المقاومة بين الواقعية والتجّريم

{title}
أخبار الأردن -

كتب محمود أبو هلال

منذ بداية القصف الصهيوني على غزة والحديث لم ينقطع عن الواقع والواقعية والإمكانيات وميزان القوى.. وصولا لنتيجة مفادها، أن المقاومة أخطأت الحسابات والتقدير لا بل أن بعضهم جرّمَها وحملها مسؤولية الضحايا. 
-مدخل ومداخلة 
في كل الدنيا يعتبر فعل المقاومة - أي مقاومة- فعل غير خاضع لمنطق العقل والمعقول والواقع، وقد تصبح أدوات التحليل  لهذا الفعل إساءة للعقل فضلا عن أنها تسيء للمقاومة ذاتها. 
كل فعل مقاوم عبر التاريخ هو فعل خارق للسائد والمقبول والمألوف. ذلك أن المستعمِر لديه فائض قوة عن الشعب المستعمَر وإلا لما كان الاستعمار أصلا.
فالتاريخ ذاته يصنعه الفعل المقاوم، بعضه ينجح فيصبح أسطورة، وبعضه يفشل ليكون عبرة للمقاومين وليس للعقلانيين.

 

ليس بعيدا عن المدخل غير العقلاني سنذهب لمداخلة بسؤال عقلاني: هل كان بالإمكان تجنب هذه الحرب؟ 
في معرض الإجابة لم نقل أن المقاومة لا تعاني، وأننا لا نعاني. وجعنا أكبر من الدنيا وأعظم من عواصم العالَم وأحرّ من نار السعير، وأشد هَولا وذهولا من قيامة الظالمين. ونعلم أن الهجمة على غزّة متوحشة بالغة التوحش. وكلما فشل جيش الاحتلال في تحقيق هدف من أهدافه أمعن في القصف العشوائي، بهدم المباني على ساكنيها المدنيين الأبرياء وهو يعلم أنهم فيها. ونعلم أن جيش الاحتلال يتخبط في نيرانه فيصبّها على السكان بعنف غير مسبوق، أشبه بمقامر يائس يتلف ثروته بعنف لعلّه يسترد ما أضاع، في أول أمره.

 

كل الدلائل وحتى بعض الأخبار المسربة والمعلنة كانت تشير إلى برنامج تعدّه "اسرائيل" لتهجير سكان الضفة أولا ومن ثم غزة وخطة تنفيذ البرنامج كانت جاهزة.. إزاء ذلك.. ما الخيار؟ وهل كان هناك حل آخر؟. 
لقد ذهبت الضفة وقيادة أوسلو إلى الحل الآخر.. وانتظرت سلما لم يأت فازدادت مصادرة الأراضي وإذلال الناس وقتل بالقطعة وبالجملة. لم يكسب المسالم ما به يجعل الحل الآخر مقبولا ولو بحد أدنى. لقد حوله العدو  إلى شرطي يعينه على اعتقال وتعذيب وقتل أهله.
 لو لم تدخل غزة هذه المعركة هل كان السكان سينجون مما يصيبهم؟.
التاريخ والشواهد علمتنا أن هذا الكيان لا يكتفي إلا بالغاء آخر فلسطيني على الأرض ومحوه كشرط لبقاءه.

 

لن أختم بحديث منمق عن التغير الشعبي العالمي ناحية فلسطين ولا عن اهتزاز صورة "الجيش الذي لا يقهر" ولا كيف أعاد يوم 7 اكتوبر المجيد قضية فلسطين إلى الواجهة، ولكن أقول ببساطة: 
خياران مجنونان لا ثالث لهما أمامك صديقي العقلاني الآن. 
إما أن تؤيد فكرة التهجير وتطلب من الفلسطينيين سواء في غزة أو الضفة أن يتركوا بلادهم للصهاينه لأنهم الأقوى  ولأن منظر الضحايا قد يؤلمك!. 
أو أن تدعم كل جهد مقاوم ولو بالكلمة أو الصورة وحتى بالدعاء.. ولا تحمل المقاومة فوق ما تحتمل.
تابعوا أخبار الأردن على
تصميم و تطوير