هكذا يفكر الاخوان: أمين عام جبهة العمل الإسلامي يؤكد ذلك
حسين الرواشدة
في مقدمة الرسالة التي بعثها المراقب العام للإخوان إلى اعضاء الجماعة ، بمناسبة قرار الحكومة الأردنية إغلاق مكاتب الاخوان( عام ٢٠١٦) يذكرهم بآيات كريمة من سورة آل عمران" الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" (173-174) ، والاشارات فيها واضحة وهي ان مرحلة الصراع بين الحق والباطل بدأت ، فمقابل “ الناس “ الذين اجتمعوا ضد الجماعة ، هنالك “فئة مؤمنة” بها ، وبالتالي فعلى هذه الفئة ان تصمد وترص الصفوف ولا تخشى احدا ، باعتبار ذلك معركة “ابتلاء” ، ولنا ان نتصور ، اولا، طبيعة معركة الابتلاء هذه كما يراها المراقب العام، فهي معركة بين الحق والباطل ، ( الاخوان والدولة) والاسباب التي تستند اليها ثانيا هي “ الظلم والعدوان” اما النتيجة التي لا بد ان تنتهي اليها فهي “انتصار الفئة المؤمنة” ، وهذا المعنى يؤكده في نهاية الرسالة “ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الاعلون“.
لا يهم بالطبع ان نعرف الاعلون على من ؟ ومن اجل ماذا ، ولماذا ..؟ فالرجل يعتقد هنا ان ما حدث للفئة المؤمنة لم يكن صدفة ابدا ، فقد حصل مثله تماما “للحركة الاسلامية في فلسطين “ لاحظ هنا وجه المقاربة ، الدولة الاردنية والكيان الصهيوني يتفقان على تصفية الاخوان ، وبالتالي لا فرق بينهما ، ولا بد ان يكون موقف “الفئة المؤمنة” منهما واحد ، يؤكد المراقب العام هذا المعنى في فقرة ثانية :” وها هم اخوانكم في فلسطين يتحدون اعتى حالات الاجرام والاستئصال والدمار فما لانت لهم قناة وما ضعفت عزيمة” والمعنى واضح ومفهوم وهو ان الاخوان هنا وهناك تنظيم واحد ، ويتعرضون للظروف ذاتها (اجرام ، استئصال ، دمار) ولذلك فالمصير واحد كما ان طريقة المواجهة يجب ان تكون واحدة، باعتبار ان “العدو” واحد ، ايضا ، وان اختلفت الاسماء.
حين ندقق اكثر في رسالة المراقب العام نكتشف ،ايضا، ان مشروع الاخوان ، كما يتحدث عنه بصراحة ، ليس مشروعا وطنيا اردنيا وانما مشروع قضيته الاساسية والوحيدة هي المقاومة ، كما ان هويته ليست اردنية ، ولذلك تعمد ان يدرج المقاربة بين الاخوان ،هنا ، والحركة الاسلامية في فلسطين ، تحديدا ،ولم تأت في سياق عام اوسع ، او مجرد زلة لسان ، وكما ان المشروعين يتطابقان في القضية والهوية فانهما يتشاركان في الهدف وفي وسائل تحقيقه ، والاهم في رؤيتهما للدولة( الأردن ودولة الاحتلال) التي يعيشان فيها ، وهذا كلام خطير جدا ويكشف عن اسوأ ما يمكن ان نتصوره او نتوقعه..
هل يمثل ما قاله المراقب العام حقيقة الاخوان المسلمين ، وهل يعبر عن موقف بناة الحركة وقياداتها وعن آلاف الذين انتسبوا اليها منذ تأسيسها قبل 75 عاما ، ام انه يعكس “الحالة” التي انتهت اليها الحركة على يد قيادات يتهمها الذين خرجوا عنها بأنهم حرفوها عن مساراتها الصحيحة..؟
هنا يمكن ان نضع اصبعنا على الجرح ، ليس فقط من اجل خلفيات قرار الدولة تجاه الجماعة ، سواء كنا معه او تحفظنا عليه ، وانما لكي نتفهم موقف الاخوان الذين انسحبوا من التنظيم او الآخرين الذين احتجوا على حادثة اختطاف الجماعة ومعظمهم من الذين افنوا اعمارهم في خدمتها ، او حتى موقف جمهور المتعاطفين معها ، والاهم من ذلك ان نفهم لماذا اغلقت الدولة ابواب المقرات، المراقب العام لم يتأخر، فقد قدم لنا الجواب على طبق من فضة، لكي نعرف حقيقة ما جرى حتى لو تعمدت الدولة ان تظل صامتة.
الآن يتكرر المشهد ذاته، والخطاب والموقف ذاته ، كلمة امين عام حزب جبهة العمل الإسلامي التي ألقاها اليوم، ويتهم فيها كتابا وصحفيين بانهم مشبوهون ومرتبطون بالسفارة الأمريكية، لمجرد انهم دافعوا عن الهوية الأردنية ، تؤكد ذلك بكل وضوح وصراحة ، بقدر ما تحمل الاساءة لكل من يدافع عن الاردن ، وجودا وهوية .