البنك الدولي يحذر من "تأثير واسع النطاق" على الاقتصاد الأردني
حذر البنك الدولي من تأثير محتمل واسع النطاق للحرب الإسرائيلية في قطاع غزة على الاقتصاد الأردني، وشدد على أن استمرار الصراع سيتسبب في إحداث تأثيرات قد تكون جسيمة على الاقتصاد، خاصة في مجال السياحة وتأثيرها على إيراداتها.
وفي تقرير اقتصادي حديث، أشار البنك الدولي إلى أن الحرب تشكل تهديداً حقيقياً للقطاع السياحي، خاصة مع بداية الموسم السياحي في أكتوبر /تشرين الأول، مع التأكيد على أن هذا القطاع كان يشهد تعافياً ملحوظاً بعد وباء كورونا، إذ شهدت قطاعات المطاعم والفنادق نمواً سريعاً حيث سجلت أعلى أعداد في نسبة السُياح منذ عام 2019.
وأبدى وزير السياحة والآثار مكرم القيسي، استياءه من التداعيات السلبية للحرب على الاقتصاد الأردني، خاصة في مجال السياحة. وأكد أن هناك انخفاضاً واضحاً في عدد زوار مدينة البتراء الأثرية وجبل نيبو، مع تراجع في نسبة الحجوزات الفندقية ونشاط المطاعم، حيث وصل انخفاض أعداد الزوار لموقع البتراء إلى 80 في المئة خلال الفترة الأخيرة.
وقال حسين هلالات، نائب رئيس جمعية الفنادق الأردنية، "إن الحرب في غزة أثرت على مستوى أداء السياحة الوافدة، بشكل ملموس وذلك بسبب استمرار القصف الإسرائيلي على قطاع غزة وتخوف السياح من منطقة النزاع في الشرق الأوسط، ما أدى إلى عزوف بعض شركات الطيران من إبقاء سير الرحلات إلى الأردن، الأمر الذي أدى إلى انخفاض أعداد السياح القادمين للأردن والذي انعكس سلباً على قطاع الفنادق والعاملين في قطاع السياحة".
وأكد أن قطاع السياحة حاول تخفيض أسعار الفنادق، وذلك لتشجيع السياحة الداخلية، إلا أن تضامن الشعب الأردني مع قطاع غزة والمشاركة في الاعتصامات والإضرابات أثر على إقبال الأردنيين نحو الرحلات والإقامات الداخلية.
كما أشار هلالات إلى تراجع أعداد السياح الوافدين إلى الأردن منذ اليوم الأول للحرب، والذي أدى بشكل أساسي إلى تراجع الدخل السياحي في الأردن والذي يمثل حوالي 16 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الأردني.
ووفقاً للبيانات الأخيرة الصادرة عن جمعية الفنادق الأردنية لقسم الدراسات والإحصائيات، فقد انخفضت نسبة الإشغال في الفنادق بشكل ملحوظ لتقارب "الصفر" في بعض مناطق المملكة خلال الأشهر الماضية، ويُعزى ذلك جزئياً إلى الأوضاع الراهنة في قطاع غزة، وتعكس هذه الإحصائيات التحديات التي يواجهها قطاع السياحة في الوقت الحالي في البلاد.
وذكر هلالات أن القطاع السياحي مر بأزمات متتالية منذ عام 2003، مبيناً أن القطاع السياحي مرتبط بالتأثيرات السياسية في المنطقة المحيطة بالأردن.
علماً أن عدد العاملين في القطاع الفندقي يبلغ 25.000 شخص، وعدد العاملين في القطاع السياحي 55.000 شخص، وعدد الفنادق المرخصة لدى جمعية الفنادق 609 في كافة أنحاء المملكة.
الأمر الذي انعكس على العاملين في القطاع السياحي وعلى دخلهم، ما سيُضطر بعض الفنادق لتسريح العاملين فيها، نتيجة عدم قدرتها على دفع الرواتب والنفقات التشغيلية.
يقول حسين هلالات "إن حرب غزة وأزمة كورونا كان لهما تأثيرات كبيرة ومختلفة، إذ إن التشابه يكمن في تأثير الأزمتين على الاقتصاد والتشغيل، حيث فقد العديد من الناس وظائفهم في القطاع السياحي".
ولكن الفرق الرئيسي هو أن أزمة كورونا تؤثر عالمياً، بينما تؤثر الحرب تأثيراً محدوداً جغرافياً ولكنها تكون أكثر تدميراً في المناطق المتضررة مباشرة.
فخلال أزمة كورونا، شهد القطاع السياحي حول العالم تراجعاً حاداً بسبب القيود الصحية والإغلاقات، وتوقف السفر الدولي تقريباً، وأثر التراجع على الفنادق والمطاعم ووكالات السفر سلبياً بشكل كبير، لكن الحكومة الأردنية في ذلك الوقت، ساهمت في التخفيف من الآثار الاقتصادية على القطاع السياحي، وذلك بتأجيل القروض أو المساهمة من خلال مؤسسة الضمان الاجتماعي، بجزء من رواتب العاملين في القطاع.
أما في حرب غزة، فقد أكد هلالات تراجع الدخل السياحي، وتأثر وظائف القطاع بشكل كبير، وكان التأثير ملموساً على الدول المحيطة بقطاع غزة وإسرائيل مثل الأردن ولبنان ومصر.
وأضاف هلالات: "يتوقف تأثير الأزمة على مدى استمرارها وعلى كيفية تصدي الحكومة والقطاع السياحي للتحديات المرتبطة بها".
وأكد هلالات أن الوضع الراهن يتطلب تقديم توضيحات إضافية لوكالات السفر والسياحة حول العالم بشأن الأوضاع السياحية في الأردن.
وأشار إلى أن البرامج المشتركة بين "الأردن والأراضي الفلسطينية وإسرائيل" تأثرت بشكل كبير، جرّاء الأحداث الجارية في قطاع غزة، ما أدى إلى إلغاء بعض الحجوزات وتأجيل الرحلات.
كما قال إن مكاتب السياحة في الأردن تبذل جهداً كبيراً لتقديم توضيحات بهدف طمأنة الشركاء في الدول حول العالم إزاء استقرار الوضع السياحي في الأردن، مؤكداً على استمرار البرامج السياحية الخاصة بالأردن والتأكيد على سلامتها واستقرارها.
واقترح هلالات أن تقوم الحكومة الأردنية بمخاطبة البنك المركزي لتأجيل الأقساط المترتبة على الفنادق، نظراً لعدم إمكانية توريدها للبنوك في الوقت الحالي، وتحمل الحكومة للفوائد عن فترة التأجيل، ومخاطبة مؤسسة الضمان الاجتماعي، للمساهمة في رواتب العاملين عوضاً عن تسريحهم، وباقي الدوائر الحكومية ذات الاختصاص مع الفنادق.
وأضاف أنه يجب إيجاد أسواق بديلة عن السوق الأوروبي، سواءً الأفريقية أو الآسيوية، لإعادة النشاط السياحي داخل المملكة.