الاخبار العاجلة
لغة ملكية لا تقبل التأويل.. وهذه دلالات زيارة المقدسيين إلى عمان

لغة "ملكية" لا تقبل التأويل.. وهذه دلالات زيارة "المقدسيين" إلى عمان

العين عبدالحكيم محمود الهندي

"لا تراجع عن مواقفنا، وسنعمل بقوة وبصوت عال من أجلها" .. هذه جملة مختصرة قالها جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، وبحضور ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، خلال اللقاء بقيادات دينية مقدسية وأردنية في قصر الحسينية، حينما تحدث جلالته عن الموقف الأردني من العدوان المستمر من قبل جيش الاحتلال على الأهل في غزة وفي الضفة الغربية.

ولربما، بل من المؤكد أن الأخوة الفلسطينيين لمسوا، وعن قرب، موقف جلالة الملك شخصياً من قضية المقدسات في القدس العزيزة، فهي المدينة التي وصفها جلالته من على منبر مجلس الأمة الأردني خلال خطاب العرش، ومع بداية تفجر العدوان على غزة وأهلها، بأنها تاج القضية الفلسطينية، وعليه، فإن جلالته يؤكد مرة أخرى تمسك الهاشميين بالوصاية على المقدسات، فهي الأمانة المتوارثة عبر الأجيال من الملوك الهواشم، ولا بد وأن تصان هذه الأمانة الأغلى بالمهج والأرواح، وهذا ولا شك سبب وجيه ليختار رجال الدين المقدسيين عمان للزيارة، فهم يريدون أن يشعروا بالأمان والاطمئنان بأن مقدسات "تاج فلسطين" بخير، ولن يمسها سوء طالما أن راعيها والوصي عليها في عمان يؤكد، ودائماً بأنها قضية أولى بالنسبة إليها، كما هو الأردن "أولاً".

وغير هذا، فإن الدلالة الأقوى التي تحملها هذه الرسالة، هي الإيمان المطلق لدى الأهل في فلسطين، كل فلسطين، بأن الأردن هو العمق الأكثر أماناً لهم كما كان على مدار عشرات السنين، فهذا الشعور الفلسطيني لن تغيره رياح السياسة مهما كانت ومهما تشعبت، فهم كما أهل الأرض في الأردن، وذاك القول بأن الأردن وفلسطين بلد واحد، هو شعور يسكن في روح الأردنيين والفلسطينيين، وهو الواقع الذي يثبت يوماً بعد يوم، فأنّات ألم فلسطين تسمعها في الأردن، وآهات أهل غزة تدوي في شوارع وأزقة وبيوت ومحافظات ومدن وقرى وأرياف الأردن.

في القضية الفلسطينية، وعلى مر التاريخ، لم يبِع الأردن "الوهم" لأحد، ولم يركب موجة الشعارات والشعبويات، بل كان واقعياً وواضحاً وصريحاً، ويذهب دائما الى البحث عن الحلول لا "الأوهام"، وعليه فإن الموقف الأردني امتاز بالثبات وبلغة واحدة وخطاب واحد، وهو ما يكرره الآن وفي هذه المرحلة التاريخية الهامة التي تمر بها القضية الفلسطينية وليس غزة وحدها فحسب، فما زالت عمان تصر على أن الحل يكمن بوقف إطلاق النار فوراً والعودة الى طاولات المفاوضات بين الطرفين، وتحت مظلة فلسطينية واحدة تجمع كل أطياف الشعب الفلسطيني وأقطاب العمل السياسي على الساحة الفلسطينية، وهذا يعني طي صفحات الخلاف الفلسطيني – الفلسطيني، وجمع كل الأخوة تحت مظلة فلسطين فقط، ليكون الموقف الأقوى، والنتائج أفضل، ولعل هذه واحدة من العناوين العريضة التي يجب أن يتمسك بها الفلسطينيون حتى يتمكنوا من السير بثقة أكبر نحو تحقيق مُنجز الدولة، فالوحدة الفلسطينية، وبدون أدنى شك، تشكل عامل قوة للفلسطيني في مواجهة الإسرائيلي سواء على الأرض، أو على طاولة التفاوض.

وفي الوقت الذي ما زالت تتمسك به عمان بواقعية الحل الوحيدة لوقف شلال الدماء من خلال الاعتراف بالحق الفلسطيني وعدم التنكر لحلم هذا الشعب في دولة ناجزة قابلة للحياة والعيش بكرامة كما كل شعوب الأرض، فإنها، أي عمان، لا تنسى دورها في الواجب الإنساني تجاه الأهل في غزة وهم يرزحون تحت آلة القتل والدمار والاعتداء الوحشي، ففي الوقت الذي كان يلتقي فيه جلالة الملك عبدالله الثاني وولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله برجال الدين المقدسيين، كانت القوات المسلحة الأردنية الباسلة تنفذ، ومن خلال الأشاوس في سلاح الجو الملكي، إنزالاً سادساً للأدوية والمستلزمات الطبية للمستشفى الميداني الأردني في غزة حتى يتسنى للكوادر الطبية الأردنية هناك الاستمرار بواجبها تجاه الأشقاء من أهل غزة، ليطببوا جراحهم ويوفروا لهم العون الطبي.

لم يعد الموقف الأردني، وبأي حال من الأحوال، يحتاج لمزيدٍ من التوضيح والشرح، لكن، ومع كل هذا الأجرام الذي يجري بحق الأهل في غزة الصامدة الصابرة، فإن الصوت الأردني، وكما قال جلالة الملك عبدالله الثاني، سيبقى عالياً مدوياً حتى تتوقف آلة القتل والدمار، وهو حال سواعد الأردنيين التي ستبقى ممدودة للأهل هناك حتى يكتب لهم الله الخلاص، ولعله قريب إن شاء الله.


تنويه.. يسمح الاقتباس وإعادة النشر بشرط ذكر المصدر (صحيفة أخبار الأردن الإلكترونية).