الرداد يكتب: خيارات الأردن لمواجهة التهديدات من الجنوب السوري

{title}
أخبار الأردن -

عمر الرداد

 

لعل أهم ما يميز المواجهات التي جرت بين القوات المسلحة الأردنية على الحدود الشمالية مع تنظيمات مسلحة قادمة من أراضي الشقيقة سورية، انها كانت اكثر من اشتباكات وأقل من حرب، ثم أنها تقدم إجابات غير مشفرة، ولا تستخدم كلمات مخاتلة، وتغلق الأبواب أمام طرح مزيد من التساؤلات، لا يستبعد معها ان تغلق ملفات وتفتح اخرى جديدة، تلغي رهانات وتوقف تفاعلات مع قرارات ووعود، طالما قدمتها القيادة السورية للأردن، وبعيدا عن الانفعالات ومقاربات الفعل ورد الفعل، فإن المواجهات التي جرت تؤكد ان الاردن امام تحولات نوعية في مستويات التهديد للأمن الوطني، في أبعادها العملياتية وسياقاتها الاقليمية، تطرح تساؤلات حول الخطوات الاردنية المتوقعة لمواجهة هذا التهديد.
 
واضح ان ما جرى لم يكن مجرد اشتباك مع عصابة تهدف لتهريب مخدرات واسلحة، بل انه جزء من مخطط اكبر يهدف لتحويل الأردن الى "دولة كبتاغون" وبصورة مماثلة ل"دولة الكبتاغون" التي تم إنشاؤها في سوريا، تقف وراءه مليشيات منظمة ومدربة يديرها الحرس الثوري الايراني، بعد سيطرته على مناطق الجنوب السوري، وهو ما يفسر حجم القوة التي حاولت الدخول للأردن ونوعيات الأسلحة التي حاولت هذه المليشيات ادخالها، وهو ما يؤكد حقيقة ان الخط البياني لهذه المحاولات في تصاعد بالمستوى الكمي والنوعي وعلى مستوى الاساليب، فالهجوم بمجموعة مكونة من اكثر من "200" عنصر وفتح معركة استمرت "14" ساعة، يعني تنوع أساليب هذه المليشيات وإصرارها على على تنفيذ مخططات مشغليها.
 
ومن المؤكد ان هذا التصعيد يرتبط بالتطورات الاقليمية وتحديدا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فقد اصبح مقبولا اليوم ربط اي تحركات في المنطقة بعنوان "دعم المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني" وخلافا لما يتم الترويج له بأن الأسلحة التي حاولت المليشيات إدخالها للأردن كانت لدعم المقاومة الفلسطينية في الداخل الفلسطيني، فإن تسريبات " ربما لا يرغب المستوى الأمني والسياسي بالكشف عنها في هذه المرحلة" تؤكد انها كانت في طريقها لعناوين في الاردن، تمهيدا لاستخدامها وفقا لأجندات المشغلين لهذه المليشيات، لا سيما وان جهود تهريب اسلحة من سوريا للأردن سابقة للحرب القائمة في غزة، كما ان المواجهات في الداخل الأردني مع شبكات تتعاون مع هذه المليشيات لم تتوقف.
 
ليس امام الاردن الا مواصلة المواجهة مع هذه المليشيات، بما في ذلك شبكاتها الموجودة بالاردن، أساليب وتكتيكات يقررها المستويان الأمني والعسكري، ومن المؤكد انها ستنتقل لبحث خيارات كثيرة ، من بينها التحول من أساليب مواجهة عصابات مخدرات البى الأساليب والتكتيكات الخاصة بمواجهة مليشيات ارهابية، وهو ما يعني الذهاب "امنيا" لمراكز قيادة هذه المليشيات في قواعدها، وابقاء خيار إنشاء مناطق آمنة مطروحا في حال ازدياد محاولات التهريب.
 
وعلى المستوى السياسي فمن المؤكد ان الاردن سيبقى الباب مفتوحا أمام "قنوات سرية" تبحث مع قيادات ايرانية وسورية الادوار والدعم الرسمي لهذه المليشيات، وهو ما سيضع حدا لرهانات اردنية طالما تم ترديدها بان هناك تيارا في القيادة السورية يمكن ان يتخذ اجراءات ضد المليشيات واستهدافها للأمن الوطني الاردني، ولأنه بات ثابتا ان هذه المليشيات ترتبط بشبكات عابرة في الاردن ودول الخليج، فإن تعاونا أمنيا وعسكريا بين الأردن ودول الخليج المستهدفة لم يعد ترفا ،بل اصبح ضرورة، فهذه المليشيات بدات بالمخدرات وسرعان ما انتقلت لمحاولات تهريب اسلحة متنوعة، باستخدام طائرات مسيرة، ربما تتطور باستخدام أنواع جديدة من المسيرات بحمولات اكبر وتصل لمسافات أبعد.
تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير