الاخبار العاجلة
تهجير صامت جنوب الخليل

تهجير صامت جنوب الخليل

لا تزال 5 أسر فلسطينية من عائلة الشلالدة التي هجرها المستوطنون بالقوة مطلع الشهر الماضي من تجمع القانوب شمال شرق الخليل، بلا مأوى أو طعام على أمل العودة إلى ديارهم وأراضيهم التي طردوا منها.

وتعرضت المساكن هناك للهدم والحرق من قبل المستوطنين، كما سرقت أغنام الأهالي ومركباتهم، ويتعرضون لملاحقة متواصلة، ويصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة في هذه الأجواء الصعبة في برية سعير.

محمد عبد الرحيم الشلالده في العقد الثامن من العمر، يقول "هدموا المنازل وحرقوها علينا وطردونا منها، وسرقوا طعامنا وطعام الأغنام، وقد جئنا على برية سعير، ولا يوجد ما يأوينا، وننتظر لنعود".

وتابع، "أيام عصيبة مرت علينا في هذه الحرب على وجودنا، لم أرها طوال عمري الحافل بالذكريات الأليمة جراء الاحتلال الإسرائيلي الذي يطاردنا على مدار عقود من الزمن، ليسيطر على المزيد من أراضينا التي لم يتبق منها الكثير".

ويسرد الشلالدة رحلة التهجير القسري التي حلت على 5 عائلات تضم 27 شخصا في تجمع القانوب إلى منطقة تسمى مراح الخادم في برية سعير شمال شرق الخليل.

وأوضح أن "المستوطنين مع بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة كانوا يداهمون البيوت والمساكن ويعيثون خرابا تحت تهديد السلاح بشكل يومي ليلا ونهارا على مدار 22 يوما قبل إجبارنا على الرحيل عنوة للنجاة بأنفسنا بعد محاولات متواصلة لإطلاق النار علينا، وترويع الأطفال والنساء، وتهديدهم بالقتل والحرق".

أحد رعاة الأغنام قاسم نعيم الشلالدة الذي هجر هو الآخر مع 5 من أطفاله، كشف عن ليلة التهجير القاسية، بعد مهاجمتهم من قبل عشرات المستوطنين من مستوطنة "متساد" المقامة على أراضيهم، في اليوم الثاني من الشهر الماضي، وقاموا بإحراق بيوتهم، ومصادرة خيامهم وبيوت الشعر، وسرقة 150 رأسا من الغنم، ونحو عشرة آلاف دينار أردني، وكذلك سرقة المونة ومخزون الأغنام من الطعام.

وبين أنه اضطر للنوم مع عائلته بعيدا عن منزله في تلك الليلة، خوفا من إحراق المنزل على الأطفال، وبقي يحرس زوجته وأطفاله ليتفاجأ بالهجوم العنيف الذي تخلله عمليات حرق وتهديد بالقتل، وإطلاق الرصاص على الأغنام.

وقال "بعد الهجوم العنيف، التقى الأهالي ليكملوا يومهم في واد قريب، بعيدا عن المستوطنين المتعطشين للقتل والدمار، وخوفا على الأهالي قررنا التوجه إلى برية سعير مشيا على الأقدام، تاركين خلفنا كل ما نملك من بيوت ومركبات، ومحاصيلنا الزراعية كلها أصبحت هدفا للمستوطنين هناك".

وأضاف بحسرة، "حتى الأغنام التي هجرت معنا لم تسلم منهم، أطلقوا الرصاص عليها وقتلوا بعضها"، ليستقر الحال بهذه العائلات في منطقة مراح الخادم، حيث لا مراعي لأغنامهم، ولا ماء أو مأوى يقيهم برد الشتاء، ما يزيد من معاناتهم الممتدة على مدار عقود.

إحدى سيدات العائلة تبحث عن بعض الحطب في المنطقة التي لا تعرف تفاصيلها، لتوقد النار وتعد طعاما لأطفالها، بعد أن سرقت مونتهم من قبل المستوطنين.

وأوضح شلالدة، أن إحضار الطعام بات صعبا فالاحتلال يغلق الكثير من الطرق بين التجمعات والقرى، وكذلك المياه، حيث نضطر لجلبها من آبار في المنطقة لتلبية احتياجات العائلة.

إلى ذلك أشار الناشط في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عناد أبو هواش، إلى أن حجم الاعتداءات من قبل المستوطنين غير مسبوق، إنهم يهاجمون وهم مقنعون وبعضهم يلبس لباس جنود الاحتلال الإسرائيلي، مستغلين حالة الطوارئ التي أعلنتها حكومة الاحتلال لممارسة المزيد من عمليات القتل والتخريب وطرد الفلسطينيين من أراضيهم بهدف السيطرة عليها لصالح الاستيطان ومخططاته التهويدية.

وأوضح، أن المركز وثق ارتفاعا ملحوظا لاعتداءات المستوطنين على مستوى الصفة الغربية المحتلة، تحديدا جنوبها في محافظتي الخليل وبيت لحم.

وأكد أن عملية التهجير للفلسطينيين في تجمع القانوب بدأت في اليوم الثالث من العدوان الهمجي على قطاع غزة، حيث تم إجبار الفلسطيني محمد عبد الفتاح الشلالدة على ترك أرضه بعد إحراق الخيام والمساكن التي تأوي عائلته، وسرقة أغنامه، وتخريب ألواح الطاقة الشمسية لديه.

ومع بداية الشهر الماضي قام المستوطنون بتنفيذ خطتهم لإخلاء هذا التجمع عنوة، ليكون التجمع الثالث الذي يتم تهجير الفلسطينيين منه بعد تجمعي زنوتا والرامين جنوب الخليل.

وقال، نعمل بالشراكة مع مؤسسات حقوقية ودولية لتوثيق كل هذه الانتهاكات لمتابعتها قانونيا ودوليا، موضحا أن الاحتلال الذي أعلن حالة الحرب والطوارئ لا يستقبل شكاوى الفلسطينيين جراء اعتداءات المستوطنين من تهديد بالقتل والحرق وسرقة الأموال والأغنام والاعتداء على الأراضي والممتلكات.

وناشد الأهالي المهجرون كل المؤسسات الدولية والحقوقية للتدخل ووقف معاناتهم التي تفاقمت بعد إجبارهم للرحيل عن قريتهم التي تتميز بسعة أراضيها ووفرة المساحات الرعوية.

كما طالبوا بتوفير المساكن والخيام لهم ولأطفالهم بعد أن أصبحوا في العراء، خاصة بعد بدء فصل الشتاء الذي سيزيد من معاناتهم.


تنويه.. يسمح الاقتباس وإعادة النشر بشرط ذكر المصدر (صحيفة أخبار الأردن الإلكترونية).