد شريك إسرائيلي لحل الدولتين؟
د. صالح ارشيدات
سارعت الإدارة الإسرائيلية على لسان رئيس الوزراء نتنياهو وحكومته اليمينية ومعظم مراكز السلطة والنخب الإسرائيلة إلى رفض حل الدولتين الذي نادى به مؤخرا الرئيس الأميركي بايدن والإدارة الأميركية، وإعلان التمرد على الإدارة الأميركية، علماً أن الرئيس بايدن لم يتحدث عن وقف الحرب ولا عن وقف الاستيطان ولا عن انهاء الاحتلال الإسرائيلي الأطول في التاريخ،
اعترف نتنياهو بفخر أنه المعطل منذ عقود لحل الدولتين منذ (أوسلو)، وهو بالنسبة له نهاية المشروع الصهيوني ونهاية حلم إسرائيل بالتوسع، وأنه لن يتخلى عن الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
نتساءل إذا كانت الإدارة الأميركية ورئيسها بايدن مع حل الدولتين فعلاً، والعالم كله يشك في ذلك، لماذا اصر الرئيس بايدن منذ بداية الحرب على غزة اثناء زيارته لإسرائيل على رفض ايقافها دوليا واستعمل حق الفيتو لمنع قرارات مجلس الامن لوقف الحرب رغم المناشدات المحلية وحراك الراي العام العالمي الإنساني.
التساؤل هو: هل اقرار سياسة اميركا السيادي في الشرق الاوسط بيد إسرائيل أم هو بالعكس حيث لم يعد خفياً على أحد قوة وحجم العلاقة المتماهية بين مكونات صنع القرار الأميركي المتعددة والإدارة الإسرائيلية الصهيونية اليمينية حيث يفرض اللوبي الصهيوني الأميركي ومكوناته المختلفة واليات عملها يفرض نفسه على صنع القرارات الاميركية في الشرق الأوسط، مما يخلق جدالاً واسعاً في داخل الإدارة الأميركية وداخل النخب الأميركية حول حدود الانخراط السياسي الاميركي.
الملاحظ بشدة أن معظم دول العالم اليوم وبعد 100 يوم على صمود المقاومة الفلسطينبة الخارق أصبحت تطالب بحل الدولتين بما فيها دول الاتحاد الأوربي ودول الغرب كله ومع ذلك فان انجاز حل الدولتين يواجه مازقا هيكليا اذ لا يوجد شريك إسرائيلي للقيام بالمهمة ضمن شروط جديدة فالحكومة والمعارضة (معظم) ترفض حل الدولتين.
فحل الدولتين على حدود 1967 ضمن الخط الاخضر وإقامة دولة فلسطينية تكون القدس الشرقية عاصمتها ضمن قرارات مجلس الامن 242 338 تم الموافقة عليه سابقا(أوسلو) من قبل منظمة التحرير الفلسطينية والذي لم يحترم لا بل تم هدمه قبل استكماله من قبل إسرائيل طرأ عليه الكثير من التغيرات بعد تغير خارطة الأحزاب الإسرائيلية باتجاه اليمين المتطرف أهمها موضوع الاستيطان الاسرائيلي المكثف في الأراضي العربية في الضفة والقدس الشرقية وخصوصا في مناطق «ج» التي يشكل 60% من الضفة الغربية.
فالاستيطان والمستوطنون اصبحوا جزءا أساسيا من ايدولوجية دولة إسرائيل وخصوصا بعد وصول الأحزاب الدينية المتطرفة الى البرلمان والى الحكم حيث جعلت من الاستيطان جزءا أساسيا من النظام الإسرائيلي وبرز التوجه الصهيوني الجديد الذب يعتبر ان فكرة الوعد الإلهي مصدر شرعي لاحقية اليهود في الاستيطان في ارض إسرائيل التاريخية يهودا والسامرة فقد اصبح الاستيطان جزءا من شرعية إسرائيل وهو المجال الحيوي لبقاء الامة اليهودية وجزءا من هويتها ما يجعل حل الدولتين امرا في غاية التعقيد الجيوسياسي.
جاء التصريح الأميركي حول حل الدولتين عاما وغير محدد المكان والزمان والشروط بالإضافة الى ان الفلسطينين والعرب فقدوا الثقة بمشاريع السلام المتعددة التي جاءت بدون برامج وزمان لانهاء الاحتلال الإسرائيلي وهو أساس المشكلة امامإقامة الدولة الفلسطينية.
المطلوب من إدارة بايدن وقبل ان تدخل حيز الانتخابات الاميركية الرئاسية ان تحدد موقفها بشفافية مطلقة وصدق من حل الدولتين واستثمار الفرصة جيدا اذا كانت صادقة تجاه حل القضية الفلسطينية لان له تبعات صعبة مطلوبة من الرئيس بايدن ضمن خريطة طريق، عليه الإعلان عنها مسبقا على راسها إيقاف الحرب على غزة والسعي الى الاعتراف بالدولة الفلسطينبة عالميا على حدود حزيران 967 وايقاف المستوطنات وانهاء الاحتلال الإسرائيلي من خلال شرعية لأمم المتحدة ضمن جدول زمني، وعقد مؤتمر للسلام.
عندها سيجد بايدن الشريك الإسرائيلي لإتمام إجراءات السلام مع الفلسطينين فالمجتمع الإسرائيلي المنقسم سياسياً حالياً نحو اليمين الديني المتطرف، يعرف أهمية بقاء الدعم الصهيوني الأميركي لدولة إسرائيل وسيتاقلم مع المستجدات. علماً أن موقف المرشح للرئاسة الاميركية ترامب المنافس القوي للرئيس بايدن معروف سلفاً بالنسبة للقضية الفلسطينية وهو صاحب صفقة القرن الملعونة لانهاء القضية الفلسطينبة حيث يمكن ان يشكل فوزه بالرئاسة الأميركية انتكاساً للقضية الفلسطينية واستمراراً للتوتر في الإقليم العربي.