الأردن والمشهد الأخير
رغم تأكيدات كيان الاحتلال على أن عملياته العسكرية في غزة ستحتاج إلى وقت طويل إلا أن هناك حراكا سياسيا داخل البيت الفلسطيني وبعض الدول العربية للبحث عن حل سياسي خاصة بعد تعثر أولي لصفحة تبادل ثانية بسبب إصرار حماس على أن يكون وقف العدوان العسكري شرطا لاتمام الصفقة، ولان المفاوضات ما تزال قائمة وتغير مواقف الأطراف ممكنا فإن صفقة تبادل ثانية ممكنة الحدوث.
ومهما استمر العدوان فمن المؤكد أننا ذاهبون إلى المراحل الأخيرة منه فما هي المصالح الأردنية في نهايات هذا العدوان؟:-
1 - المصلحة الأردنية الأولى أن يتوقف العدوان وأن يتوقف القتل والإجرام الصهيوني وبدء مسار عودة غزة إلى الحياة الطبيعية رغم أن هذا يحتاج إلى متطلبات كبرى لكن المهم توقف العدوان.
2 - المصلحة الأردنية الأخرى أن تكون مرحلة ما بعد الحرب مدخلا لعملية سياسية تتعامل مع الواقع الفلسطيني على أنه قضية شعب له حقوق أولها الدولة الفلسطينية، وقد يكون تفكير حكومة الاحتلال أمني عسكري لكنْ هناك سعي لإنتاج مسار سياسي ينصف الفلسطينيين ولا يتعامل معهم على انهم تجمع سكاني يحتاج إلى خدمات وإدارة.
3 - المصلحة الأردنية أن يفشل المشروع السياسي الصهيوني الذي أراد نتنياهو تحقيقه من خلال الحرب، وهذا المشروع السياسي يقوم على محاولة التهجير لنسبة كبيرة من أبناء غزة وتحويل غزة إلى جغرافيا أمنية واستنساخ نموذج غزة في الضفة مع فارق في التفاصيل.
إن فشل مخطط إسرائيل العدواني في غزة يمثل هدفا للدبلوماسية الأردنية ويخدم توجهات الأردن ومصالحه.
4 - وما تقوله الوقائع اليوم أن ملف غزة عربيا يتراوح ما بين القاهرة والدوحة، وهذا الأمر ينسجم مع وقائع أخرى وهي التوافق العربي العام في أن مصر وبحكم الجغرافيا وعلاقتها بغزة وفصائلها مفوضة بالتعامل مع كل حدث هناك بالتنسيق مع دول المنطقة العربية اما قطر فهي الحاضنة لحماس والقريبة منها مكانا وأمور أخرى وبالتالي فإنها تقوم بجهود الوساطة.
الأردن قريب من المشهد بحكم تواصله الدائم مع كل الأطراف والمهم أردنيا أن تكون النهاية وقف العدوان على غزة وفشل المخطط السياسي الصهيوني لهذه الحرب وأن تذهب الأمور للتعامل مع الأمور باعتبارها قضية شعب له قضية وحقوق.
5 - ولأن الرؤية الأردنية لما يجري في غزة على أنه مرحلة خطيرة على القضية الفلسطينية وان حكومة الاحتلال تحاول فرض وقائع سياسية من العيار الثقيل مثل تطبيق فكر ومشروع التهجير سواء إلى مصر أو إلى أي بلدان أخرى وتحاول أن يكون الحل وفق رؤيتها الأمنية والعسكرية وأن غزة تجمع سكاني وليست جزءا من الشعب الفلسطيني صاحب القضية والحقوق الوطنية والسياسية، لهذا كله فإن الأردن يعمل مع كل الأشقاء المعنيين ودول القرار على أن يكون المشهد الأخير سياسي أي عبر مسار سياسي يحافظ على فكرة أن فلسطين قضية وطنية وليست ملفا أمنيا يخص إسرائيل وجزء من الإسرائيليين في مستوطنات غلاف غزة.
الأردن يريد ويعمل على أن لا تكون نهاية كل هذه التضحيات وعشرات آلاف الشهداء والجرحى والتدمير والنزوح حلولا أمنية يفرضها الاحتلال مستفيدا من الدعم الدولي والانقسام الفلسطيني.